خطف الكلاسيكو الإسباني بين برشلونة وريال مدريد أنظار العالم، وحبس أنفاس الملايين من مشجعي الفريقين. الكلاسيكو ليس موعدا رياضيا فقط، بل إنه مناسبة يستعرض فيها أقوى فريقين في العالم مهاراتهما، كما أنه موعد اقتصادي مهم، وواجهة حضارية لإسبانيا. بلغة الأرقام منح النادي الكتالوني مستضيف المباراة، 780 ترخيصا للصحفيين يمثلون 133 وسيلة إعلامية، ضمنها 16 وكالة أنباء و39 محطة تلفزيونية و4 إذاعات و74 صحيفة مكتوبة، وتابع المباراة عبر شاشة التلفزيون أزيد من 400 مليون مشاهد. وهي أرقام كافية لتؤكد حجم المتابعة التي يحظى بها «الكلاسيكو» والتي كسر من خلالها كل الأرقام. لعبة الأرقام ليست وحدها، التي تحضر في الكلاسيكو الإسباني، وتعطي لهذه المباراة قيمتها، بل هناك أيضا الرسائل التي يبعثها جمهور الفريقين داخل وخارج أرضية الملعب، واللاعبون. لقد جاء «الكلاسيكو» مثيرا خصوصا أن الفوز فيه كان يعني بالنسبة للريال حسم اللقب بنسبة مئوية كبيرة، وكسر احتكار البارصا للقب، وأيضا وضع حد لمسلسل طويل من الهزائم، أما بالنسبة للبارصا فإن الفوز كان يعني تقليص الفارق إلى نقطة، والدخول إلى الخط المستقيم بحثا عن لقب رابع على التوالي. جاءت المباراة صاخبة، وحاول جمهور البارصا بكل السبل دفع فريقه إلى تحقيق الفوز، فتصفيقاته وتشجيعاته لم تتوقف حتى وفريقه منهزم، ثم وهو يجد صعوبة في اختراق الدفاع الإسمنتي للفريق الملكي. أنهى الريال المباراة متفوقا في قلب ملعب نيو كامب، الذي لا يستسيغ جمهور البارصا أن يخسر فريقه فوق أرضيته، ومع ذلك تابعنا كيف أن المدرب غوارديولا هنأ مدرب الريال جوزي مورينيو على الفوز وعلى إحراز اللقب، وتابعنا أيضا لاعبي البارصا والريال وهم يتبادلون التهاني وشاهدنا جمهور البارصا وهو يصفق على لاعبي فريقه الذين ظلوا طيلة السنوات الأربع الأخيرة يمنحونه الفرجة والألقاب، ثم وهم يصفقون مهنئين الريال على فوزه بقلب نيوكامب. في خارج الملعب، نقلت الكاميرات كيف أن الجمهور غادر الملعب بسلاسة، قبل أن يشق طريقه بهدوء في وسط مدينة برشلونة، دون أن تحدث أية أعمال شغب، أو أن يتم تخريب الممتلكات العمومية احتجاجا على هزيمة البارصا الذي لا يقهر. الكلاسيكو كما أنه موعد كروي مهم، فهو محطة يمكن من خلالها استخلاص الكثير من الدروس، وهو فرصة ليتعلم منه الجميع، علما أن مباراة الديربي بين الرجاء والوداد على الأبواب، ومن حقنا أن نحلم بأن يكون لدينا جمهور مثلما يصنع الفرجة في المدرجات، نأمله أن يتعلم قبول النتائج كيفما كانت، فالكرة وسيلة للمتعة وليس للتخريب.