في إطار فعاليات منتدى منظمة التجديد الطلابي المنعقد بمدينة تطوان تحت شعار “الإصلاح، تم تنظيم محاضرة تحت عنوان “الواقع الحقوقي بين مطالب الإصلاح وإكراهات الواقع ” من تنشيط الكاتب والصحفي بلال التليدي، وتأطير الضباط أحمد المرزوقي والمفضل المغوتي والعربي اللويز. بفصاحته المعروفة تحدث في كلام مقتضب المعتقل السابق أحمد المرزوقي عن تزمامرت الرهيب، و عن السنين الطوال التي قضوها في حفر ميلمترية، ووصفها على حد قوله بأنه “كان ليلا مظلما دام مدة طويلة جدا ” و لازالت خيوطه السوداء ممتدة إلى الآن، وأكد على أن العدالة بالمغرب كانت تسير بالتعليمات بل والأحكام تكون جاهزة، وأوضح على أن الجلادين أبلوا البلاء الحسن في خدمة الشيطان وأبانوا عن ساديتهم الحقيرة داخل تزمامرت، ولم يخف رأيه على أن هيئة الإنصاف والمصالحة كانت تجربة عرجاء، لأنها لم تنصفهم بإحضار جلاديهم لمحاكمتهم أمام أبناء الوطن، فكانت الدولة الخصم والحكم في نفس الوقت. ليقدم شكره وتقديره للضابط العربي اللويز الذي حاول التخفيف من معانته داخل تزمامرت، بل إنه قرر مغادرة وظيفته من المعتقل لأنه لم يتحمل كل تلك المشاهد الفظيعة التي وصل إليها كل معتقلي العنبريين. في شهادة المعتقل الآخر المفضل الماغوتي، صاحب كتاب “ويعلوا صوت الآذان من جحيم تزمامرت” يقول : أعطوني دلوا من ماء، وغطاء لينا، وحذاء مصنوعا من العجلات المطاطية للسيارات، وأدخلوني إلى زنزانة تحمل رقم 18، وأقفلوا علي الباب الحديدي، وسط ظلام دامس لا أكاد أرى فيه حتى جسدي. لم نكن نعلم أن هذا المكان الذي اقتادونا إليه هو تازمامرت لكن ما إن قضينا فيه ليلة واحدة حتى أيقنا ألا جحيم فوق هذا الذي أتوا بنا إليه إلا أن تكون النار التي أعدها الله للكافرين. مفتي العنبر” أ” الذي لم يوفه الإعلام حقه، تحدث عن سيرته الذاتية بصيغة مختصرة، وعن نبوغه الدراسي منذ الصغر، وكيف قاده القدر ليصبح طيارا، ليتم حكايته بتحسر عن العشرين سنة التي تم الحكم عليه بها ظلما و جورا من قبل الجنرال الدليمي بعد أن برأته المحكمة من قبل. أمير الزنزانة 18 أكد على أن القرآن هو الذي كان السند الحقيقي في محنتهم، ليقدم شهادته في حق الضابط والحارس الذي كان له الفضل في إدخال القرآن الكريم لهم للعنبر “أ”، وأقر على أن معظم السجناء حفظوا المصحف الكريم على الرغم من الظلام الذي يعم كل الزنازن، إذ كان حفظهم عن طريق السمع. كانت شهادة سجان الأمس العربي اللويز قصيرة جدا، لكن مغزاها كبير قدم فيها مبادئ حياته الأساسية التلاث وتتجلى في رجولة وجودة ثم لباقة، وتجمع أول حروفها في كلمة “رجل” على حد قوله، هاته الأخيرة هي التي حركت غرائزه العاطفية لتقديم و لو جزء يسير للمعتقلين الذي كان متيقنا بأنهم مظلومين فحسب. في نهاية الندوة قام المعتقل السابق المفضل المغوتي بتوقيع كتابه ” و يعلوا صوت الآذان من جحيم تزمامرت “ للطلاب الذين تفاعلوا معه بشكل كبير طوال مداخلته.