تمكن مجموعة من الشباب الذي تتراوح أعمارهم مابين 18 سنة و22 سنة من ترأس مجموعة من الجماعات الترابية ببلادنا، بعد نجاحهم في الانتخابات الجماعية ليوم 8 شتنبر. انتخاب كل من إلهام بلكاس في سن 18 رئيسة لجماعة سيدي الذهبي دائرة بن احمد الشمالية بإقليمسطات،و الطالبة نورة تحوسة، البالغة من العمر 19 سنة، رئيسة جماعة سيدي بورجا، في إقليمتارودانت بالإضافة إلى أمينة بجار ذات 22 سنة رئيسة لجماعة أزكور،أثار الكثير من الجدل بالمشهد السياسي بلادنا، حيث تساءل عدد من السياسيين و المواطنين المغاربة عن الإمكانيات و الكفاءة والخبرة السياسية التي يتوفر عليها هؤلاء الشباب في عمر الزهور والتي تسمح لهم بتدبير شؤون الساكنة و تحقيق متطلباتهم بالرغم من عدم اكتسابهم خبرة سياسية كبيرة. عبد الرحيم العلام أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي، بجامعة القاضي عياض،اعتبر أنه لا يمكن أن نقف أمام شباب لديهم طموح سياسي لأنه ليس لدينا دليل مادي يؤكد على أن الشباب في سن 18 سنة أو أكثر ليسوا أهلا لأن يكونو بقدر المسؤولية، مشيرا إلى أن التاريخ فيه نماذج من شباب في أعمار 18 و19 سنة حققوا أشياء لم يحققها كبار السن. وأشار العلام إلى أن العديد من الشباب بالرغم من صغر سنهم يمكن أن يخلقوا استثناءات أو طفرات أو يتميزوا بإمكانات لا يتميز بها آخرون ويخلقو الاستثناء في المشهد السياسي ببلادنا. وأفاد العلام في تصريح ل "نون بريس" أنه وبغض النظر على هذه الاستثناءات، من الطبيعي جدا أن تدبير المؤسسات من اللازم أن يكون صاحبه لديه تجريبة، لذلك لاحظنا في دول ديمقراطية كالولايات المتحدة لا يمكن أن يترشح للرئاسة بها إلا من تجاوز سنه 30 سنة ولايمكن أن يترشح للبرلمان الا من تجاوز سنا محددة بالإضافة إلى أن سن الترشح يرتفع أكثر في مجلس الشيوخ، وهو ما يوضح أن المفروض هنا أن القانون يتدخل من أجل تحديد السن الملائم للترشح حسب معايير محددة . وأضاف العلام "نطمح مستقبلا بأن نفرض بدورنا في المغرب قانونا يحدد سنا معينا لتولي رئاسة المجالس الترابية بالمملكة". وتابع "اليوم لدينا الحق في سن 19 سنة ولكن ليس لدينا الحق في الترشح أن يتجاوز سنا معينة إذن ديمقراطيا لن يكون عيبا إذا تم تحديد سنا معينا للترشح لرئاسة المجالس الترابية لأنه اذا لم يتدخل القانون في هذا الشق من الممكن أن يتم تشويه تجربة الشباب. وأشار الأستاذ في القانون الدستوري والفكر السياسي، أن هناك تخوف كبير من أن بعض الشباب وخاصة الشابات يتم وضعهم في الواجهة لأن أقارب شخص معين ليس لديه شهادة ابتدائية أو ليس له مستوى تعليمي يسمح له بالترشح، يضع شخص آخر في الواجهة ولكن هو الذي يدبر الخطوات ويشرف على تسيير الأمور، لذلك هنا لابد من أن يتدخل القانون ويحدد عمر معين إما 25 أو أكثر أو أقل من أجل تولي مناصب رئاسات الجماعات. المحلل السياسي محمد شقير،علق بدوره على الموضوع قائلا "نفضل ترأس شباب بالرغم من صغر سنهم المجالس الترابية على أن يتم إسناد هذه المهمة لأميين". واعتبر شقير في تصريحه للموقع أن توجه شباب في مقتبل العمر للعمل السياسي مسألة مهمة، لأن في جميع الديمقراطيات الحزبية و السياسية غالبا الشباب يلجون للسياسة في سن مبكر. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن ولوج السياسة في سن مبكر تكسب الفاعل تجربة كبيرة وتسمح له بالتعرف على المجال أكثر ويكون له الوقت الكافي من أجل تولي ولاية أو أكثر حيث قد ينجح في ولاية ويبعد في ولاية أخرى. وبخصوص الانتقادات الموجهة لهؤلاء الشبات الفائزات بتدبير الجماعات في سن مبكر، يرى شقير أن دخول الشباب إلى مؤسسة مشكلة "مجلس أو جماعة" به موظفين، حيث أن دوره سيكون مرتكزا فقط على تدبير الشأن في تلك الجماعات. وهو ما سيعطي وفق تعبيره " دم جديد للعمل السياسي" وفي نفس الوقت سيتناغم مع خطاب إدماج الشباب في المشهد السياسي، مشيرا إلى أن في المؤسسات سيظهر هناك تطابق مابين الخطاب والممارسة وهي مسألة تنعش الحياة السياسية وتنعشها، وفق تعبيره. واسترسل قائلا "بالإضافة إلى هذا لا ننسى أن فئة كبيرة من الهيئة الناخبة و التي انضافت 2 مليون من الناخبين الجدد، إذن كيف نقبل دخول ناخب جديد في سن 18 سنة ولا نقبل به كمنتخب. اذن هناك تناقض"، موضحا بالقول "كون هؤلاء الشباب يدخلون للجماعات كمنتخبين ويقومون بتسيرها لايمكن إلا أن تضيف حيوية للمشهد السياسي وتكون بمثابة إضافة للحياة السياسية وفي نفس الوقت ستطعم الأحزاب بأطر جديدة عندها تجريبة على اعتبار ان ذا الشاب سيأخد خبرة وتجربة ونصائح من الأشخاص السابقة". وبخصوص مدى توفر هؤلاء الشباب الذين سيترأسون الجماعات على كفاءات وقدرات سياسية تسمح لهم بتولي هذه المهمة، شدد شقير على أن التجربة تكتسب وتلقن، حيث يتم توجيه هؤلاء الشباب من طرف مؤطري الحزب أو الأعضاء السابقين بالحزب. وختم تصريحه قائلا كون شباب يترأسون جماعات مسألة مفرحة ويمكن أن تعود على الحياة السياسية بالتجديد وضح دماء جديدة في المشهد السياسي.غير أن مسالة كفائتهم من عدمها يرجع بالأساس لتأطير الاحزاب التي ينتمون لها وهل قامت بالفعل بتأطير أعضائها على العمل السياسي وعلى إدارة الشأن العام.