يعتبر ارتباط المغاربة بالمسجد الأقصى المبارك منذ القرن الأول الهجري، حيث كانوا يتبركون بزيارته في طريقهم إلى حج بيت الله الحرام، وكانوا يعتبرون الحج ناقصا إن لم يمروا عبر القدس، وتسمى هذه الرحلة المقدسة برحلة “الينابيع”، فهي تمر من المدينةالمنورة إلى القدس إلى مدينة الخليل حيث يوجد قبر سيدنا إبراهيم عليه السلام . الروابط الثلاث للمغاربة بالمسجد الأقصى المبارك يعتبر الرابط الجهادي الأول، حيث شارك المغاربة في الدفاع عن الأقصى وتحريره من الصليبين وكذلك حمايته بعد التحرير، و المجاورة أيضا، وهي العبادة والصلاة في المسجد الأقصى لها أجر عظيم ، فالركعة فيه ب 500 ركعة ، إضافة إلى عبور عدد من العلماء وطلبة العلم المغاربة إلى القدس عدة، حيث أنهم نهلوا من العلم هناك وعادوا للمغرب لإفادة الناس بعلمهم، وقد كان ارتباط المغاربة بالإمام مالك كبيرا ومباشرا في الحج، فكانوا ينتظرونه شهورا عديدة ليطرحوا عليه أسئلتهم عبر عدة مخطوطات تكتب له، وهذا كله سعيا لتلقي العقيدة الصحيحة على منهج أهل السنة . ومن دلائل التعلق الكبير للمغاربة بالمسجد الأقصى المباركة، قصة امرأة اسمها “أم قاسم المرادية”، وهي امرأة غنية من مدينة “أسفي” المغربية، قامت بعمل لم يقدر عليه الرجال، فقد سوت طريق من مدينة “آسفي” المغربية إلى مكةالمكرمة مرورا ببيت المقدس إلى المدينةالمنورة، وقد وضعت محطات كالتي نجدها الآن في الطرق السيارة (باحات الاستراحة)، حيث حفرت في كل 50 كلم بئرا وبنت منزل من طابقين، ووضعته وقفا للمغاربة الحجاج حيث يبيتون مجانا في هذه المحطات . وقد كان للمغاربة مواقف بطولية في الحروب الصليبية في القرن الرابع والخامس الهجري، وقد كان جيش المغاربة يمثل 20 في المائة من الجيوش الإسلامية التي ذهبت لتحارب الصليبيين، و كان العدو إذا علم بوجود المغاربة في المعارك فإنه يغير سياسيته الحربية أو يطلب المهادنة لما يعرفه من شراسة وشهامة المجاهدين المغاربة . وقد كان الأمير نور الدين زنكي يولي اهتماما خاصا بالمغاربة، وكان قد نذر لله بعد أن أصابه في فترة مرض إن شافاه الله أن يحرر أسرى مغاربة من يد الصليبيين، وبالفعل قام بتحريرهم بعد الشفاء ورفض أن يحرر غير المغاربة، وعندما عاب عليه بعض حاشيته على تخصيصه هذا الأمر للمغاربة فقط قال لهم، بأن أهل الشام يدافعون عن أرضهم، وما أتى بالمغاربة من بلادهم البعيدة إلا الجهاد في سبيل الله . وفي أتون الحروب الصليبية، كان موقف الدولة الموحدية جد مشرف للمغاربة، حيث أرسل يعقوب المنصور الموحدي أسطولا مغربيا من 180 سفينة محملة بالأسلحة والذخائر والعتاد، ممتلئة بجنود ومتطوعون وصناع المهارات وعلماء. وقد كان صلاح الدين الأيوبي أيضا يكن منزلة عظيمة للمغاربة، وكان كلما أراد حج بيت الله الحرام إلا وأتت معركة أرغمته على الذهاب إليها وترك الذهاب للحج، وقد اقتدى به العديد من المغاربة حيث قالوا كيف هذا الرجل العظيم يترك الحج من أجل الجهاد ولا نقتدي به، حيث أنهم كانوا أيضا يغيرون مسيرتهم من الحج إلى محاربة الصليبيين. وقد أنشأ الشيخ رائد صلاح مشروع لحج خاص عن صلاح الدين، قام بالحج عنه العديد من الفلسطينيين بل مغاربة أيضا من الخارج قاموا بحجة خالصة لأجل صلاح الدين الأيوبي ، وقد رفض صلاح الدين الأيوبي عودة المغاربة بعد استقرار الوضع ووفر لهم عدة امتيازات، وأسكنهم غرب بيت المقدس في الحي المسمى بحي المغاربة، وهو مجمع عقاري ضخم يضم 135 دار سكنية وفيها المدرسة الأفضلية وقد بناها السلطان الأفضل، وهي متخصصة بدراسة الفقه المالكي، وقد نسفه الصهاينة سنة 1967 م، وقد أسكنهم صلاح الدين في هذه المنطقة بالذات لحمايته من الجهة المنبسطة طوبوغرافيا، والموالية للصليبيين حتى إذا ما كرروا محاولات الغزو عبر البحر الأبيض المتوسط، وقد أجاب من سأل عن تصرفه بقوله، “أسكنت بالجهة الغربية من يثبون في البحر، ويفتكون في البر المغاربة، أسكنتهم البطن