ي مقابلة حصرية مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون النّقاب عن خارطة طريقه للخروج من الأزمة السياسية التي تهز البلاد منذ عام. وقال تبون في المقابلة، إن كل مطالب الحراك الشعبي الجزائري تحققت تقريباً: "لم تكن هناك فترة رئاسية خامسة ولا تمديد للفترة الرئاسية الرابعة، ثم إن الرئيس استقال. علاوة على ذلك، رحل أبرز رموز النظام السابق، وأطلقت المعركة ضد أولئك الذين أنهكوا اقتصاد البلاد". وأضاف الرئيس الجزائري، الذي تولى الحكم في ال19 دجنبر الماضي، أن ما تم تخريبه في غضون عشرة أعوام، لا يمكن إصلاحه في شهرين، لكنه تعهد بجعل الإصلاحات السياسية أولوية بالنسبة له، وأكد أنه عازم على المضي قدما في إحداث تغيير جذري من أجل القطيعة مع الممارسات السيئة السابقة، وإضفاء صبغة أخلاقية على العمل السياسي وتغيير طريقة الحكم. وأوضح أن ذلك يبدأ من مراجعة الدستور التي تعد أولوية الأولويات بالنسبة له، مشيراً إلى أنه أعطى توجيهات محددة إلى مختصين تتعلق بموضوعي الهوية الوطنية والوحدة الوطنية، فيما تبقى كل المواضيع الأخرى قابلة للتفاوض. وأشار إلى أنه سيتم تقديم أول وثيقة إلى نحو 600 حزب وجمعية ونقابة وتعاونية، والذين سيكون لديهم شهر لمناقشة محتوى هذه الوثيقة، قبل أن تعود إلى لجنة الصياغة، ثم يتم تقديم النسخة النهائية إلى غرفتي البرلمان، قبل أن تطرح لاستفتاء شعبي عام، سيجرى في أقرب وقت ممكن، حتى يكون للبلاد دستورها بحول بداية فصل الصيف القادم على أبعد تقدير، بحسب عبد المجيد تبون. المافيا الماليةوتابع الرئيس الجزائري التوضيح أن مشروعه الثاني بعد الدستور، هو مشروع القانون الانتخابي والذي من شأنه أن يحسن المؤسسات المنتخبة، مشددا، في الوقت نفسه، على أن أنه يتعين على البرلمان الجزائري الجديد أن يلعب دوراً أكبر، ولذلك يجب أن يتمتع بالشرعية والمصداقية الكافيين. ويعد فصل المال عن السياسية، أحد الشروط الأساسية لتحقيق ذلك، وفق الرئيس الجزائري دائماً. ورداً على سؤال بخصوص "المافيا المالية" التي يقبع العديد من رموزها حالياً وراء القضبان، اعتبر الرئيس الجزائري أن الفساد وتراكم المال القذر لا يمكن وضع حد لهما بتلك السهولة، قائلا: "لقد تم قطع رأس المافيا ولكن ليس جسمها، حيث إن الأموال القذرة لا تزال متداولة، ولكن كل يوم نشهد مقاضاة مسؤولين جدد رجال أعمال مزيّفين". الذاكرة الاستعمارية من جهة أخرى، أشاد عبد المجيد تبون، مع نوع من الحذر، بجهود نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الرامية إلى إعادة فتح أرشيف "الذاكرة الاستعمارية" مع الجزائر، إذ أكد أنهما يتواصلان مع بعض بهذا الخصوص. ووصف الرئيس الجزائري نظيره الفرنسي بأنه "نزيه فكرياً وليست له علاقة بحقبة الاستعمار"، التي تسمم علاقة البلدين. وأضاف تبون أن "ماكرون يريد فعلاً حل هذه القضية الحساسة.. تارة يتم فهمه، وتارة أخرى يتعرض لهجمات حادة من بعض جماعات الضغط القوية جداً". واتّهم اللوبي المغربي بشكل خاص بالسعي لضرب العلاقات مع فرنسا والسعي للتدخل في ما تقوم به الجزائر. ومع ذلك، دعا تبون الدولة الفرنسية إلى القيام ب"خطوات ملموسة بشأن هذه الموضوع الحساس، تبدأ بالاعتراف بما حصل إبان حقبة الاستعمار ثم إدانته".