في 17 من أكتوبر سنة 1961 خرج عشرات الآلاف من المهاجرين الجزائريين بباريس في مظاهرات سلمية، للاحتجاج على قرار حاكم الشرطة موريس بابون الذي أصدر أوامره بمنع خروج الجزائريين في تظاهرات دعم الثورة في بلادهم. لكن الشرطة الفرنسية قمعت المظاهرات السلمية بشكل وحشي، ما أدى إلى مقتل وفقدان المئات وإصابة الآلاف، واعتقال نحو ثلاثين ألفا، تم ترحيل نحو عشرين ألفا منهم للجزائر، حيث وضعوا في المعتقلات. ووقعت مذبحة 17 من أكتوبر 1961 أثناء الثورة الجزائرية (1954–1962) بعد عودة شارل ديغول للسلطة أثناء أزمة ماي 1958حيث بدأت الشرطة الفرنسية تنتهج سياسة العنف تجاه الجزائريين المطالبين باستقلال بلادهم، وتولت منظمة الجيش السري مهمة القضاء على قيادات جبهة التحرير الوطني في فرنسا. في هذا اليوم المفجع توجه العمال الجزائريون مباشرة بعد خروجهم من مقرات العمل في حدود الساعة الخامسة إلى ساحة الأوبرا، التي اختيرت موقعاً للتجمع باعتبارها من الأماكن الاستراتيجية بباريس، وشارك في المظاهرات عشرات الآلاف من المتظاهرين طافوا 20 حياً من أحياء باريس المعروفة. وقامت الشرطة الفرنسية بسد كل المنافذ التي توصل إلى ساحة الأوبرا، ودخلت في صدام مع المتظاهرين، وعند ساعات متأخرة من مساء اليوم، أعطى بابون أوامر للشرطة بالتصدي لهذه التظاهرة، فصعدت قوات القمع من وتيرة العنف والبطش مستخدمة العصي والقنابل المسيلة للدموع والرصاص، فقتلت وجرحت العديد من المتظاهرين. وللتغطية عن فظاعة الجريمة ووحشيتها، لجأ بوليس القمع الفرنسي إلى الإلقاء بالمهاجرين الجزائريين أحياء في نهر "السين" وأعلنت السلطات الفرنسية آنذاك عن سقوط 200 ضحية، في حين أن عدد الضحايا فاق ال500 بين قتيل ومفقود، وامتدت حصيلة الاعتقالات لتشمل 7500 شخص من مختلف الشرائح زج بالعديد منهم بالسجون. وقد أوردت شهادات حية أن عشرات الجثث ظلت تطفو فوق نهر السين أياما عديدة بعد تلك الليلة السوداء، وعشرات أخرى اكتشفت في غابتي بولون وفانسون، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الجزائريين تم التخلص منهم رمياً من على متن الطائرات ليبتلعهم البحر. وتحدثت بعض المصادر – حسب بوابة المعرفة – عن أن عدد القتلى الجزائريين تجاوز 1500 قتيل مع واختفاء 800 شخص ألقي بهم في قنوات المياه القذرة وفي نهر السين والبحر بعد أن قيدتهم الشرطة وثبتت أرجلهم في كتل إسمنتية، كما جرح نحو 7 آلاف متظاهر ما زالوا حتى اليوم يعاني الأحياء منهم من مضاعفات. وبعد 57عاما، لا تزال فرنسا ترفض الاعتذار عن هذه المجزرة وغيرها، حتى أنها لم تقرّ بوجودها سوى مؤخراً فقط وسط تعتيم تاريخي، ما يثير تساؤلات عن انعكاس أحداث الحقبة الاستعمارية على العلاقات الفرنسية الجزائرية الحالية. وفي لقاء سابق على قناة الجزيرة قال الباحث في العلاقات الدولية زيدان خوليف، إن الشرطة الفرنسية التي أوكل إليها مهمة حفظ النظام هي من ارتكبت الجريمة، مشيرا إلى مواد التاريخ الموجودة في الأرشيف والتي لا يمكن الوصول إليها بقرار من الرئيس السابق فرانسوا ميتران، متسائلاً "لماذا ترفض فرنسا الإفراج عن الأرشيف المتصل بتلك الأحداث حتى اليوم؟". في المقابل، قال رئيس تحرير مجلة "مغرب مشرق" الفرنسية جون إيف مواسيرون إن تلك الفترة شهدت حالة توتر بين فرنسا والجزائريين، وإن العشرات من أفراد الشرطة تم اغتيالهم على الأراضي الفرنسية، موضحاً أن النقاشات التاريخية عندما توضع في خدمة السياسة، فإن الأمور تتعقد.