بين 1347 و 1352 اجتاح وباء الطاعون القارة الأوروبية مما تسبب في موت ثلث سكانها وقد اعتبرت الكنيسة آنذاك هذا الوباء عقاب من الله للناس لأنهم خرجوا عن جادة الصواب والطريق المستقيم الذي رسمه لهم ليتبعوه فتناسلت الخرافات والاساطير ومما زاد من انتشار ذالك الوباء آنذاك قيام الكنيسة بفتح أبوابها للناس من أجل الابتهال إلى الله والدعاء للقضاء على هذا الطاعون ومما زاد الطين بلة هو تلك التجمعات والتجمهر فكانت الكارثة. ومن 1352 إلى 2020 لا زالت الذهنية الدينية عندنا لم تتغير عندنا نحن المسلمين بصفة خاصة حيث لم نستفد من تجارب الذين سبقونا من الأمم وما زلنا نحلل الكوارث الطبيعية بالمفهوم الأسطوري والخرافي لا العلمي العقلاني للبحث عن الأسباب والمسببات وراء انتشار فيروس كورونا. فهناك من اعتبره عقاب إلهي ( فكر 1352) وهناك من اعتبره جند من جنود الله وهناك من خرج إلى الشوارع للاحتجاج على الفيروس والدعاء عليه كما أن هناك من احتج من الفقهاء على إغلاق المساجد وعدم فتحها ليجتمع الناس فيها للصلاة والابتهال إلى الله. إن مهزلة الفكر الديني الذي نعيشه الآن مهزلة حقيقية بحيث ان الدين عند هؤلاء أصبح لا يهتم في تحليله للمآسي البشرية الا على الخرافة لكونه لا يتوفر على الأدوات العلمية والمناهج العقلية فأصبح يعزو كل شئ إلى ما وراء الطبيعة او إلى الله والله بريء مما ينسب إليه. وعوض ان يهتم هذا الفكر بالدنيا وحياتها وجمالها والسعي إلى اسعاد البشرية وانتشاله من براثين الفقر والجهل والخرافة نجده يهرب دائما إلى الأمام ويبحث عن الحلول في الفضاء الخارجي ان صح التعبير نتيجة عجزه عن مواجهة الأمر الواقع