قبل أيام كان إضراب أرباب النقل عن العمل و ذلك لرفضهم مدونة اعتبروها لا تتناسب ومتطلباتهم كما أنها بعيدة عن الواقع المعاش. تبادر إلى ذهني كيف أن الحكومة تنتهج ثقافة اللاحوار في تعاملها مع رغبات ومطالب المجتمع و الشعب المغربي. فهي تنهج أسلوبا أقل ما يقال عنه بدائيا ووحشيا استعمل في سنوات الرصاص لكنه يستعمل بطريقة أخرى هذه الأيام. فاغلب المبادرات و المشاريع المقترحة من طرف الحكومة في شتى المجالات لم تستطع الإجابة عن الوضعية التي يعيشها المواطن و اغلبها باء بالفشل إلا أن الحكومة لازالت تسلك نفس الطريق ناهجة بذلك أسلوب اللاحوار وقمع الشعب . فهذه مدونة السير مستوردة لا علاقة لها بواقع النقل بالمغرب إنما تحاول الإجابة عن الشكل و ليس المشكل، رفضها أرباب النقل للمرة الثانية. فعوض أن تكون هذه المدونة إجابة عن مشكل النقل في المغرب كانت وبالا على مجموعة من العائلات الذين توفي احد أفرادها أو انعدم دخلها خلال أيام الإضراب. أما عموم الشعب فلم يسلم من تبعات هذه المدونة التي أدت إلى ارتفاع أسعار الخضروات بطريقة صاروخية فما إن تنتهي أزمة حتى تأتي أخرى . وما يؤكد المنهج المعتمد من طرف هذه الحكومة أو سابقاتها هي نتائج” الحوار الاجتماعي “الذي وصل إلى الطريق المسدود و التي يدفع ثمنها التلاميذ أولا بالإضرابات المتتالية والموظفين ثانيا من خلال مطالبتهم برفع أجورهم ليس كالأجور الخيالية التي يتقاضها البعض لكن على الأقل ما يكفي لسد حاجياتهم و متطلباتهم في ظل التحولات العالمية. إنه أسلوب استطاعوا من خلاله القضاء على الحس الاحتجاجي لدى المغاربة وخير دليل على ذلك أحداث سيدي افني حيث قمع شعب أبى إلا أن يطالب بحقه في العيش الكريم و جاء رد الحكومة و الدولة من خلال الاعتقالات والتعذيب الذي تعرض له أبناء الشعب “سيدي افني”. إن المشكل الحقيقي يكمن أساسا في حكومة سلكت طريقا غير طريق شعبها فهي مقيدة الإرادة وبالتالي لا تستطيع أن تحقق إرادة شعبها فهي دائما تستورد قوانين و مشاريع لا تتماشى و طبيعة الشعب المغربي و ثقافته لذلك يخرج المغرب من أزمة و يدخل في أخرى و بالتالي يبقى أمل المغاربة معلقا في أن يحكمه أناس يختاروهم لا يختارون من اجله كذلك حلمه بالتنظيم في تسيير شؤون البلاد عوض الارتجالية والفوضى والزبونية والمحسوبية وتعرفون الباقي...