هل نمتلك حقا في المغرب طبقة برجوازية ؟ سؤال طرحته في صفحتي على فيسبوك فتباينت الإجابات, بين من استدعى النظرة الماركسية لربط المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية التي يعانيها المغاربة و محاولة تبرير ذلك بوجود هذه الطبقة و احتكارها لوسائل الانتاج, و بين من استدعى التصور التقليدي لدى العامة لكلمة "برجوازية" التي يقرنها المغاربة بالرفاهية و الرغد في العيش, فكل من ركب سيارة فاخرة أو ارتاد مقهى راقية فهو – حسب هذا التصور- برجوازي.. البرجوازية طبقة اجتماعية ظهرت في أواخر القرون الوسطى, و هي أعلى مستوى من الطبقة المتوسطة و يمكن أن تضم بالإضافة إلى أصحاب رؤوس الأموال الكبرى, أيضا الأطر الموظفة و المقاولين و التجار, و هي طبقة اجتماعية من طبقات كثيرة كالنبلاء و الأرستقراطية.. هذه الأخيرة تمتلك مميزات خاصة, فالمناصب فيها تنتقل بالوراثة و تملك سطلة القرار في المجتمع. أما البرجوازية فتعتمد على ما تستطيع تحقيقه في التجارة و هي ملكة رأس المال و خطوط الإنتاج.. حتى الآن, هذه أمور يمكن اسقاطها على تصوراتنا للواقع المغربي دون حصول أي تناقض.. لكن بمجرد المقارنة بين جذور البرجوازية الغربية و نظيرتها العربية, سنجد أن الأولى استفادت من ظروف استثنائية خلال نموها, حيث نشأت في ظلال الأنظمة الإقطاعية و من ثم تمردت عليها, كما ساهمت في الثورة الصناعية و استفادت من نتائجها.. هذا دون أن نغفل الدور السياسي الذي لعبته في المشهد الأوروبي, إذ عرف عليها منازعة النبلاء في السلطة و دفعهم إلى إلغاء الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها من خلال وضع أسس دولة القانون التي هي أنموذج الحكم اليوم في أمريكا الشمالية و أوروبا, و التي تقوم على المساواة و المواطنة و ربط المردودية بالعمل و الجهد المبذول من قبل الشخص. هذه كلها أمور لا نكاد نجدها عند جزء كبير من البرجوازية المغربية, بل و العربية ككل, لأنها و ببساطة لم تنشأ نتيجة تحولات مجتمعية, إنما نشأت في وضع اقتصادي ساده التغلغل الاستعماري, بالتالي يمكننا القول أن جزء مهم منها نشأ بفضل الاستعمار الذي سلمها مفاتيح الاقتصاد وقت خروجه لتتحكم بعد ذلك في مفاصل السوق و تتحتكر الثروة لصالحها.. فلا هي شكلت قاطرة التنمية و التقدم الصناعي, و لا هي نازعت النبلاء في سبيل تحقيق دولة القانون و تكافؤ الفرص. بل العكس هو الذي حصل, حيث يتسابق ممثلي تيار المال إلى مراكز السلطة و ينتجون قوانينا لا لتصب في مصلحة فئات عريضة من الشعب فيزداد الغني غنى.. و العكس صحيح عند الفقير.. و هكذا أصبحت لدينا نسخة مشوهة من البرجوازية..