في محرابي الجميل وضعت قنينات العطر ورتبت في المزهرية الرياحين، وتساءلت عن سبب وجودي، هل أنا مجرد جسم أم عبارة عن خادمة أم أنا عقل وفكر وإحساس؟ فكرت كثيرا قبل أن أجيب: هل المرأة هي الخضوع والخنوع والخوف والصبر على جور الرجال مهما بلغت بهم الوقاحة أو النرجسية أو السادية؟ أم المرأة هي الجسم الجميل الذي يتلذذ الناضرون إليه ويسيل اللعاب ويسقط بالعتمة أعناق الرجال تحت مقاصل النساء!! هل المرأة هي الوجود والتنشئة والتربية والمنهجية والتضحية والعنفوان؟، أم المرأة هي الساحرة والغانية و المتسلقة والمنحطة والعابثة والشيطان. عاودت السؤال، هل يمكن أن أكون قد خلقت من ضلع أعز أعدائي وولدت من حضن أفحل الرجال وأتوجس عند سماع :” هيه أنت أيتها المرأة “ و الله اختلف علي الزمان والمكان و سقمت الترحال والتجوال، وبعدما عشت حياة البوهيمية وسط الأدغال و خنقت الرغبة في إحساسي باللهو و الرقص عل أنغام المحال، صرت أسيرة التفكير في وجودي و السمسرة بعقول العاقلين المخضرمين و المتقنين لفنون التحليل والتركيب و الاختزال. عاودت السؤال، أين نحن النساء في هذا الزمن من الانحطاط والتعفن في مستنقعات المترفين والعابثين بسذاجتنا وخوفنا و قلة فهمنا و رهافة أحاسيسنا، التي لم تنضج فينا من غباء تربية آبائنا الذين لم تكن لهم رؤية بعيدة المدى. فأغلقوا علينا الأبواب بدافع ( الحشومة) و حرمونا اللعب بغية تجنيبنا ( العيب) و سجنوا مشاعرنا البريئة و نفوا فكرنا لأن المرأة ( ناقصة عقل و دين) إلى أن تهنا في الحياة لأننا لم نكن مؤهلين لها ولا لخوض غمار معاركها الضروس. عاودت السؤال، لماذا يكره الرجال أحاديث النساء ويعشقون أجسادهن؟، لماذا ينصتون لبعضهم و يكتمون صوتنا؟. فبعد أن حرم عليهم وئد النساء صاروا يشجبون وينددون ببياناتهم الأبيسية مواقفنا الجميلة ويبحثون عن مواطن العيب فينا لكي ينشروا غسيلنا الوسخ على المحطات و يجلدونا على أعمدة الشرف و الكرامة و الحياء. وتناسوا أن هؤلاء النساء هن تربية رجال لو كانوا رجالا لما فسدت الأخلاق و تكاسلت السلطات و أعدمت القيم على أبواب المنازل الباردة و الحيطان الصارخة من الجوع، بعد أن أقفلت الأبواب أمام يدها الممدودة لأولي الأمر و المسؤولين و الأقرباء و الأسر التي تلد الأطفال لترميهم بالشوارع وعندما يكبروا تنتظر أن يحسنوا بخاتمة آبائهم لأن الدين أوصى بالوالدين إحسانا. عاودت السؤال، طرحت السؤال على المارة هل من مجيب؟ تجاهلتني السيدات والآنسات والمتزوجات والمطلقات و الأرامل فقلن لي إننا نساء نتمتع بحريتنا و لا فائدة من سؤالك لأننا وصلنا قمة ما نصبوا إليه. فتساءلت من جديد هل فعلا بهذا البلد النساء أنداد الرجال بالعمل والاجتهاد وممارسة السياسة والتميز في الثقافة والإبداع في الفن و الصعود للقمر و الاطلاع على بلدان الغرب ومشاهدة السينما و إتباع صيحات الموضة ووضع أجمل العطور. صرخت بأعلى صوتي و اعذرنني يا أخواتي إن المرأة مازالت ترغم على الزواج ومازالت تغتصب وتنكح وتستغل وبالعمل تكد وتنهك ولا تبلغ أجور الرجال و بناتنا بالشوارع يعاملن معاملة المحضيات في عصور الملوك الغابرة وتكتم أصواتهن عند الاجتماعات و يطردن من العمل بذنب أنهن حرات ولا يوافقن الأرباب على الساعات الإضافية في الغزل و قلة الحياء و يبعن كالرقيق في أسواق البغاء ويستهان بقيمتهن وإمكانياتهن ولكن منهن المتبجحات القانعات ومنهن المناضلات اللواتي يستحقون أجمل الورود والأوسمة والميداليات. و ما زلت أنتظر الجواب يا عزيزاتي أعزائي.