الوقت الحاضر يفرض على جميع الكفاءات مصغرة تتكون من فريق مصغر ومنسجم وجدي يجمع بين الكفاءة والارادة السياسية القوية تقوم بلورة مخطط تنموي لخروج من تداعيات الجائحة الاقتصادية و الاجتماعية ، عبر بلورة مخطط من البيئة المغربية و ترجمة هذا المخطط في اطار استراتجبة تنموية متكاملة. فسعد الدين العثماني رئيس الحكومة، فشل في تدبير حالة الطوارئ الصحية، وها هو يمارس سياسة الهروب إلى الأمام من خلال دعوة الأحزاب إلى اجتماع مشترك، محاولا بذلك التغطية على الفشل الذريع لفريقه الحكومي في إيجاد الحلول الحقيقية لتداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد المغربي. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا يمكن لعاقل لبيب أن يرهن مستقبل المغرب في أيادي السياسيين الفاشلين والأحزاب التي أهملت الكفاءات والطاقات الشابة ومنعتها من المساهمة في صنع مصير الأجيال الصاعدة. ولأن الوقائع أثبتت بالملموس فراغ الأحزاب من العقول المبدعة القادرة على طرح مشاريع جديدة تتناسب وطبيعة التحديات المستجدة، فإن ما يبدر عنها ليس إلا تلفيق اجتماعات تضليلية لتنظيمات متقادمة ومتجاوزة تحاول ركوب الموجة والمزايدة في خضم بلورة تصور للخروج من الجائحة والضائقة. فهل يعقل اليوم أن يعمل رؤساء الأحزاب الذين أثبتوا على مدى السنين فشلهم وانقضى رصيدهم على “المساهمة” في بلورة المشروع البديل؟ أكاد أجزم أن هذا الخطب الجلل (دعوة رئيس الحكومة لاجتماع الأحزاب) كفيل بتحويل ورش استراتيجي -يرهن مستقبل المغرب- إلى مسرحية هزلية حتما ستكون نهايتها تراجيديا دراماتيكية. ولأن الشيء بالشيء يذكر، لا بد لي من العودة إلى مقترحات الأحزاب التي طرحتها تصوّراً للنموذج التنموي البديل. لكي نتأكد أنه لا يمكن اعتبارها غير خربشات تشخيص انطلاقا من زاويتها، كما أنها تحاول تصوير أمانيها على كونها مقترحات ذات جودة مزعومة! فضلا عن ذلك، فإنه لا يمكن أن تكون عروض الأحزاب قوية بشأن تصوراتها للنموذج التنموي الجديد. لماذا؟ الجواب ببساطة ينحاز لكونها جميعا تفتقر في أدبياتها الحزبية إلى ما يسمى على الصعيد المقارن ب “الأطروحات الاقتصادية” التي تتطلب مراكمة سنوات من الاشتغال داخل مراكز حزبية متخصصة. إن وضع تصور من قيمة نموذج اقتصادي، يحتاج إلى مثقفين وخبراء وكفاءات متخصصة لها من الزاد العلمي والسياسي ما يكفي لتقديم استراتيجية مستقبلية متكاملة الأركان. وهذا ما لا تتوفر عليه المنظومة الحزبية المغربية التي تنتمي إلى زمن ما قبل الرقمنة والذكاء الاصطناعي. ولقد كشفت جائحة كورونا، على الخصوص، وجود هوة شاسعة بين مكونات المنظومة الحزبية المغربية وبين حسن سير المؤسسات الدستورية. حيث تاهت الحكومة والمعارضة عن لعب أدوارها كاملة في تكريس الديمقراطية، وطرح المشاريع البديلة، وغلب على ممثلي الأحزاب ظاهر التيهان وفقدان البوصلة وعدم القدرة على تأطير المجتمع الذي فقد الثقة في هذه المنظومة الحزبية. كل هذا، يؤكد الانطباع السائد بأن البنية المعطوبة للأحزاب ومن يدور في رحاها، منعتها من التكيف مع مستجدات الجائحة الوبائية، جراء عدم الوعي بتغيير عظيم شمل المبنى والمعنى، وكذلك عدم القدرة على إبداع حلول جديدة. و بمراعاة الحاصل المتمثل في عجز الدولة، على استخدام الوظيفة العمومية كآلية لخلق فرص الشغل في ظل معدل نمو ضعيف، سيفرض السؤال المركزي نفسه حول دور الدولة في خلق الشغل خاصة في القطاعات ذات التشغيلية العالية والمردودية الاقتصادية المحدودة، وهذا الدور أضعفته تداعيات كورونا الجائحة. مما يستدعي البحث عن جواب المرحلة القادمة الذي يظل حتى اللحظة شعارا دون مضمون؟ إن الإجراءات التي يتخذها سعد الدين العثماني رئيس الحكومة لمعالجة الأزمة الصحية غير كافية ولا تبشر بقدرة الحكومة على إخراج البلاد من الأزمة. لذا لا بد من حكومة انقاد وطني تتأسس على تضافر الجهود كل الطاقات و الكفاءات للتغلب على تداعيات الوباء التي لا يمكن أن تحجب أو تبرر أوجه القصور، ولا أن تمنع من تحديد المسؤوليات، وعلى رأسها أخطاء تدبير حالة الطوارئ الصحية التي فشلت فيها حكومة العثماني، و التي أضعفت دور الدولة بشكل خطير في حماية صحة المواطنين واقتصاد المغرب. ولأن المناسبة شرط، فها هنا نتساءل حول دور رئيس مجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي من المفروض أنه يعبر عن مؤسسة دستورية تتشكل إلى جانب الرئيس الذي يعين بظهير شريف، من 105 عضوا موزعين على خمس فئات. فالمفترض في رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن يكون له تصور علمي عملي حول كيفية التغلب على تداعيات الأزمة حكومة الانقاد تتشكل من خبراء و كفاءات لتدبير المرحلة المقبلة التي تفرض أسلوبا جديدا في الحكامة الذكية و جميع القطاعات يجمع اصحابها على مفهوم الانقاد من السياحة الي الصحة الي الشغل الي التعليم… و هذا ما يتطلب روح حكومية جديدة اساسها روح عالية من المواطنة و أشخاص ذوي قدرات اشتشرافية فنحن اليوم في امس الحاجة لمن يفكر و ينجز و ليس لم لمن يمهتن التكيتيك السياسية و المزايدات الفراغة و هذا ما يفرض على سعد الدين العثماني التحلي بالوطنية الصادقة و تغليب مصلحة الوطن على المنفعة الحزبية الذاتية و تقديم استقلالته من اجل فسح المجال اما تشكيل حكومة إنقاذ و تخفيف العبء السياسي علي المغربيات و المغاربة. فجائحة جائحة كورونا شكلت هزة للنظام العالمي، و اظهرت حجم الاختلالات في المنظومة الاقتصادية، و اضحى الحديث عن تراجع دور الولايات المتحدةة و بروز قوى اخرى على راسها الصين كقوة اقتصادية، يتعاظم نفودها، على المستوى الجيواستراتحي خاصة بافريقيا التي ستشهد تجاذبات والصراعات على النفوذ. هذا الوضع يسألنا عن تداعياته على الاقتصاد الوطني، ما بعد كورونا، و سبل تجاوز الازمة؟. فعلاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي بوصفه شريكا استراتيجي للاتحاد الأوروبي، يتأثر بالنظر لكون لتراجع متوقع في حجم المبادلات التجارية، بسبب ما تعرفه القارة العجوز من تداعيات ازمة كورونا التي سترخي بظلالها على اقتصاد أوروبى بفعل ما اتخده إجراءات الاخترازية و المتمثلة في غلق الموانئ وتقليص حركة السفر. و البديل يمكن ان يكون جنوبا بالاتجاه نحو أفريقيا كمتنفس للاقتصاد الوطني، الامر الذي يفرض تطوير التبادل التجاري مع الدول الأفريقية التي تربطنا معها اتفاقيات شراكة. كسبيل لمواجهة ما سيعرفه الاقتصاد الوطني على المدى المنظور من معوقات هيكلية خصوصة على مستوى التوازنات المالية، وذلك بفعل ارتفاع مستوى الدين الخارجي واضطرار الكثير من المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى تسريح العمال وإحالة أعداد كبيرة إلى البطالة، مما يجعل الوضع معقدة جدا وصعب. لهذا فاننا بحاجة لتصورات للتصدي للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد، يكون بحس ابداعي يفرض التحرر من الغايات السياسوية اللحظة فالوضع يتطلب القطع مع التصوارات الكلاسيكية. هذا التصوير قد يجعل من أزمة كورونا فرصة لإعادة الاعتبار لدور الدولة الاجتماعي في القطاعات الاستراتيجية و الاجتماعية كالصحة والتعليم والسكن والنقل العمومي والأمن الغذائي عبر بلورة اختيارات الإستراتيجية للسياسات العمومية. بجعل القطاع العام يقوم بدوره في الاستجابة لحاجات كل الفئات الاجتماعية على أساس المساواة وتقديم الخدمات وعلى القطاع الخاص أن يساهم في تلك الجهود بحس وطني. وجعل من أزمة كرورنا فرصة لمعالجة هشاشة البنية التحتية الصحية و رفع من قدرتها، البشرية و اللجيستكية، و مادم اليوم هناك اجماع علي ضرورة القطع مع السياسات الفاشلة منذ عقود وتعزيز كفاءة استثمار مواردها في مجالات الصحة والهندسة والتكنولوجيا والخدمات المالية والصناعات والفلاحية. اننا مدعوين الي ضرورة تشجيع المنتج الوطني وتقليص الاستيراد وفتح آفاق أوسع نحو السوق الأفريقية، التي ستكون وجهة المغرب في السنوات القادمة لما تزخر به القارة من موارد طبيعية وبشرية. و للمغرب كل الامكانيات كي يلعب دورا طلائعيا، إذا ما احسن استغلال الفرصة ما بعد أزمة كورونا باسثمار اتفاقيات المغرب مع دول الأفريقية بطريقة فعالة، مع الانفتاح على سوق العربية و الآسيوية. بالنظر لموقعه الإستراتيجي، ليكون محورا تجاريا يربط بين مختلف الدول بتصدير منتجاتها الصناعية والتحويلية. لهذا ينبغي دعم مبادلاتها التجارية، خاصة في هذه الأزمة العالمية التي ستشهد انكماش حركة التجارة العالمية.