في ثاني مرة يتوجه فيها إلى مخاطبة الشعب الياباني منذ توليه منصب إمبراطور في العام 1989، أقر الإمبراطور أكيهيتو، البالغ من العمر 82 عاما، في رسالة مصورة إلى الأمة، بأنه يخشى من صعوبات قد يواجهها مستقبلا في أدائه مهامه بسبب تقدمه في السن وما يرافقه من تدهور صحته. وقال الإمبراطور في رسالته النادرة جدا والتي لم تزد مدتها عن 10 دقائق الاثنين الماضي: «لقد تجاوزت ال80 عاما، وما زالت صحتي جيدة. لكنني عندما أفكر في التدهور التدريجي لصحتي، أشعر بقلق من أنني قد أواجه صعوبة في أداء مهامي كرمز للدولة بكل طاقتي، كما كنت أفعل قبل اليوم». وبينما أعرب الإمبراطور عن أمله في أن يتمكن من الاستمرار في أداء مهامه كإمبراطور للبلاد بشكل مستقر وبلا انقطاع، فإنه ذكر كذلك بأن هناك إمكانية لإنشاء نظام وصاية على العرش، في حال كان الإمبراطور عاجزا عن أداء مهامه بسبب المرض. وكانت قنوات تلفزيونية يابانية قد ألمحت خلال الشهر الماضي إلى رغبة الإمبراطور في التخلي عن العرش، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ اليابان، علما بأن القوانين اليابانية لا تتضمن أحكاما تنظم عملية تسليم العرش لولي العهد قبل وفاة الإمبراطور. والمثير أن رسالة أكيهيتو المصورة تعد ثالث مرة يخاطب فيها إمبراطور ياباني شعبه منذ 1945. من جانبه، رد رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» على رسالة الإمبراطور بالقول إن الحكومة «سوف تناقش الموضوع بشكل مكثف». وأضاف في رسالة مصورة بثها التلفزيون الياباني الرسمي، قائلا: «نظرا لتقدم الإمبراطور في العمر وحجم مهامه الحالية المتعلقة بالمشاركة في الفعاليات العامة، أظن أن علينا أن نفكر في قلقه وأن ندرس بعناية ما يمكننا أن نقوم به تجاهه». وتقدم اليابان نموذجا سياسيا فريدا من نوعه، إذ رغم أن الإمبراطور يعتبر بالنسبة إلى شعبه إلها (بلغة بلاده يسمونه «تينُّو» التي تعني «سيد السماء»)، ورغم كونه قائدا للدولة ورمزا لها ولوحدة الشعب، حسب تعريف الدستور الياباني؛ إلا أنه لا صلاحيات فعلية له، حيث إن دوره لا يتعدى المستوى الرمزي. فاليابان تتبنى نظام الملكية الدستورية، حيث تمارس الحكومات المنتخبة ديمقراطيا مهام تسيير البلاد. وتتمثل المهمة الأساسية لإمبراطور اليابان في التوقيع على المعاهدات والقوانين، وكذا استقبال السفراء، وحضور الحفلات الرسمية، وتمثيل الدولة. ويعتبر أكيهيتو الإمبراطور رقم 125 لليابان، حيث استلم مهامه في العام 1989 في أعقاب وفاة والده هيروهيتو. وهو متزوج من الإمبراطورة ميتشيكو، ولديهما ثلاثة أبناء هم ولي العهد الأمير ناروهيتو، والأمير أكيشينو والأميرة ساياكو. وكان أكيهيتو أصلا ضد تقليص مهام الإمبراطور مثل والده هيروهيتو، إذ تبنى سياسة تحديث المؤسسة الإمبراطورية ذات التقاليد العريقة والصارمة في تولي العرش أو التنازل عليه. لكن يبدو أنه يعاني متاعب صحية جدية، إذ سبق له في العام 2003 أن خضع لعملية جراحية لإزالة سرطان البروستاتا، ثم عملية جراحية أخرى في العام 2012. وفي العام 2009 أعلنت وكالة القصر الإمبراطوري في اليابان عن إجراءات جديدة، تهدف إلى التخفيف من أعباء ومسؤوليات الإمبراطور، نظرا إلى تقدمه في السن. ويرى المتتبعون للشأن الياباني أنه في حال تخلى الإمبراطور الحالي عن العرش، من المتوقع أن يحل ابنه الأكبر ناروهيتو (56 عاما) مكانه.