لعلَّ صورةَ البرلمانية المغربية، من حزب العدالة والتنمية، وهي تظهر فيها باسطةً ذراعيْها، وكأنها ترْغبُ أن تطيرَ، أو أنها عادت من الطيرانِ، وأرادت أن تثبتَ قدميْها على الأرض؛ فهي ليست وليَّةً من أولياء الله، أو (قُطْبَةً) من أقطاب الصوفية؛ هي امرأة – كسائر النساء – تعشق الحياة الحلوةَ، والحياةُ الحلوة توجدُ في فرنسا، وليالي الأنس تتِمُّ في باريس! أقولُ إنها أرادت أن تثبت قدميْها على الأرض لأنَّ «هناك اعتقاداً أنَّ الوليَّ قد يصلُ به الأمرُ ويطير، وحتى يكون مثل بقية البشر، ثابتاً على الأرض، يقترفُ بعضاً من الذنوب!». إنَّ البرلمانيةَ التي عرفها المغاربة مُحجَّبَةً في بلدهم، ثم نظروا فرأوها غير محجَّبَةٍ في فرنسا، ربما أرادت أن تنزل من السماء! هل أخطأت المرأةُ؟ في نظري أنها لم تخطئ، فهي حرةٌ في نفسِها، وفي جسدها، وفي رأسها، ومن حقِّها أن تُغطِّيَ شعرها أو لا تغطيه.. ومن حقِّها أن تعلن عن رأيها (الليبرالي) في منْ يريد أن يصوم رمضان أو يأكل رمضان، ونحن بدورنا نؤيدها في رأيها هذا، ونزيدُها أنه لا يهمُّنا من يصوم أو لا يصوم، ومن يحتفل برأس السنة ومن لم يحتفل به.. لكن، يهمُّنا من يُصدِّع رؤؤسنا بكلام، ويقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، وبخاصةٍ من يتولَّون شؤوننا، ويتقلدون الوزارات والمصالح العامَّةَ باسم الدين ونوعٍ من الأخلاق، ثم نجد خلاف هذا الدين وتلك الأخلاق. أما الحجابُ نفْسُه فلا يهمنا من يضعه ومن يخْلعُه، وفي اعتقادي أنَّ الحجابَ كما قال "عمر فاخوري": «لا يؤدي وظيفتَه في الحاضر، أو يؤديها معكوسةً: أصبحْنا فإذا بالحجاب الذي وُضع لدرْءِ الفتنةِ لا يحجبُ شيئاً بل يكشفُ عمَّا قد لا يكون لوْ لمْ يكن حجاب». ولعلَّ حجابَ البرلمانية كشف عن حقيقتِها، إنْ لم أقل عن حقيقة الحكومة (العدلية التنموية) كلِّها، وهو ليس أول أمرٍ انتهى إلى غير غايته في ظلِّ هذه الحكومة.