20 مهاجراً معظمهم من قطاع غزة، محملين على سيارتى دفع رباعى تتبعان مجموعة من المهربين أوشكت على تجاوز حدود دولة مالى فى غرب أفريقيا، الليل أرخى ظلمته، وخيم السكون على المكان، فظن الجميع أنه وقت الراحة من عناء سفر طويل، ولم يدر بخلدهم أن هناك عاصفة ستداهمهم، ففجأة خرجت 3 سيارات جيب تحمل أشخاصاً مثلمين من أصحاب البشرة السمراء يحملون أسلحة ورشاشات وسكاكين قاموا بمحاصرة المجموعة، أدرك الجميع أن المهربين غدروا بهم وأوقعوهم فى كمين لعصابات مالى، أنزل أفراد العصابة أحد المهاجرين جاثياً على ركبتيه وضربوه، وطلبوا من الجميع خلع ثيابهم وإخراج ما بحوزتهم من أموال وهواتف، حتى الملابس الداخلية لم تسلم من تفتيش العصابات للتأكد أنهم صادروا كل الأموال، وضعوا سكيناً على رقبة أحد الشباب فسالت بعض الدماء فأعطاهم كل ما يملك، وأحدهم قام بشق ملابس سيدة فلسطينية لانتزاع الأموال منها، وخلال 4 دقائق فقط صادر أفراد العصابة من المجموعة المهاجرة 34 ألف دولار وكل ما يحملونه من هواتف، وهنا انتهى حلم الوصول إلى بلجيكا انطلاقاً من مصر وعدة دول أفريقية وتحول إلى «كابوس». االسفر إلى المجهول.. من موريتانيا ومالى والجزائر وصولاً إلى القارة العجوز «الوطن» تكشف فى هذا التحقيق وبالتعاون مع صحيفة «فلسطين» الفلسطينية، خط سير جديداً سلكه المهاجرون من قطاع غزة إلى أوروبا عبر أدغال وصحارى أفريقيا، شمل 8 دول مروراً بالعديد من المناطق الخطيرة، بما فيها صحارى وغابات، وعصابات تسرق وتنهب فى رحلة تجاوزت مدتها 8 أشهر تقريباً، بدأت بالانتقال إلى مصر بشكل رسمى وبعدها إلى موريتانيا -التى لا تضع شروطاً لانتقال الفلسطينيين إليها- بالطائرة، ومن هناك بدأت رحلة غير شرعية من غابات موريتانيا إلى صحراء مالى، ثم الجزائر والمغرب مروراً بإسبانيا وفرنسا، للوصول إلى المحطة الأخيرة والمستهدفة من معظم المهاجرين وهى «بلجيكا»، لسهولة إجراءات اللجوء وسرعتها. «علاء» شاب عشرينى تتبع فريق التحقيق الاستقصائى مسار رحلته منذ انطلاقها فى سبتمبر 2018، لم يكن معه سوى 1000 دولار وهاتف صادره أفراد العصابة، صار أمامه هو وأفراد المجموعة خياران إما العودة إلى غزة أو إكمال الطريق، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام مشكلة أكبر بعد أن صاروا فى الصحراء بلا طعام ولا مال ولا سيارة تقلهم بعدما تركهم المهربون فى الأدغال. المهربون يستنزفون أموال المهاجرين.. و"التسعيرة" 7 آلاف دولار من كل شخص.. واللصوص وقطاع الطرق يهددون "الهاربين من جحيم الفقر" قصة الرحلة إلى المجهول بدأت قبل عام ونصف عندما تعرض علاء، وهو خريج صحافة وإعلام، لحادث دهس فى غزة، فقرر السفر إلى مصر لاستكمال العلاج، وهناك علم من فلسطينيين موجودين بمصر عن الهجرة إلى بلجيكا عبر موريتانيا، فقرر فى سبتمبر 2018 الذهاب لاستكمال العلاج فى أوروبا من خلال هذه المغامرة. حجز علاء تذكرة سفر بالطائرة من القاهرة إلى موريتانيا