أثار حديث رئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي، عن شراكة مصرية جديدة مع الإمارات بمنطقة قناة السويس بنسبة 51 بالمئة لهيئة قناة السويس، و49 بالمئة منها لشركة “موانئ دبي”؛ مخاوف مصريين من خسارة إحدى أهم روافد الدخل القومي وخضوعها لسيطرة أبوظبي. مدبولى، أكد الخميس، أن الشراكة تأتي لتنفيذ مشروعات بمنطقة شمال غرب خليج السويس، وأن الاستثمارات التي ستضخها “موانئ دبى” ، ستُعزّز تدفّقات الاستثمار الأجنبي بمصر، فيما قال رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش، إن دخول “موانئ دبى”، سيرفع التصنيف الاستثماري ويحفز كبريات الشركات العالمية للاستثمار بمصر. حديث المسؤلان المصريان الكبيران يبدو أنه لم يقنع المصريين الذين تحدث بعضهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خضوع مصري للإمارت في الوقت الذي خسرت فيه “موانئ دبي” أهم مواقعها بساحل غرب البحر الأحمر بجيبوتي، والصومال، ورفض السودان منح الشركة امتيازا بموانئها. وفي رفضه للقرار قال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية الدكتور محمد عزالدين، إن “السيسي وقع على بيع قناة السويس للإمارات بمسمي الشراكة”، مضيفا عبر “فيسبوك”: “السعودية أخذت (تيران وصنافير)، والكويت أخذت (قنتير) بالشرقية مهد النبي موسى، والإمارات أخذت قناة السويس، والبحرين قد تشتري الأهرامات، وغزة تأخذ (700 ك م) من سيناء، مشيرا إلى أن “هذا هو المخطط الذي تم الدفع بالسيسي لتنفيذه”. وشبه الكاتب الصحفي عماد أبوزيد تلك الحالة بما حدث لمصر من احتلال، قائلا: “بيع ياإسماعيل -الخديوي إسماعيل-“، مضيفا ب”فيسبوك”: “بعد شوية نبيع حصتنا بالقناة لسداد الديون؛ من يشتري؟ الشريك الصهيوني طبعا عن طريق وكيله الإمارات بعد فرض الرقابة الثنائية على الإقتصاد المصري أن يُعين وزيران من قِبل الدول الدائنة وهما السعودية والإمارات، خاتما بقوله “وسلم على أم الدنيا اللي أصبحت أضحوكة الدنيا”. وتدير “موانئ دبي” ميناء العين السخنة على خليج السويس بمصر، منذ عام 2008، وتمتلك 90 بالمئة من أسهم شركة تطوير الميناء، وذلك مقابل 670 مليون دولار، مع توسعة طاقة الميناء ل 2 مليون حاوية سنويا، إلا أن “موانئ دبي” لم تضيف شيئا لميناء السخنة، ووقع مرارا خلافات بين العاملين المصريين والشركة حول الأجور وظروف العمل. وفي تعليقه قال الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار، ل”عربي21″: “الإمارات حاليا ومن ضمنها موانئ دبي شريك في ملكية مصر؛ لهم اللحم وللمصريين العظم”. ويرى أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم أشرف دوابه، أن “اتجاه الإمارات الآن زيادة نفوذها بمصر؛ ولكن الخوف أن يكون ذلك لحساب الكيان الصهوني الذي تعمل أبوظبي لحسابه بشكل علني”. وأضاف دوابة ل”عربي21″، أن “الامارات يهمها مصلحتها الشخصية المرتبطة بالكيان الصهيوني، وأعتقد أن شراكة موانئ دبي تأتي ضمن سلسلة أحد أجزائها تحويل الكيان الصهيوني لمركز لتصدير الغاز بالعالم بديلا عن مصر وبتمويل إماراتي. وفي تعليقه على تلك الشراكة يرى الخبير الاقتصادي رضا عيسى، أن هناك أكثر من مفارقة في الحديث حول شراكة موانئ دبي مع هيئة قناة السوس، موضحا أن الأولى هي أن الإعلام المصري كعادته يضخم الانجازات حتى يقلبها لكوارث. وقال ل”عربي21”: إن “صياغة الإعلام للخبر تثير بلاشك المخاوف على شريان قناة السويس كونه إحدى أهم مرتكزات أمن مصر القومي، ولكن بالبحث في مصادر غير مصرية تكتشف أن ما يتم الحديث عنه هي مشروعات بغرب خليج السويس -منطقة العين السخة الاقتصادية- وليس محور القناة كاملا”. وأوضح أن “المفارقة الثانية: أن موانئ دبي موجودة بالفعل بميناء العين السخنة منذ عام 2008، وأن تلك المنطقة كان يسيطر على العمل بها رجال العمال أحمد عز، ومحمد أبوالعنين، ونجيب ساويرس، ودخلت أيضا إحدى الشركات الصينية للعمل بها”، مبينا أن الدولة تمنح المستثمرين هناك مميزات وتسهيلات كبيرة. وشكك عيسى، بنجاح موانئ دبي رغم أنها شركة عالمية محترفة، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية كانت قد بنت ميناء العين السخنة وتكلف ملايين الدولارات وأخذته موانئ دبي وعلى مدار 10 سنوات لم تنجح باستغلال طاقة الميناء وزيادة قدراته. وعلى الجانب الآخر، وبسؤال رئيس حزب الشعب الديمقراطي خالد فؤاد حافظ، هل يفرح المصريون بعقد قناة السويس وموانئ دبي العالمية أم يقلقون؟ قال إن “العالم تحكمة شركات متعددة الجنسيات وتحالفات دولية تسيطر علي ثروات العالم أجمع، كالبترول والغاز بكل دول الشرق الأوسط”. حافظ، أوضح ل”عربي21″، أنه “وبناء علي ماتقدم فإن عقد قناة السويس وموانئ دبي العالمية ليس مصدرا للقلق بل هو خطوة للأمام لاستغلال أمثل لثروات البلاد”. وقلل السياسي المصري من مخاوف الخبراء بقوله: “طالما كان لمصر النصيب الأكبر فإن القيادة بيد مصر، والأمن القومي للقناة تحت سيطرة الجيش بشكل كامل”، داعيا لانتظار ماستسفر عنه الاتفاقية من فوائد على الاقتصاد الذي يحتاج الاستثمارات المباشرة. وحول ما يثار من أن ذلك فيه بيع لقناة السويس للإمارات على غرار ما كان يتم اتهام الرئيس محمد مرسي به في 2013، من بيعها لقطر، قال حافظ: “بداية لم نطلع على تفاصيل العقد ومن ثم فكل ما يقال مجرد آراء شخصية تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، ولكن الثابت أننا أمام شراكة بالإدارة وليس بيعاً لقناة السويس”.