تمنيت يوما أن أستفيق و أجد عالما جديدا، أن أجد مجتمعا جديدا، حكومة جديدة، و بلدا مثاليا، غير الذي نعيش فيه، تمنيت أن أجد الإدارات في خدمة المواطن في الوقت المحدد، بدون إضرابات عن العمل، بدون اعتقالات، بدون مظاهرات للمعطلين، تمنيت أن أجد بلدا ديموقراطيا. لم أكن أحلم بشيء أكثر، كنت أحلم أن تكون حكومة دولة ”فاسي لاند”، من أعراق مختلفة، أن يكون مسيرو الوطن من عائلات مختلفة، فيشتغل الفقير و يعمل، و يكون طبيبا،قاضيا، وزيرا أو مديرا للتلفزة الرسمية، و أن لا نرى عائلة تحتكر كل شيء في هذا البلد، إلا العمل في النظافة وتنقية الشوارع والأزقة، لعدم توفر ميزانيته على أصفار كثيرة بعد الفاصلة. الوزير الأول لدولة”فاسي لاند”، من العائلة المعروفة، السيد وزير الخارجية، من نفس العائلة، على رأس جامعة كرة القدم فرد من العائلة، والكثير منهم في مناصب مهمة، و ذوي الكفاءات من الفقراء و أبناء الشعب في الشوارع، يناضلون من أجل العمل، يعتقلون، يعذبون، يجلدون،و في سبيل العمل في أوروبا، يحاولون الهجرة، فيموت البعض، و يصل البعض و يهان، و تبقى العائلة كما هي، في مناصبها تتجاهل المواطن، تمارس التعتيم، وتحجب الحقائق، و أمام المجتمع الدولي يتفاخرون، بالشعارات يتبجحون، ويعرضون ما تبقى من فصول مسرحية “الإنتقال الديموقراطي”. جميع رجال إدارة أو حكومة ” فاسي لاند”، في الخدمة دائما ،فللحريات قامعون، و للأفواه مكممون، و للراغبين بالتحرر و الإنعتاق بالمرصاد، و للراغبين في نشر الحقيقة بالسخط الكبير، و الحرمان من الحرية، لعلهم يتقون. قد نرغب يوما في التظاهر، وقد نقوم بثورة ضد إدارة ”فاسي لاند”، من أجل التغيير وتحسين وضعية الشعب، و من أجل توفير العمل للجميع، ومن أجل عدالة اجتماعية و لو بشكل نسبي، و متيقن من جدوى هذا الأسلوب، لكني أعلن انسحابي من البداية، قبل أن أكون طرفا في الثورة،و أتمنى لكم حظا موفقا، لأني بكل بساطة جبان، أخاف من السجن و من الإعتقال، لا أريد لأمي أن تعيش حزينة من أجلي، و لاأريد لأحد أن يتعذب بسببي، ف”فاسي لاند”، لا ترحم، قد تزج بي في أسوأ معتقل سري، و قد أكون ”شاهدا على العصر” في سنوات قادمة، إن بقيت على قيد الحياة، رغم طي صفحة الماضي، فالكتاب بين يدي ”فاسي لاند”، فقد تفتح الصفحة الموالية، و هي ليست بجديدة. لخوفي الشديد من المصير، أرغب في تغيير النسب، ربما آخذ نسب العائلة المسيرة لفاسي لاند، وأصير وزيرا للمعطلين والمتشردين، الذين صاروا بحاجة لوزير يتكلف بشؤونهم، بعد أن تكاثروا وصاروا دويلة صغيرة.