ودفع 800 دولار، وأكمل روايته لفريق التحقيق بقوله: «استقبلنا مهرب موريتانى ومكثنا عنده خمسة أيام، وهناك كان يجمع المهاجرين، لكنه يقوم بإخراجهم على دفعات كل خمسة أيام بواسطة ثلاث مركبات دفع رباعى، فى كل مركبة يضع 10 أشخاص أو أقل وتسير الرحلة إلى صحراء مالى». يحتفظ علاء بمشهد هجوم عصابة صحراء مالى عليهم، فى سجلات ذاكرته، واسترجع المشهد بقوله: «بعد ضربنا ومصادرة أموالنا من قطاع الطرق، سرنا مشياً بالصحراء لا نعرف الطريق، صادفتنا مركبة لشخص جزائرى تسير بجوارنا وبعدما سمع قصتنا أخبرنا أنه سيحضر أفراداً من الجيش الجزائرى للمكان». «إيش جايبكم هان.. أنتم فى أخطر منطقة؟»، هكذا وجه أحد ضباط الجيش الجزائرى الذين وصلوا المكان السؤال لعلاء ورفاقه، واحتجزهم الجيش ليوم فى نقطة عسكرية على الحدود الجزائريةالمالية، وبعدها سلمهم للشرطة الجزائرية «الدرك» وقامت بتحويلهم للمحكمة، وهناك حكم القاضى باحتجازهم 3 أشهر فى مخيم لتجميع اللاجئين بمدينة «تمنراست»، وبعد مناشدات اللاجئين المحتجزين، قرر البعض العودة لغزة، والبعض الآخر اختار استكمال طريق الهجرة. مرت الشهور الثلاثة، وبعدها قررت الجزائر ترحيل علاء ونحو 140 مهاجراً من اليمن وغزة وسوريا، إلى حدود النيجر، وهنا ارتعد علاء وقال: «خاف الشباب لأن حدود النيجر خطرة، فهناك عصابات تقوم بقتل المهاجرين»، انطلقت حافلة الجيش، وخلال الطريق توقفت فى الصحراء لطلب بعض المهاجرين قضاء حاجتهم أثناء الليل، وهى خطة من الشباب للهرب، وتابع علاء: «هربنا من الجيش فى الصحراء، وأرسلوا عدة جيبات عسكرية تبحث عنا»، ظل علاء ومن معه مختبئين بالصحراء حتى بزوغ الفجر، ثم ساروا مشياً عدة ساعات حتى صادفتهم حافلة جزائرية، شرحوا لسائقها قصتهم وأنهم فلسطينيون، ابتسم لهم وقال: «انتم أخوتنا وبنحطكم على راسنا» وأقلهم بالشاحنة مرة أخرى إلى مدينة «تمنراست»، وخلال وجوده بالجزائر تعرف علاء على شخص جزائرى يدعى «على» ويسكن بنفس المدينة، فذهب إلى بيته ومكث عنده يومين، تبرع الشاب الجزائرى، كما روى علاء، بأموال لبعض الشباب ودفع لهم تذاكر حافلة أقلتهم للعاصمة الجزائرية، وهناك دفعوا 1400 دولار لمهرب كى يدخلهم الحدود المغربية، وعلى الحدود أنزلهم المهرب وسار علاء 7 ساعات أخرى، وخشى أن يكون هذا فخاً آخر، لكن كان مهرب آخر بانتظارهم وطلب من كل مهاجر 100 دولار. عائلة "مسمح" وصلت بروكسل بعد 8 أشهر من العذاب.. وتعرضت للنصب والعنف من عصابات تهريب البشر فى الصحراء الكبرى أوصلهم إلى مدينة «مليلة» التى تحتلها إسبانيا، ولا يسمح بالدخول من البوابة سوى لسكان المدينة، الرحلة أوشكت على الانتهاء، وتابع علاء: «دفعت 600 يورو تبرع لى بها صديقى الجزائرى وأعطيتها للمهرب ودخلت من البوابة، وبعدها مكثت 26 يوماً فى الكامب الإسبانى انتقلنا إلى مدريد بإسبانيا وهناك مكثنا عدة أيام ثم سافرت لفرنسا ودخلت بلجيكا وسلمت نفسى لإدارة شئون المهاجرين واللاجئين فى