نجيب شوقي – نبراس الشباب: زهرة الصغيرة ..ابنة 23 سنة ، أصغر إخوتها، نشأت في وسط تقدمي، تشربت بالفكر التقدمي منذ طفولتها. اختارت صف الدفاع على حق المغاربة في تعليم مجاني، فكان الثمن حريتها. “مارسوا علي كل أشكال التعذيب ولم يرحموني الجلادون من داخل كوميسارية جامع الفنا رغم أنني كنت حائض والدم يتقاطر على الأرض ليلتها”، هكذا حكت زهرة بودكور في شهادتها التي نشرتها صحف وطنية. زهرة بوذكور أصغر معتقلة سياسية بالمغرب وتعتبر المرأة الوحيدة المعتقلة مع مجموعة ما سمي بأحداث جامعة مراكش لسنة 2008. زهرة ” سعيدة المنبهي” الثانية، ابنة الشعب المغربي التي قال عنها السنوسي ” هكذا يكونوا بنات الشعب المغربي”، زهرة التي استرخصت حريتها و حياتها من أجل تحصين حق الشعب المغربي في تعليم عمومي، ديمقراطي، علمي و شعبي..فما كانت 46 يوما التي خاضت طيلتها إضرابها البطولي عن الطعام بمعية رفاقها إلا دليلا قاطعا على ما يمكن أن نقول عنه و يؤكده التاريخ ” كل شيء يهون من أجل المبدئية و القناعات و حب الشعب و الوطن”. زهرة، فكر، عقل، ونضوج يفوق بكثير سنها، وإخلاص حتى الشهادة لقضايا الشعب المغربي، وهو ما حصنها وجعلها صامدة أكثر فأكثر، لأنها تعرف جيدا و متأكدة أنها معتقلة بفعل انتمائها السياسي، ولتشبتها بقناعتها الفكرية الحالمة بالتغيير لمغرب آخر، أفضل بكثير ماهو عليه حال البلاد المحزن. زهرة التي اختارت أن تكون يسارية، تدفع الآن ضريبة الاعتقال بعد أن عانت 14 شهرا بدون محاكمة صدر في حقها حكما قاسيا بسنتين نافذا، فقط لأنها خرجت في احتجاح طلابي بمراكش للمطالبة بمطالب اجتماعية تعتبر في الدول التي تحترم مواطنيها مطالب بدائية. زهرة التي اختارت الوطن عن الهجرة الشرعية وعن الدعارة، لم تجد اليوم إلا الاعتقال و التعذيب و المحاكمات المارطونية كأنها هي من زورت و ارتشت و اعتت فسادا في الوطن و العباد والغريب في بلاد “الماروك” العجيبة أن المفسدون يصولون و يجولون أحرارا في ظل تواطئ القضاء معهم وعدم استقاليته بحكم أنه لازال يعيش على لغة التعليمات. زهرة .. الصغيرة التي تفيض حبا وإنسانية، زهرة التي لم تفارقها الابتسامة ولو في السجن، وبها تتسلح .. تقضي لحدود الساعة خمسة عشرة شهرا بالسجن رهينة زنزانتها الضيقة المتسخة المملوءة بكل أشكال الحشرات. زهرة ... فضيحة الدولة المغربية لموسم 2009، ستنضاف لفضيحة محاكمة شكيب الخياري والكثير من الفضائح الأخرى السابقة و اللاحقة... آخر صرعة في جلسات التعذيب النفسي و الجسدي، خمسة أيام متواصلة و بدون انقطاع نهارا وليلا بكوميسارية جامع الفنا .. زهرة .. فضيحة الدولة التي تتفنن في تلقين شعبها أنواع و أصناف التعذيب: من يرى الشمس ويتنفس الهواء مجانا يدفع ضريبة الجوع و القمع و لهيب الأسعار، ومن تحت الأرض وفي مخافر التعذيب يذوق أصنافا منه : الصعقات الكهربائية، الشيفون، الطيارة، القرعة، التهديد بالاغتصاب، الضرب بالقضبان الحديدية المخصصة للبناء، فلا عجب، ولم لا فالمغرب كل شيء فيه يصلح لكل شيء: حتى ساحة جامع الفنا التي تظهر في الحقيقة أنها مخصصة للترفيه وللسياحة، تحت سطحها بالضبط أناس تسلخ جلودهم بالسياط و الضرب و التجويع و لرفس و لمعاملة المتوحشة و هو ما قل نظيره في بلد آخر.