ألم تستغل الحركات والأحزاب السياسية الإسلامية الدين لرفع شعبيتها؟، ويختزلون المرأة في جسدها الذي يصلح فقط “لتفريخ الأطفال”، و”ناقصة العقل”، و”الضلعة العوجة”، وما الى ذللك من أحكام وأوصاف أتى عليها الدهر. كل العالم صفق للثورة الشبابية التونسية، واعتبرها كل المهتمين ثورة متميزة اذ لم تحمل أية اديولوجية سياسية أو فكرية، فهي ثورة شباب يحلم بالتغير وتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ثورة كانت بعيدة عن الشعارات الدينية والقومية رغم ان بعض “الحركات الإسلامية” حاولت استغلال النجاح الذي حققته هذه الحركة لفرض أجندتها وأفكارها على المجتمع والترويج لها. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا قاد شباب تونس ثورة مدنية أقرب ما تكون إلى ثورة علمانية، في حين أن الشباب المغربي لم يتمكن من ذلك؟. وهنا يبدو أن النظام التونسي الذي كثيرا ما وصف بمحاربة “الدين” والقومين العروبين، ساهم في نشر أفكار ومبادئ لا تستطيع أغلب الدول العربية حتى طرحها للنقاش. “الحبيب بورقيبة” الذي سن الحكم مدى الحياة وغير الدستور لهذا الغرض، وكرس الديكتاتورية والاستبداد بالحكم من طرفه، وأقصى الإسلاميين والقومين، بل واضطهدهم وزج بهم في السجون، هذا العمل يبدو ظاهريا غير مقبول، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا الاستبداد الذي وجه ضد الحركات، والأفكار الراديكالية كان احد العوامل الذي جعل ثورة تونس تتميز وتتوحد في مطالبها الى حد ما، فالأفكار العلمانية التي زرعها بورقيبة في المجتمع التونسي وكرسها خلفه بن علي، ساهمت في بلورة مجتمع مدني، وهذا إن كان يحيل على شيء، فهو يؤكد أن الاستبداد تكون له محاسن في فرض بعض المبادئ الضرورية لقيام دولة مدنية حداثية، خاصة عندما يتناغم الشارع مع الافكار الراديكالية، في ظل خطاب ديني يتسم بالرجعية في كثير من “التمظهرات”، إذ أنه لم يواكب المستجدات وبقي في حالة جمود فظيع، بل إنه بقي يلعب على الاوتار الحساسة. أما في المغرب ما أن إنطلقت حركة 20فبراير تتقوى في الشارع حتى برزت في الأفق فسيفساء يؤثثها الإسلاميين بشكل كبير، حيث نزلت حركة العدل والاحسان بقوة الى الشارع، في هذا الصدد قال أحد المحللين السياسين المختص في الحركات الإسلامية، “أنه لا يحق لنا محاسبة العدل والاحسان عن الفكر الذي بلوره عبد السلام ياسين في الثمانينات، مثلما لا نحاسب الاشتراكيين عن الفكر الذي تبنوه في السبعينات”، فهو يؤكد أن فكرالعدل والاحسان تطور بشكل كبير. لكن ألا يمكن محاسبة الحركات الاسلامية عن مواقفها من حقوق المرأة؟، ألم تدعو الحركات الاسلامية إلى تظاهرة لرفض ادماج المرأة في المخطط الوطني للتنمية، فضلا عن مواقف كثيرة أتحفن بها العديد من الشيوخ والفقهاء الساحة الوطنية، حيث يختزلون المرأة في جسدها الذي يصلح فقط “لتفريخ الأطفال”، و”ناقصة العقل”، و”الضلعة العوجة”، وما الى ذللك من أحكام وأوصاف أتى عليها الدهر. أحد زعماء الأحزاب السياسية ذي المرجعية الاسلامية يعزو تردي التعليم في المغرب إلى الاختلاط الذي تشهده المدرسة المغربية، وإن كان هذا موقفه الشخصي وليس رأي الحزب، فكيف يمكن الاطمئنان لأشخاص تبدو أفكارهم متزمتة، بل ومضحكة أحينا كثيرة؟. صحيح أن طبيعة النظام في المغرب الذي يقوم على أمارة المؤمنين يجعل التعامل مع بعض الافكار الدينية صعبة، ويجعل العلمانية صعبة بل ومستحيلة، لكن هذا لا يمنع قيام دولة مدنية في كل “تمظهراتها”، خاصة أن الملكية المغربية خطت على هذا الدرب ما لم يعجب الحركات الاسلامية. ألم تؤكد الحركات الاسلامية فشلها الذريع وإفتقارها لمشروع مجتمعي حداثي؟، وهذا في الكثير من التجارب بدول مختلفة؟، ألم تستغل الحركات والأحزاب السياسية الإسلامية الدين لرفع شعبيتها؟، خاصة وأن كل المجتمعات الاسلامية تفتقر الى التفكير المنطقي العقلي، إذ تقبل كل ما يسوق لها باسم الدين بدون مناقشة؟، كما زجت بالمجتمعات الاسلامية في لعبة إما أن تكون صديقي او عدوي، وإما مسلم أو ضد الإسلام، هذه هي لعبة أبيض أو أسود، التي تتبناها الحركات الاسلامية فهي لا تستطيع أن ترى الحياة بألوان مختلفة.