يعيش العالم العربي من المحيط الى الخليج تحت فوهة بركان‘ ثارت ثائرت الشعوب أخيرا‘ منها من أسقطت حكام جثموا على صدور الشعوب لردح من الزمان و مارست ديكتاتورية منقطعة النظير في التاريخ البشري‘) مبارك بنعلي( و منها من ينتظر دورها الذي سيأتي إن عاجلا أو آجلا‘) معمر القدافي علي عبد الله صالح( ...و اللائحة طويلة‘ ولكن هل تحققت |أهداف الثورة. إن من بين أهداف الثورة في العالم العربي‘ تحقيق العدالة الإجتماعية و القضاء على الفساد و توزيع الثروة بشكل سليم ... غير أن نجاح الثوار في إسقاط الرؤس الرئيسية في أنظمة الحكم العربية ‘لا يعني بالظرورة أسقاط النظام القائم بأكمله‘ ففي تونس مثلا سقط بنعلي و لم يسقط النظام‘ لأن من تحكموا في تونس ما بعد بنعلي و تقلدوا المناصب العليا في هرم السلطة كانوا من أذناب النظام‘ و بالتالي بقاء النظام كما كان أيام الطاغية بنعلي‘ و كذلك الحال و الواقع في مصر‘ وبه لا يجب أن نفرح و نهلل كثيرا لهذه الثوارات التي لم تحقق شيء يذكر باستثناء نهاية بعض الأسماء و بداية سطوع أسماء أخرى كانت في الظل و لكنها كانت مؤثرة وتملك سلطة كبيرة في تسيير شؤون الدولة‘ ولإنجاح الثورة و تحقيق أهدافها كان يجب إسقاط واجتثاث المفسدين من الجذور وليس قطع الرأس فقط الذي يمكن أن ينموا في مكانها رؤوس أخرى أكثر قمعية و دموية و ديكتاتورية من سابقها‘ إذا سقوط رؤوس الحكام لا يعني سقوطا للنظام‘ فالحاكم هو جزء من النظام و ليس النظام كله‘ و هذه هي النقطة التي لم ينتبه لها الثوار أو تجاهلوها أو أنهم رضوا بأضعف الإيمان )الرأس دون بقية الجسد(. إن نهاية الحكام العرب الذين تحكموا في رقاب الشعوب وكانوا يحسبون عليهم حركاتهم و سكناتهم‘ بهذا الشكل المخزي يجعل المتتبع للشأن العالمي و العربي بالخصوص يقارن بين نهاية الديكتاتوريين بنعلي و مبارك و بين صدام حسين‘ فإذا كان هذا الأخير ديكتاتوريا أيام حكمه غير أنه كان محبوبا من غالبية الشعب العراقي‘ فهو على الأقل استطاع بناء نظام تعليمي عراقي فريد من نوعه ‘إذ يعتبر الشعب العراقي من أرقى الشعوب العالمية علما‘ و جعل من العراق دولة يقام لها و لا يقعد سواء من الناحية العسكرية حيث كانت من بين الخمس الأوائل عسكريا على الصعيد العالمي بل لم يسبق لأي رئيس عربي و أن تجرأ على الدولة العبرية باستثناء صدام حسين الذي قذف تل أبيب بثلاثة و أربعين صاروخ من صواريخ سكود‘ أو من الناحية الإقتصادية إذ كان الشعب العراقي ينعم بخيراته دون أن تتجرأ أي دولة على نهب خيراته‘و صدام حسين هو الذي صمد في وجه أمريكا و قال لها لا رغم الحصار و المكائد التي حيكت ضده‘ و ما قصة أسلحة الدمار الشامل المزعومة إلا مثال صارخ على كيد أمريكا و الغرب ضد عدوها الأول في العالم العربي آنئذ . وككل القادة العظام الذين لا يرضون الذل و الهوان و الاستسلام‘ الذين يؤمنون بشيئين لا ثالث لهما إما الإنتصار و إما الإستشهاد ‘هكذا كانت نهاية صدام حسين موت بشرف مات شهيدا و هي ميتة يتمناها كل مسلم و قائد‘ أما بنعلي و مبارك اللذين عاثا في بلديهما فسادا و جورا و ظلما و منعوا الحريات‘ فبنعلي منع على التونسيين الجرائد و الأنترنت و ضيق على المسلمين ولم يسمح بتأسيس أحزاب سياسية منافسة له... أما مبارك فقد حكم مصر بقبضة من حديد في إطار قانون الطوارئ وعزل سكان غزة بجدار العار و الذل و المهانة لكي تتفنن الدولة العبرية في تقتيلهم و تجويعهم ... و كلا المطاح بهما جعلا من تونس و مصر كضيعة أو بقرة حلوب لنفسيهما و ذويهما و الأقربون منهما فقط. إذا كانت نهاية صدام حسين يتمناها كل مسلم و إنسان لأنها ميتة مشرفة فإن نهاية مبارك و بنعلي كانت ذليلة و لا يتمناها أحد فالأول انتهى به المطاف في شرم الشيخ و هو الأن بين الحياة و الموت و الثاني انتهى في المنفى الإختياري في السعودية وهو الأخر بين الموت و الحياة و تركه أقرب المقربين زوجته التي كانت السبب في نهايته الحزينة. في العالم العربي يوجد الكثير من أمثال مبارك و بنعلي و ما قيل عنهما يقال على هؤلاء الحكام الذين ينتظرون مصيرهم المجهول و ربما قد تكون نهايتهم أمر و أحزن و أكثر درماتيكية من سابقيهم و على بقية الحكام أن يتعضوا و يأخذو العبرة من سابقيهم و قد قالت العرب قديما العاقل من اتعض بغيره و الجاهل من اتعض بنفسه. [email protected]