بدأت مؤخرا بوادر انهيار الأنظمة الليبرالية في الظهور، إذ اعتبر العديد من المتتبعين للشأن الاقتصادي أن الأنظمة القائمة أصبحت اقل انفتاحا وحرية، واستجابة لمواطنيها، كما وجهوا أصابع الاتهام لمخترعي هذا الاسم، معتبرين أنه لا وجود لشيء اسمه الليبرالية، وأن هؤلاء لا يفهمون شيئا في الاقتصاد ولا الرأسمالية. وحسب رأي هؤلاء المتتبعين، فبعد أن كانت الليبرالية منتصرة قبل نحو ربع قرن من الآن، فقد أضحت على مشارف الانهيار، لتصبح القومية والسلطوية، تشكلان ركيزة أساسية، ناهيك عن غياب الليبرالية في المجتمعات العربية، من مصر إلى ليبيا، كما شهدت الليبرالية تراجعا في بلدان اتسمت بها من قبل مثل روسيا، هنغاريا، بولندا و الصين، حيث بدأت أشكال الاستبدادية في صعود. ويقول الكتاب روجر كوهين عن انهيار الليبرالية: "ماتت الليبرالية، أو أنها تتأرجح على الحبل بين الحياة والموت على الأقل. لقد أصبحت الآن تحت الحصار، من الداخل والخارج على حد سواء". ويضيف: "يبدو التهديد محيقاً بالمجتمعات الليبرالية الغربية من الداخل ومن الخارج على حد سواء. وربما تكون الليبرالية ضعيفة مثل صرخة في معركة، لكنه ليس هناك ما هو أكثر أهمية منها للكرامة واللياقة الإنسانيتين". أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد الأمريكية، "ستيفن والت"، فقد كتب في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي": " خلال التسعينيات، كان الكثير من الأشخاص الأذكياء والجديين يعتقدون أن الأنظمة السياسية الليبرالية ستكون موجة المستقبل وستشمل حتمًا معظم أنحاء العالم. هزمت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الديمقراطيون الفاشية ثم الشيوعية، وكان يفترض بهم أن يتركوا البشرية في "نهاية التاريخ". وزاد قائلا: "التفاؤل المتهور خلال التسعينيات أعطى وسيلة للشعور المتزايد بالتشاؤم حول النظام الليبرالي القائم". في حين كشف خبير الديمقراطية لاري دايموند، أن الديمقراطية تهاوت في 27 بلدًا بين عامي 2000 و2015، كما "أصبحت العديد من الأنظمة الاستبدادية القائمة حتى أقل انفتاحًا وشفافية". أما المنتدى الاقتصادي العالمي فقد حذر من الحكومات الاستبدادية القوية والحركات الأصولية المعادية لليبرالية، معتبرا أن هذه الأخيرة أصبحت مهددة من جانب مجموعة متنوعة من القوى. وحسب لاري دايموند دائما، فإن المجتمعات الليبرالية تعاني اليوم من ورطة لأنها عرضة للاختطاف من قبل الجماعات أو الأفراد الذين يستغلون الحريات ذاتها التي تقوم عليها المجتمعات الليبرالية.