حُكي أنّ بُستانيّاً كان له بستانٌ يعتني بأشجارهِ كلّ يومٍ، يسقيها، ويقلّب التّربة حولها، ويقلّم أغصانها، ويقلع الأعشاب الضّارة المحيطة بها. نَمَتْ أشجار البستان وأثمرتْ، فتدلّتْ أغصانها، وذات مساءٍ مرّ بالبستان ثعلبٌ جائع، فرأى ثماره النّاضجة، وسال لعابه، واشتهى أن يأكل منها، لكن كيف يدخل البستان؟ وكيف يتسلّق هذا السّور العالي؟ بقي الثّعلب يدور حول السّور، حتّى وجد فتحةً في أسفله، فنفذ منها بصعوبة، وبدأ يأكل الفواكه حتّى انتفخ بطنه، ولمّا أراد الخروج لم يستطع، قال في نفسه:” أتمدّدُ هنا كالميّت، وعندما يجدني البستانيّ هكذا يرميني خارج السّور، فأهرب وأنجو، وجاء البستانيّ ليعمل كعادته، فرأى بعض الأغصان مكسّرةً، والقشور مبعثرةً، عرف أنّ أحداً تسلّل إلى البستان، فأخذ يبحث حتّى وجد ثعلباً ممدّداً على الأرض، بطنه منفوخ، وفمه مفتوح، وعيناه مغمضتان، فقال البستانيّ: نلتَ جزاءك أيّها الماكر، سأحضر فأساً، وأحفر لك قبراً، كي لا تنتشر رائحتك النّتنة، خاف الثّعلب فهرب واختبأ، وباتَ خائفاً، وعند الفجر خرج من الفتحة التي دخل منها، ثمّ التفت إلى البستان، وقال: ثمارك لذيذة، ومياهك عذبة، ولكنّي لم أستفد منك شيئاً، دخلت إليك جائعًا، وخرجت منك جائعاً، وكدت أن أدفن حيّاً.