بلجيكا، التى تسمى «كومسارية» بعدما دفعت نحو 7500 دولار تكلفة مغامرة الهجرة»، فى بليجكا التقى علاء مع صديقه غازى قويدر وهو من قطاع غزة، الذى كان قد سلك طريق موريتانيا البحرى عبر المحيط الأطلسى، ودفع 2200 دولار للمهرب، رغم تحذير والدته من ركوب البحر، إلا أن غازى سلك هذا الطريق بعد احتجاز الجزائر لصديقه علاء 3 أشهر، رغم أن نسبة النجاة لا تتجاوز 50%؛ وركب غازى قارباً قديماً ومعه 15 شخصاً، سار القارب مدة يومين حتى وصلوا إلى مدينة الرباط المغربية. «على. خ» شاب غزاوى فى مقتبل العقد الثالث؛ باع قطعة من أرضه لتدبير تكاليف السفر إلى بلجيكا عن طريق موريتانيا، وعن ذلك قال: «دفعت 1700 دولار كى أخرج ضمن كشوفات تنسيقات المسافرين عبر معبر رفح فى 3 أكتوبر 2018، لكننى بقيت يومين بالمعبر وتوجهت من مطار القاهرة إلى موريتانيا برفقة 50 شخصاً»، عندما أشارت عقارب الساعة إلى الواحدة ظهراً يوم 14 من أكتوبر انطلقت الرحلة من موريتانيا، وتابع: «عرفنا بالتهريب من هذا الطريق من خلال أصدقائنا بمصر، وهنا التقينا بمهرب مصرى أقام تواصلاً مع مهرب موريتانى، دفعنا للأول 100 دولار وللثانى 1300 دولار وبدأنا التحرك بحافلة قديمة ومعى 12 مهاجراً»، بعد يومين من السير والتعب وتعطل الحافلة تم الوصول إلى حدود موريتانيا، وهناك تسلمهم مهرب آخر، دفعوا له 100 دولار، فى الليل دخلوا الصحراء، وبدأ الخوف يزحف ويتسلل إلى «على» ومن معه، وطوال الطريق كانت هناك حواجز تفتيش من عصابات وقطاع طرق، ولحسن حظهم لم يتعرضوا للسرقة هناك. 4 أيام سارت السيارة بهم فى الصحراء، وروى على أنه لم يكن يتخيل أن تكون الرحلة بهذا التعب، وهذه الخطورة، لقد فسد الطعام بسبب ارتفاع درجة الحرارة، لكن ما حدث بعد ذلك خالف توقعات على ومن معه، وأضاف: «تركنا المهرب عند الحدود الجزائرية، وأخبرنا أن هناك سيارة ستأتى لتكمل الرحلة، انتظرنا عدة ساعات فعرفنا أنه تركنا، لم نعرف ماذا نفعل، سرنا 12 ساعة مشياً فى الصحراء رغم الإرهاق والتعب حتى وصلنا مدينة تمنراست الجزائرية»، فى الصحراء واجه المهاجرون مواقف كثيرة توقف على عند أحدها بقوله: «كان فى الصحراء عصابات وقطاع طرق معهم أسلحة، وكنا نسمع أصوات الاشتباكات، وعندما أنزلنا المهرب اختبأنا وراء جبل عدة ساعات، ثم ركضنا خوفاً من أن يرونا ويقتلونا»، وتواصل مسلسل استنزاف أموال على ورفاقه، بعدما اصطحبهم شخص من مدينة تمنراست إلى مدينة «وهران» دفعوا له 200 دولار، وعندما علم أنهم فلسطينيون أنزلهم خوفاً من الشرطة، ومكثوا فى بيت قديم مهجور 3 أيام، وواصل «على» سرد تفاصيل المشهد وكأنه يذاع أمامه على شاشة التلفاز. ملثمون أفارقة يحملون رشاشات وسكاكين هاجموا "علاء" ومجموعته وسط الصحراء وسرقوا أموالهم وهواتفهم.. والشاب الفلسطينى: أجبرونا على خلع ملابسنا.. و"على باع أرضه" بحثاً عن حلم السفر وأضاف: «دفعنا 50 دولاراً لمهرب مغربى، كانت كل خطوة تحتاج لدفع المال، حتى وصلنا