بدأ كل شيء هادئا وباعثا على السعادة، خمس صديقات حميمات، أنهين امتحانات الدورة الأولى من سنة التخرج، يوم الأربعاء 10 فبراير 2016، داخل أروقة أكاديمية الفنون التقليدية، التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني، ولأن المناسبة شرط، فقد اتفقن على تغيير الجو، بعد الأجواء المشحونة للامتحانات، وثقلها الباعث على الملل، وكذا التهييء المضني الذي واكب امتحانات السنة الثالثة النهائية، تخصص "الجلد"، بالأكاديمية، في انتظار التحضير لرسالة التخرج، وذلك وفق ما كشف عنه مصدر مقرب من الضحايا لموقع "نون بريس". فكان الاتفاق، هو التوجه صبيحة، أول أمس الخميس، إلى مدينة بوزنيقة، قصد الترويح عن النفس، وطلبا للاستجمام والترفيه، واستعادة الحيوية والنشاط، بعد مسار مليء بالجد والكد والاجتهاد. وحسب مصدرنا دائما، فكان لهن ذلك، وقصدن فضاء يؤمه عادة زوار المدينة، وتناولن طعام الغذاء في مكان راق ، يتبادلن أطراف الحديث، ويوزعن الابتسامات في وجوه بعضهن البعض، ويرسمن أحلاما وردية لمستقبل واعد بعد التخرج. لكن، حدث ما لم يكن بالحسبان، إذ أن القدر كان يرسم نهايتهن، وينسج أكفانهن في الغيب وهن لا يدرين. فأثناء العودة من بوزنيقة إلى الدارالبيضاء بين الساعة الثالثة والرابعة عصرا، ظلت الصديقات اللواتي يشكلن، منذ مدة طويلة، شبه تجمع عائلي متعاضد، كالجسد الواحد، حسب وصف مصدرنا الذي قال: " كانو بحال العائلة ماكيتفارقوش".ظلت الصديقات على مرحهن طوال المسافة الفاصلة بين الفضاء الذي تناولوا فيه وجبة الغذاء، والنقطة الكيلومترية حيث وقعت الحادثة المروعة، إذ أن السائقة وصاحبة السيارة "نورة" ارتكبت، في لحظة حماس زائد، خطأ عمرها، من خلال مغامرة غير محسوبة العواقب، عبر تجاوز معيب، أدى، في الأخير، إلى ارتطام قوي لسيارتها مع شاحنة من الوزن الثقيل، مما أسفر عن إصابة "نورة" بكسر مزدوج في الحوض، وكسور متفاوتة الخطورة على مستوى الأضلع، تجلت في انغراس بعضها في الرئة، وهي الناجية الوحيدة، لحد الآن، حيث لازالت ترقد في غرفة العناية الفائقة، بينما لقيت صديقاتها الأربع مصرعهن، وهن على التوالي: "فاطمة الزهراء"، "ابتسام"، "سميرة"، "مريم"، وجميعهن طالبات بنفس الأكاديمية، لا زلن في مقتبل العمر، فكلهن من مواليد 1993. الفتيات الضحايا، وفق ما صرح به مصدرنا، كن طموحات جدا، إذ كن يفكرن في تأسيس شركة بعد تخرجهن، غير أن طموحهن توقف في بوزنيقة. هذا، وكل هؤلاء الفتيات يتحدرن من مدينة الدارالبيضاء، ما عدا "سميرة" التي تتحدر من سطات، حيث كانت تعيش رفقة أخيها بالدارالبيضاء. إلى ذلك، أصيبت أسر الضحايا بصدمة قوية، بعيد تلقيها خبر مصرعهن، وهي التي كانت تأمل في أن ترى بناتها يبلغن مقاصدهن بنجاح، لكن، لا راد لقضاء الله. إنا لله وإنا إليه راجعون.