النقابات التعليمية بالمغرب تستحق وبجدارة المرتبة الاولى في سباق الاضرابات في المغرب، لا يخلو أي شهر وحتى أسبوع من إضراب يشل الحركة التعليمية بكل مدارس المملكة (العمومية طبعا)، خاصة في القسم الجنوبي(سوس على الخصوص والاقاليم الصحراوية). وهذه حقيقة تعايش معها المغاربة منذ سنوات، إضرابات متوالية بشكل فضيع أصبح معها الزمن المدرسي في خبر كان، وضعية متدهورة لحال التعليم صنفت المغرب في أسفل الترتيب العربي لمنضمة التربية والتعليم. وضعية مزرية لحال التعليم في المغرب أفرزت الهدر المدرسي حتى في المناطق الحضرية والمدن الكبرى، فشل التلاميذ في مواكبة العملية التعلمية، فكل ما يتلقاه التلميذ يبقى حبيس جدران الدراسة، ولا يستوعبه إلا القلة. مظهر آخر من تجليات فشل المنظومة التعليمية المغربية، هو إتقان اللغات وخاصة اللغة الفرنسية، الغريب والعجيب أن التلميذ المغربي يدرس هذه اللغة منذ السنوات الاولى في الابتدائي، ومع هذا يصل الطالب الى الجامعة فارغا منهم من لا يستطيع تركيب جملة واحدة بهذه اللغة. لكل واحد أن يقوم بتجربة ليتأكد من هول الكارثة، تشكلت لدى التلاميذ والطلبة “عقدة الفرنسية” حتى ضل حال لسان بعض الطلبة يتمنى لو بقي الاستعمار الفرنسي بضع سنوات أخرى. “عقدة” يتهم فيها المعربون والتعريب الذي خضعت له المناهج التعليمية المغربية بشكل عشوائي، تعريب قادته أطراف ضد “أولاد الشعب”، في حين وجهوا هم أبنائهم نحو المدارس الفرنسية كما يقول العديد من التلاميذ والمهتمين. مشاكل عويصة يعيشها القطاع، وتبقى الكرة بين الوزارة الوصية على القطاع ورجال التعليم، كل طرف يلقي المسؤولية على الطرف الاخر، دون مراعاة مصلحة التلميذ وحساسية هذا القطاع. فكل الامم التي تقدمت وإزدهرت إنطلقت من تعليم قوي متطور وفعال ينتج كفاءات عالية، أو على الأقل يقضي على الأمية، أما حال التعليم المغربي فمازال ينتج “أميات”. المسؤولية تتحملها أطراف عديدة ،وفي مقدمتهم رجال التعليم الذين يبالغون في إضراباتهم ولا يضعون مصلحة التلميذ التي هي مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، إذ بإمكانهم خوض إضراب بالشارة أو أي شكل آخر للتعبير عن مطالبهم، و وزارة متماطلة في الدخول في حوار حقيقي يرفع يرفع شعار مدرة النجاح. الامتحانات على الابواب والسؤال المطروح في ماذا سيمتحن التلاميذ في الإضرابات المتتالية على مدار السنة؟، أم في الزمن المدرسي الذي ضرب به عرض الحائط؟، وهل “السويعات” القليلة التي زار فيها التلاميذ المدرسة كافية لاستيعاب المناهج الدراسية المثقلة والمتعددة؟. كثيرة هي مظاهر تأزم التعليم بالمغرب، ليس فقط داخل المدارس، وإنما بالجامعات التي تعرف مشاكل جمة دون أن يكثرت أحد لضرورة تحمل المسؤولية الماملة والمستعجلة لانقاذ حال التعليم في المغرب الذي أخد في التقهقر بشكل خطير في كلية الشريعة التي دامت المقاطعة للدروس أزيد من شهرين، بغض النظر عن من يتحمل المسؤولية المباشرة، ومن هو الطرف الصائب والخاطئ في القضية؟. ويبقى الخاسر الاكبر هو حال التعليم بالمغرب، الذي ننشد تحسنه ليبارح المغرب المرتية المخزية والمشينة التي حصل عليها المغرب في الترتيب العربي.