مدينة تلمسان ثم مدينة مغنية وأخذ 1300 دولار ومكثنا هناك أسبوعاً، وانتقلت إلى الحدود المغربية ووصلنا لمدينة وجدة ودفعنا 150 دولاراً»، لم يبق مع «على» سوى 500 دولار وهاتفه المحمول، وصل إلى بوابة مدينة «مليلة» الإسبانية من طريق المغرب، وهناك تعرض للضرب من الشرطة المغربية التى رفضت إدخالهم للبوابة، لكن ما حدث لم يكن بالحسبان، حيث هدده 3 أشخاص يحملون أسلحة بيضاء بالقتل أو أخذ ماله فأعطاهم كل ما بحوزته ال500 دولار والهاتف المحمول»، يومان نام فيهما «على» فى الطرقات بلا مال أو طعام، وقام بالتواصل مع أهله فى غزة فأرسل والده له مبلغاً من المال استدانها له ودفعها لمهرب لإكمال الطريق، ووصل إلى بروكسل فى 13 يناير 2019م، برفقة 50 مهاجراً من غزة، فى رحلة هجرة كلفته 7 آلاف دولار. طريق السفر من «موريتانيا، مالى، صحراء الجزائر، المغرب، إسبانيا» أصبحت صعبة وخطرة ومكلفة، فأول مهرب رفع ما يحصل عليه من 1300 إلى 2500 دولار، بعدما علم قطاع الطرق أنها أصبحت ممراً للمهاجرين، فأقاموا حواجز وكمائن لسرقة المهاجرين، ومن البحر يتم الانتقال عبر قارب صغير يسمى «بلم» يبحر 3 أيام من موريتانيا حتى مدينة الرباط المغربية وفرصة النجاة 50%. قصة أخرى، من رحلة هجرة غير شرعية «ناجحة» لأسرة غامرت بحياتها وحياة أطفالها للوصول إلى «بلجيكا»، فالحصار الذى فرضه الاحتلال الإسرائيلى وسيطرة حكومة منفصلة منذ 12 عاماً عن حكومة الضفة الغربية، واستمرار الهجوم على غزة دفعت معتصم مسمح، البالغ من العمر 21 عاماً، إلى السعى للخروج من القطاع برفقة أخته التى تكبره وطفليها وزوجها بحثاً عن حياة كريمة بعيداً عن الوضع الاقتصادى السيئ والانقسام الفلسطينى وغارات طيران الاحتلال، من غزة إلى القاهرة بدأت الرحلة، وبعد دخول مصر بصورة رسمية حجزوا تذاكر طيران إلى موريتانيا بعد قضاء 70 يوماً فى مصر، وبنفس الطريق الذى سلكه من سبقهم، مكثوا 3 أيام فى موريتانيا ومن هناك استقلوا «مينى باص» برفقة بعض المهاجرين اليمنيين وصولاً إلى حدود دولة «مالى»، وعن ذلك قال «مسمح»: «وصلنا إلى الصحراء فى سيارات جيب ولاند كروزر، بعد المرور فى غابات موريتانيا، ودخلنا صحراء مالى، وتنقلنا فيها نحو 4 أو 5 أيام واجهنا فيها معاناة كبيرة، فالماء كان يغلى من شدة السخونة، ونحن وصلنا إلى مرحلة كنا غير قادرين على التحرك حتى وصلنا إلى حدود الجزائر، وكنا معرضين للموت»، مدينة «تمنراست» كانت المحطة الأولى فى الجزائر بعد اجتياز الحدود، ومكثوا يومين للراحة قبل الانتقال إلى منطقة تُسمى «مغنية» فى الجزائر، وتابع «المنطقة دى انت وحظك، ممكن يتقبض عليك وممكن لا، ولمدة 24 ساعة كنا فى الباص، حتى وصلنا للمهرب، وجلسنا عنده أسبوعاً، وبعد ذلك تحركنا فى ظلام الجبال سيراً على الأقدام نحو 4 ساعات، وبعد ذلك تحركنا بسيارات جيب، وفى منطقة لا أعلمها رأينا قوات الأمن الجزائرية على مرمى بصرنا، فهربنا منهم، لأن العقوبة حال القبض