دخلت كل من النقابة الوطنية للصحافة والمجلس الوطني للصحافة، على خط الانتقادات وموجة الغضب العارمة التي تسببتها فيها تغطية بعض المواقع لحادثة سقوط الطفل ريان داخل بئر بجماعة تموروت بإقليم شفشاون. وأجمعتا الهيئتان على أن هذه التغطيات شابتها العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية، مشددا على أن التغطيات في ظل الأزمات والفواجع "لا يمكن أن تتحول، بأي حال من الأحوال، إلى مجال للربح المادي والإثارة الرخيصة، لزيادة عدد المشاهدات وغيرها من أساليب المتاجرة في المآسي الإنسانية. وعدد المجلس الوطني للصحافة في بلاغ له نماذج من الخروقات التي وقعت فيها بعض المنابر الإعلامية من قبيل، تصوير الطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، في وضعية إنسانية صعبة، واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة إنسانية غير طبيعية، جراء التأثر بالحادث المتعلق بمصير حياة طفل قاصر، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية. وحسب بلاغ المجلس فإن بعض المنابر تعاملت مع المعلومات والمعطيات المتعلقة بعملية الإنقاذ، بشكل غير مهني، من خلال ترويج أخبار غير صحيحة، إلى طغيان الهاجس التجاري والتسويقي، دون التأكد من صدق المعلومات. كما رصد المجلس قيام بعض الصحف الإلكترونية باستجواب أسرة الطفل، وتصريحها "بشكل فاضح أن هذا التصوير سيرفع عدد المشاهدات"، بالإضافة إلى توظيف الوضع النفسي للأسرة، "بطرح أسئلة لا علاقة لها بقواعد الصحافة، في عمل تجاري بحت، مستغلة الارتباك والحزن الشديدين، والخوف لأفراد عائلة ريان وهم ينتظرون عملية نجاح إنقاذ ابنهم"، يقول البلاغ. ووجه المجلس دعوة إلى مختلف وسائل الإعلام، من أجل الالتزام بأخلاقيات المهنة ومبادئها النبيلة وقواعدها، منبها إلى أن تغطية الفواجع الإنسانية، تعتبر محكا رئيسيا لمدى احترام الصحافة لمسؤوليتها الاجتماعية، وحرصها على ألا تحول الفواجع إلى وسيلة للربح والارتزاق. وأكد المجلس في بلاغ له، "أنه بصدد ضبط مختلف الخروقات التي قد تستحق المتابعة التأديبية، لتفعيل ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، طبقا لما يسمح به القانون المحدث للمجلس ونظامه الداخلي ومسطرة التصدي التلقائي للانتهاكات". بدورها النقابة الوطنية للصحافة وقفت في بلاغ صادر عن مكتبها التنفيذي، عند بعض التغطيات الصحافية للعملية المذكورة والتي شابتها ممارسات فيها ضرب لأخلاقيات المهنة من جهة، و"توظيف يبتعد عن قيم التآزر والتضامن في مثل هذه الحالات، وهو توظيف يصل أحيانا إلى السماح ببث أنباء غير موثوق منها"، تقول النقابة. ودعت النقابة عموم المراسلين والصحافيين المتواجدين بمكان الحادثة، وكذا كل المواقع والمنابر المهنية، إلى التحلي بأخلاقيات المهنية التي تفرض التثبت من الخبر قبل إعلانه، والابتعاد عن العناوين والجمل التي تحفل بالإثارة. كما طالبتهم بانتقاء المحاورين ممن تتوفر فيهم الأهلية، والابتعاد عن محاورة وتصوير القاصرين. وذكرت النقابة بأن المغاربة اليوم أمام "لحظة وطنية وإنسانية تتطلب أن يكون الهم الأساس لنا جميعا هو إنقاذ الطفل ريان، وإمداد الرأي العام بالمعلومة الموثوقة، وبالتالي فإن السقوط في فخ البحث عن الإثارة على حساب الحقيقة يسيء لنبل المهنة وقيمها". من جهة أخرى نوهت النقابة الوطنية للصحافة بالعمل الذي تقوم به مواقع وصحافيون آثروا الانحياز إلى أخلاقيات المهنة، وإلى الاحترافية في النقل والأخبار والتعليق وانتقاء المحاورين بغية النقل الأمين لما يقع بدوار إغران.