قال المحلل السياسي بلال التليدي، أخيرا صدرت الأحكام في حق معتقلي حراك الريف، وأدانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قائد الحراك محمد ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه بعشرين سنة، وصدرت في حق ثلاثة من النشطاء الآخرين خمس عشرة سنة، بينما أدين الآخرون بأحكام تتراوح ما بين عشر وخمس سنوات. و أضاف التليدي في مقال له ب"القدس العربي" رسالة الدولة واضحة، فهي من جهة، تحاول أن ترسخ ما حاولت المقاربة الأمنية أن ترسخه من مفهوم هيبة الدولة وضبط المجتمع، وتوجيه تهديد معلن عن مصير أي احتجاج مماثل. لكنها في الوقت ذاته، تحتفظ بجملة احتياطات وآليات يمكن أن تستعملها في عملية التفاوض، سواء من خلال التقاضي في درجاته الأخرى، أم من خلال تفعيل آلية العفو الملكي، التي توجد أكثر من مناسبة وفرصة لتفعيلها هذا الصيف لاسيما عند حلول عيد الأضحى المبارك. وتابع المحلل السياسي، المجتمع السياسي، أوعلى الأقل بعض الأحزاب الوطنية، قرأت الأحكام بنحو جد سلبي. وسواء تطلع البعض أن تكون الأحكام أكثر عدالة في درجات التقاضي الموالية، أو علق البعض الآخرعلى الأحكام واعتبرها قاسية، ولا تشجع على التهدئة والانفراج، أو اعتبرها البعض الآخرمغذية لأجواء الغموض والالتباس في المشهد السياسي، فإن القاسم المشترك في تعليقات هذا المجتمع، أن القوى الحية فيه، غير مطمئنة لمقاربة الدولة أو الجهات المؤثرة في قرارها، وتبدي القلق على تداعيات هذه لأحكام على السلم الاجتماعي وأيضا على الاستقرار السياسي. وو أوضح التليدي، أن للدولة رسالتها، فللجمهور، وبشكل خاص نشطاء الريف وعوائلهم رسائل مضادة، فالإضراب العام الذي ضرب مدن الريف غذاة الإعلان عن الأحكام، فضلا عن الوقفات الاحتجاجية في كل من الرباط والدار البيضاء، تؤكد بأن رسالة الدولة التقطت بشكل معاكس، وأن صيفا ساخنا ينتظر المنطقة، ولا يستبعد أن تتمدد الاحتجاجات في شكل حركة تضامن واسعة في المناطق المتاخمة وربما حتى البعيدة. و أكد المصدر ذاته، أن المشكلة في قراءة هذه الأحكام ودلالاتها، وبالأخص نتائجها، أنها أعادت الملف إلى النقطة التي حرصت الدولة على حرفها وتغيير اتجاهها. ففي المنطلق، اتجه الحراك لمخاصمة توجهات الدولة وسياساتها واختياراتها، ولم تكن الحكومة والأحزاب تأخذ أي وزن في مزاج حراك الريف، بل كانوا ينعتونها بنعوت قدحية توضح إلى أبعد مدى بأن مشكلتهم الأساس مع اختيارات الدولة، وليس مع السياسات العمومية التي تنتجها الحكومة أو ينتجها قطاع حكومي بعينه، فلطاما عبر نشطاء الريف أنهم لا يأبهون بمن يسمونهم ب«البيادق» و «الدكاكين السياسية» وأنهم يحاورون الدولة بشكل مباشر.