اللينة، فلا خيرا منهم لحماية بيت المقدس”. محطات الاعتداء على المغاربة في سنة 1948ميلادية، وصل اليهود لقدس الغربية والاعتداء على وقف” قرية عين كارم” قطن فيها المغاربة والتي اشتراها الشيخ الغوث أبي مدي ، وهو مغربي ذهب إلى فلسطين للتدريس ونشر فكرة الجهاد عن طريق الزهد ، كما وافق في سنة 1957 ميلادية، الملك الراحل محمد الخامس على أن تضم حي المغاربة للأوقاف المغربية، بعد طلب من الشيوخ القاطنين هناك، والذين فطنوا للخطر الذي يهدد الحي من طرف المحتل الصهيوني، فيما صَادَرَ الكيان الصهيوني حي المغاربة، سنة 1967 ميلادية، وفي اليوم العاشر من نفس الشهر، قامت قوات الاحتلال بإخلاء سكانه لتُسويه بالأرض و لتقيم مكانه ساحة عموميةً تكون قبالة حائط البراق. خلال بضعة أيام، أتت جرافات العدو على 138 بناية كما هدمت جامع البراق و جامع المغاربة. و ما لبث أن لحق نفس المصير بالمدرسة الأفضلية و زاوية أبي مدين والزاوية الفخرية ومقام الشيخ. وفي سنة 2007، وصل الحفر إلى 40 متر من جهة باب المغاربة، حيث أن ما حفر لحد الآن تحت المسجد يقدر بمساحة ملعب كرة القدم يتسع ل 200 ألف متفرج، بالإضافة إلى إن الصهاينة يضعون مواد كيماوية، فالأقصى في خطر حقيقي وهو صامد بإرادة الله وبإعجاز من الله سبحانه وتعالى . - باب المغاربة “باب المغاربة” هو أحد بوابات القدس، سمي بباب المغاربة نظرا لأن القادمين من المغرب الإسلامي كانوا يعبرون منه لزيارة المسجد الأقصى، وقد عرف هذا الباب أيضاً باسم باب حارة المغاربة، وباب البراق، وباب النبي. هذا وقد أعيد البناء الحالي لهذا الباب في الفترة المملوكية، في عهد سلطان مصر الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 713 هجرية/ 1313 ميلادية. “باب المغاربة” هو اقرب الأبواب إلى حائط البراق، كان في البداية باب صغير ثم تم توسيعه، عمليا اسم الباب الحالي هو إحياء لاسم بوابة سابقة من أيام التوراة”، وسيخرج نحو باب القمامة، “نحميا” الفصل الثاني آية 13. يصل الباب إلى مدينة داود، نبع الجيحون، بركة سلوان والى قرية سلوان. في العهد البيزنطي مر بالجوار شارع الكاردو الفرعي الذي وصل بين باب العمود في الشمال لبركة سلوان في الجنوب. في الغالب كان الباب مقفلاً وفتح فقط عند الحاجة, مثلا في أيام المحل لتمكين سكان سلوان من إدخال قرب الماء إلى سكان القدس. أيام الحكم الأردني (1948- 1967)، تم توسيع الباب لتمكين العربات من الدخول. من على الباب من الخارج قوس يشبه الوسائد الحجرية وفوقه زخرفه مستديرة بشكل ورده. وحينما سئِل صلاح الدين من قبل حاشيته عن سبب إسكان المغاربة بهذه المنطقة، أي عند السور الغربي للمسجد الأقصى، وهي منطقة سهلية يمكن أن يعود منها الصليبيون مجددًا، كون الجهات الثلاث الأخرى وعرة، أجاب بقوله: “أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة”. والباب هو جزء من حارة المغاربة، وهي من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس، ويرجع جزء من شهرة الحارة إلى إقدام إسرائيل على تسويتها بالأرض بعيد احتلال القدس عام 1967م، حيث حوَّلتها إلى ساحة سمتها “ساحة المبكى” لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق. ويتدفق من باب المغاربة 7% من ساكني القدس المسلمين للصلاة في المسجد الأقصى. وشرعت إسرائيل منذ الثلاثاء 6-2-2007 في هدم الطريق المؤدي لهذا الباب، وهو ما تسبب في وقوع مواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى من الفلسطينيين. ويوجد جالية مغربية بفلسطين وهناك تواجد لهم بقطاع غزة والضفة الغربيةوالقدس وهناك تزاوج من أهل فلسطين بمغربيات ومقيمات بفلسطين وتوجد أعداد كبيرة من طلاب فلسطين يدرسون بالجامعات المغربية مما يدل على مدى التقارب كبير بين الشعبين الشقيقين عبر التاريخ ولتكن القدس وفلسطبن بعيون المغاربة ما دامت السماوات والأرض . للتواصل مع الكاتب:[email protected]