علينا من 10 إلى 15 عاماً، ولم نكن نعلم إلى أين نذهب إذا عدنا». مهاجر: عشنا معاناة مُرة.. وشاهدنا الموت بأعيننا وسرنا بالأيام فى لهيب الصحارى مع أطفالنا وندمت بعد وصولى إلى الأراضى البلجيكية بعد وقت قصير عثر الجيش الجزائرى على مسمح ورفاقه، واستضافهم وأحضروا لهم الطعام والشراب قبل أن يتم تسليمهم إلى مركز الشرطة فى البلدة نفسها، حيث قضوا معظم أيام رمضان، إلا أن المعاملة كانت حسنة، حتى تم عرضهم على قاضى المنطقة الذى حكم ببراءتهم ونصحهم بعدم الاقتراب من المناطق الحدودية، قائلاً: «هذه بلدكم، وكملوا هنا»، وتابع مسمح: «إحنا تعبنا، فتواصلنا مع مهرب آخر لكنه نصب علينا وأخذ الأموال دون أن يساعدنا، وتواصلنا مرة أخرى مع المهرب الأول ودفعنا له حتى ساعدنا فى الوصول إلى الحدود المغربية»، مع بزوغ الفجر وبعد السير 8 ساعات فى الصحراء وبرفقتهم الأطفال ظهرت الحدود المغربية ووجدوا أنفسهم فى منطقة «وجدة» الحدودية بين الجزائر والمغرب، ومنها استقلوا سيارة إلى منطقة «الناظور» الواقعة على الساحل المغربى، وعلى بعد 15 كم من مدينة «مليلة»، وهناك وجدوا فنادق مخصصة للهاربين مقابل المزيد من الأموال، وأقاموا فى فندق «الحبيب» وفى هذه المنطقة تعرض «مسمح» للضرب والسحل والاحتجاز من الإسبان، وفجأة تسهلت الأمور واستطاعوا العبور من مليلة إلى داخل إسبانيا وتنقلوا بين مدريد وبرشلونة، بحسب حديث الشاب الفلسطينى. ومن خلال حافلة صغيرة استطاعت هذه العائلة الصغيرة الانتقال من إسبانيا إلى مدينة «بيون» الفرنسية الحدودية -وهى البوابة الجديدة لعبور المهاجرين المقبلين من المغرب- والتى لم يكملوا فيها 24 ساعة حتى انتقلوا إلى «لوكسمبرج» ومنها إلى بلجيكا المحطة الأخيرة التى سعوا للوصول إليها منذ بداية الرحلة قبل 8 أشهر. وعن التعامل مع عصابات التهريب فى هذه الرحلة، قال «مسمح» إنه تواصل معهم عن طريق الهاتف، وهناك عصابتان بين موريتانيا ومالى، يديرهما اثنان، الأول يدعى «عثمان» والثانى يدعى «الشيخ»، ولا يتعاونان مع بعضهما البعض، إلا أن مهربى الجزائر والمغرب يتعاونون معاً. «نفسى أرجع غزة تانى، وندمان»، بهذه الكلمات لخص «مسمح» حياته فى بلجيكا، لأنه توقع أنه سيحظى بحياة كريمة، إلا أنه وجد أن الوضع لم يختلف كثيراً عن وجوده فى قطاع غزة، فلم يجد عملاً مناسباً يسدد به ما اقترضه من أجل هذه الرحلة الصعبة، ولم يجد الحرية التى كان يحلم بها فى القارة العجوز، لأنه من الصعب الحصول على عمل لشاب لم يكمل دراسته، ولم يحصل على إقامة من الأساس. حسب المعلومات التى حصل عليها الفريق من نقيب المحامين فى غزة، عبدالعزيز الغلايينى، الذى تختص نقابته فى تصديق كل طلب جواز سفر، فإن عدد جوازات السفر التى يتم إصدارها شهرياً لأهالى القطاع تقدر بنحو 15600 جواز «وثيقة» سفر سنوياً، فيما يبلغ عدد طلبات إصدار وتجديد جوازات السفر من غزة إلى الضفة يومياً نحو 50 طلباً ما بين تجديد أو طلب إصدار جواز حديث.