انقضت سنة 2008 ولازلت زهرة بودكور حبيسة جدران المعتقل ،معتقل بولمهارز بمراكش ليؤرخ مرة أخرى، كيف يصطاد المخزن خيرة شباب المغرب ليضعهم رهن الاعتقال التعسفي و بدون محاكمة . "" كانت زهرة الصغيرة كما يحب الجميع منادتها، صاخبة ومشاكسة ومغربية بامتياز . الذين يعرفونها عن قرب و زاروها في معتقلها وجسدها النحيف يئن من سياط الجلاد ومن وحش المكان وغربته و مع ذلك ظلت زهرة يانعة في وجه من حكموا على شبابها بالاندحار. في يوم اعتقالها كانت فرحة وهي تحتفل بعيد ميلادها الواحد و العشرين و لم تكن تعرف انها تخطو تجربة سعيدة المنبهي بصيغة مشابهة رغم تقاسيم الزمن وألوانه المرة . و الذين لا يعرفون شيئا عن حكايتها و جراحتها الحزينة و قد اثخن جسدها بالكي والرفس والصفع لتقول شيئا لم تفعله سوى انها احبت هذا الوطن بكبرياء و شموخ . زهرة اصغر أخواتها ،نشأت في وسط تقدمي و تشربت من مياه زاكورة وواحاتها. هل للواحات ان تغضب و هي ترى" زهرة زكورة" ووردتها الزاهية ذابلة في غفلة عنها بعيدا عن الاهل والاحباب. زهرة : هي أصغر معتقلة سياسية بالمغرب، ابنة الشعب التي قال عنها السنوسي" بزيز": " هكذا يكونوا بنات الشعب المغربي ". بين سعيدة المنبهي وزهرة ،تاريخ مثقل بالحكايا ،عن سعيدة التي كانت شاعرة ومناضلة و غدت شهيدة بين عشية و ضحاها وبين زهرة التي ناضلت من اجل تعليم عمومي لكل ابناء الشعب المغربي. وهكذا خاضت 46 يوما مضربة عن الطعام بمعية رفاقها(18)، وكان دليلا قاطعا على شكيمة شوكتها وقوة شخصيتها وعزيمتها التي لم تنهار. كان وخز الجلاد باديا في صدرها ويديها وهي تتأوه من شدة الالم و انحباس الدمع في المقل الحزينة. في يوم اعتقال " زهرة اوطم"( 15/05/2008) طال أمد المحاكمة وظل يسبح بها تحت دهاليز جامع الفناء، لتتحول الساحة البهية من ايقاع النغم و الحبور الى ايقاع السلخ و الرفس والضرب مدة خمسة ايام متتالية. هكذا تشهد ساحة جامع الفناء على، كيف يتحول فن التعذيب الى مسرحية باخراج معتق بفنون العنف و التنكيل على بضع خطوات منها. انقضت سنة 2008 ولاشئ لاح في الافق و بقيت زهرة تبحث عن بضع أيام من حريتها السليبة، في جدرانها الحزينة تذكرت سعيدة و اخريات و تذكرت حرقة الوطن المباع سهوا و الذي أصرت ان تقول فيه للجلاد:" كفى من الاستهتار والعبث بأشلاء الوطن الأليم". حكاية زهرة، صفحات من تاريخ اسود نحاول نسيانه او تناسيه ولكنه يلاحقنا ككوابيس مزعجة بأن الجلاد متعطش لماضيه ولسنوات الرصاص. انقضت سنة 2008 ولازالت زهرة حبيسة جدرانها...فمن المغيث.... ملحوظة: أثناء محاكمة مجموعة " زهرة زاكورة " أمس الخميس رفعت مجموعة من الشعارات من طرف الطلبة المعتقلين وأجل القاضي الجلسة الى يوم 26 من فبراير 2009.