قال بلال التليدي، المحلل السياسي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، إن الدولة أقرت بمشروعية المطالب التي رفعها المحتجون في منطقة الريف، واعتبرت بأن الحراك سلمي، حتى أنه لم يعد هناك أحد داخل المغرب يشكك في مشروعية المطالب التي يرفعها الحراك السلمي. وانتقد التليدي، المقاربة الأمنية التي اعتمدها المغرب في تعامله مع الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الحسيمة ومدن أخرى بالشمال، والتي أسفرت عن اعتقال 22 متهما، إضافة إلى اعتقال قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، الذي تم اعتقاله اليوم الإثنين من أجل الاشتباه في ارتكابه جريمة عرقلة وتعطيل حرية العبادات، بحسب ما أفاد به الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف. وشدّد التليدي في تصريح لموقع "نون بريس" على أن "المقاربة الأمنية التي تم نهجها في التعامل مع احتجاجات الحسيمة، ستعقد الوضع في الريف ويمكن أن تنقل الحراك إلى مناطق مغربية أخرى وهذا ما نحذره منه" مضيفا أن" المغرب نجح في 2011 بلغة السياسة وبمقاربة السياسة وبلغة الإصلاحات، في أن يخلق لنفسه استثناء مقارنة مع الوضع العربي، فلا نريد منه أن يتنكر لدروسه السابقة وأن يسقط ما سقطت فيه الخيارات الأخرى التي لا زالت دولها تعاني لحد الآن مآسي من الصعب تجاوزها في الأفق المنظور"، يقول التليدي. وأوضح التليدي، أن اعتقال الزفزافي، جزء من مقاربة أمنية، مضيفا أن "هذه المقاربة الأمنية ستعقد الأوضاع في الريف وستبعث شرارة جديدة للحراك ويمكن أن يخرج الأمر عن طور التحكم، مما سيضر الاستقرار في المغرب" مشدّدا على أن " تداعيات هذا الحراك في مناطق متعددة ستكون غير مقدور على تحملها". وبحسب المتحدث ذاته، فإنه "لا زال هناك وقت ومساحة لإعمال مقاربة سياسية جديدة تعتمد على الإنصات والعقل والحكمة ليتم تجاوز هذا الإشكال الموجود في الريف". وأفاد القيادي في حزب العدالة والتنمية، أن لغة التصعيد تزايدت في الحسيمة من طرف كل من السلطات والمتظاهرين، مشيرا إلى أن تبني الدولة لمقاربة أمنية يسمح بوجود لحظة هدوء وحوار يمكن أن تكون فيها الحكمة والتعقل لحل هذا الإشكال. وقال التليدي إن "الإشكال الجوهري في الحسيمة هو أن الثورة الشعبية وصلت إلى درجة الطعن في مشروعية كل الوسطاء الموجودين سواء كانوا سياسيين أو مدنيين، فالدولة حينما غيرت من تكتيكها من التخوين والاتهام بالانفصال إلى لغة سياسية من خلال إرسال وفد من الوزراء إلى الحسيمة بدل أن تجلس إلى الحوار مع زعماء الحراك راحت تتحاور مع هؤلاء الوسطاء الذين تجاوزهم الحراك في حقيقة الأمر". وخلص التليدي بالقول "كان الممكن لو ذهب صوت العقل والحكمة بعيدا إلى الحوار المباشر مع قادة الحراك، لخفت اللغة التصعيدية قليلا" مبرزا أن الشعارات السياسية الكبيرة هي لا تعبر في الحقيقة عن الواقع بقدر ما تعبر عن غياب الحوار، وبالتالي فإنه في غياب الحوار والثقة فكل طرف يرفع شعارات مستحيلة من أجل يقنع الطرق الآخر للجلوس إلى طاولة الحوار، بحسب تعبير التليدي.