قال المفكر حسن أوريد، نتفق أن مشاكل اللغة العربية ليس مقترنة بها،أو لصيقة، بل هي في عجز الناطقين بها عن رفع التحديات التي تطرحها الحياة العصرية، وللضغط الذي تمارسه مختلف تعابير اللهجات التي هي لغة الحياة كما يقال، وفي هيمنة اللغات العالمية، لغات العلم والتكنولجيا والاقتصاد والحداثة. و تساءل أوريد في كلمة له، أتناء تأطيره محاضرة نظمها الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فكيف أن أستعمل اللغة العربية كي أعبر عما يكتنف حياتي من أمور الحياة، بل حتى إذ أنتقل إلى المكتوب وأسعى أن أجد مقابلا بالعربية لما يَعرض لي من أمر من أمور الحياة الحديثة. و أضاف الناطق الرسمي بإسم القصر الملكي سابقا، لست أسلم من تَمحُّل ولا آمن من تعسف. تقع اللغة العربية تحت تحدي اللغات الغربية، في الحياة الخاصة والعامة، وبخاصة الإنجليزية والفرنسية وإلى حد ما الاسبانية، وهي لغات تفتح منادح الانغمار في العالم، والأخذ بأسباب التحديث، أو على الأقل مظاهره، وتتيح مجالا أوسع للتواصل، ومن ثمة للاعتراف. و أوضح أوريد، أنها أدوات تفتح سوانح الانغمار في ميدان الشغل، أو هي لغات الخبز كما يقال، وكيف أُلزم واحدا أن يتعلم العربية، أو يتعلم بها، إن لم تفتح له اللغة العربية منادح العمل فضلا عن أسباب الارتقاء الاجتماعي ؟ فللعوامل الذاتية حدود أمام مصالح الأشخاص وأرزاقهم وأوضاعهم. وصاحب الحاجة أعمى كما يقال، فكيف نُبصّر به، وقد أثقل عليه الضر وناء به الكَلّ وسُدت في وجهه الأسباب وأوصدت دونه الأبواب. و أوضح أوريد في كلمته، الواقع أن اللغة ليست شأنا موضوعيايمكن أن نتقارع فيه بالحجج. فهل نستطيع أن نقنع فرنسيا بالتخلي عن لغته لأن الإنجليزية أوسع مدى، وهل يستمع لنا البرتغالي لو دفعنا بالإسبانية عوضا عن لغته، وقل ذات الشيء عن البوليني لفائدة الروسية أو الألمانية، بل قل ذات الشيء عن لغات محدودة. وتابع المتحدث، كان على اللغة العربية أن تمر بفترة تمرد، وتنفض ثقل الماضي، وتفك الارتباط بالدين، وتعانق العصر. هو مسلك طبيعي أن تثور ضدالقدسية وتتخلص منها. تلك مرحلة ضرورية بله طبيعية، إلا أن ذلك لا يُعفي من مرحلة ثالثة، هي إعادة القدسية لها، هي احترام عبقريتها، فأي فائدة أن أُبقي على نبت من غير رُواء، وعلى صورة من غير روح. وتم أوريد كلامه بقوله، خصوم العربية ينطقون بجزء من الحقيقة، ودعاتها لا يمسكون الحقيقة المطلقة. تكتنف اللغة العربية صعوبات، ولا عيب في الجهر بها، تعترضها تحديات، لا يفيد التستر عنها، ولكنها في الوقت ذاته، تختزن تراثا غنيا يسعفها في الانبعاث، وتتضمن قدرة عجيبة على التطور والتكيف، وهو الأمر الذي يفترض محبتها أولا، وهو الشرط الأول، ولكنه غير كاف، وإتقانَها من لدن من يدافعون عنها، فيملكون ناصيتها، ويُسيرونها حيث يريدون لا حيث هي تريد، لأنها قد تستدرجهم بماضيها إلى الانفصال عن واقعهم. فليحافظوا عليها، وليرتقوا بها، ومن يدري، فقد تحافظ عليهم وترتقي بهم.