علّقت صحيفة "الغارديان" على صفقة بريطانيا- رواندا لإرسال طالبي اللجوء السياسي في رحلة بدون عودة، بأنها وحشية وتظاهر ساخر لخدمة الذات. وقالت إن الخطة لن تعالج أزمة اللجوء في العالم. مشيرة إلى طموح وزيرة الداخلية بريتي باتيل إرسال طالبي اللجوء بعيدا عن الأراضي البريطانية حتى تصنع تاريخا، فقبل عامين طرحت شحن المهاجرين عبر القنال الإنكليزي إلى مراكز استيعاب اللاجئين من شمال أفريقيا إلى جنوب الأطلنطي. وفشلت هذه الأفكار؛ لأن الخطة غير إنسانية وغير عملية وباهظة الثمن. و"لكن باتيل لم تكن الشخص الذي يجعل الحقائق تقف أمام الفكرة الشريرة". وأعلنت وزيرة الداخلية يوم الخميس من عاصمة راوندا، كيغالي، أن الحكومة هناك وافقت على قبول ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا مقابل مساعدات تنموية بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني. وكان هذا تعبيرا عن نهج شامل، لأنه لا يتضمن معالجة طلبات اللجوء، بل عملية طرد، وبعيدا عن أي اعتراضات أخرى يحمل صورة الزمن الاستعماري. وأثارت الصحيفة أسئلة حول وصف رئيس الوزراء بوريس جونسون لرواندا بالبلد الدينامي والأكثر أمنا في العالم، مع أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت هذا الأسبوع إنه "بلد يعاني من مشاكل حقوق إنسان" يضم السجن التعسفي والقتل والتغييب القسري وظروف سجن قاسية تهدد الحياة. وفشلت سياسة مشابهة لرواند أدارتها إسرائيل عام 2017 عندما لم يبق سوى تسعة مرحلين هناك من بين 4.000 شخص. ولا يعرف إن كان المثال الأخير لإدمان باتيل على سياسة الأداء الوحشي سيطبق فعلا ناهيك عن حدوثه أو فعاليته على قاعدة واسعة. وتعتقد الصحيفة أن هناك دوافع ذاتية لإعلان الخميس إضافة إلى جوهره القاسي. فرئيس الوزراء جونسون يعاني من تراجع شعبيته بعد تغريم الشرطة له على مشاركته في حفلات بمقر الحكومة أثناء فترة الإغلاق لمكافحة كوفيد-19، وتهمة خرقه للقانون الذي فرضه على بقية المواطنين. ويواجه حزبه خسارة محتملة في انتخابات المجالس البلدية الشهر المقبل. وهناك فرص لعقد جلسة لسحب الثقة منه في البرلمان. وبالنسبة لرئيس الوزراء، فعنوان رئيسي في الصحف عن مبادرة لملاحقة المهاجرين تقدم له فرصة لحرف الأنظار عن مشاكله، علاوة على تعبئة القطاعات المعادية للمهاجرين قبل الانتخابات المحلية، ووضع الضغوط على النواب واللوردات الذين يواصلون عرقلة تغييرات في قانون اللجوء في مشروع قانون الحدود والهجرة. وتعترف الصحيفة أن عملية تهريب المهاجرين عبر القنال الإنكليزي وحشية وغير إنسانية ويجب السيطرة عليها بطريقة فعالة. ولا شك في أن عدد طالبي اللجوء سيزداد مع تغير الطقس من الربيع إلى الصيف، ففي عام 2021 وصل أكثر من 28.500 طالب لجوء، وتتوقع وزارة الداخلية عددا مضاعفا هذا العام. ولكن الجواب على هذا التحدي لا يكون بالطلب من الجيش الاستيلاء على قوارب المهاجرين وحشرهم في الطائرات وإرسالهم إلى شرق أفريقيا وتناسي مصيرهم. وترى الصحيفة أن هذا النهج غير مقبول لعدة أسباب، فهو مكلف وغير إنساني ويتناقض مع تاريخ البلد والتزامه بحماية اللاجئين، وغير قانوني ولن يكون الرادع الذي تأمل به باتيل. كما يعد إجراء عنصريا، فمن غير المحتمل أن يتم نقل طالبي اللجوء الأوكرانيين في بريطانيا إلى راوندا. ولا يحظى النهج بدعم شعبي كما يبدو، ففي استطلاع سريع يوم الخميس، أظهر أن غالبية الناخبين يعارضون الخطة. وترى الصحيفة أن الجواب على هذه المسألة ليس ترحيل المهاجرين إلى بلد بعيد، بل تبني نهج براغماتي وعادل. ويجب العمل مع فرنسا والجيران في أوروبا من أجل التعامل مع طلبات اللجوء بطريقة منصفة، وعقد صفقات لترحيل من تُرفض طلباتهم. وهذه الحكومة لا تريد على ما يبدو عمل ذلك. والحقيقة المرة هي أن جونسون وباتيل يفضلان إثارة شغب حول طالبي اللجوء بدلا من الانضمام إلى بقية الدول والجمعيات الخيرية لمعالجة القضايا العالمية والإنسانية والإجرامية التي تتسبب بمعاناة كبيرة.