تصوير : الياس حجلة تنفيذا لبرنامجه الثقافي، نظم مركز الريف للتراث و الدراسات والأبحاث محاضرة علمية في موضوع: "الأزمة المالية العالمية، قراءة في الأسباب و المآلات" ألقاها الأستاذ المهندس ناصر الفنطروسي رئيس مدرسة الرسالة للتعليم الخصوصي، ومدير معهد بيجيي بالناظور، وأستاذ الاقتصاد والتجارة والإعلاميات ، وذلك مساء يوم الجمعة 02 صفر 1432ه الموافق ل: 07 يناير 2011م بغرفة الصناعة و التجارة والخدمات بالناظور . في البداية تحدث الأستاذ المحاضر عن النقود فى النظام الاقتصادي ، و تطور الاقتصاد الطبيعي ونشأة النقود ، ووظائفها التي أجملها في كونها مقياسا للقيم ، و وسيلة للتبادل ، ثم أداة لاختزان القيم . وفي معرض حديثه هذا عرف النقود ب : "الشيء الذي يلقى قبولاً عاماً في التداول، وتستخدم وسيطاً للتبادل ومقياساً للقيم ومستودعاً لها، كما تستخدم وسيلة للمدفوعات الآجلة واحتياطي لقروض البنك." محددا دورها في كونها وسيلة ل : تحديد قيمة السلع ، ولشرائها و بيعها ، بالإضافة إلى أنها أداة لتوفير و حفظ القيمة. مضيفا قي هذا السياق أن النقود " تسمح لنا بتحديد قيمة السلع سواء كانت منتوجا أو خدمة . يمكننا بعد ذلك أن نقارن السلع فيما بينها ". معتبرا إياها (النقود ) " أداة للتبادل تسمح لنا بشراء أو بيع السلع في أي مكان " ، إضافة إلى كونها " أداة احتياط تسمح لنا بتوفير القيمة لعمليات شراء في المستقبل ". مشيرا في الصدد نفسه إلى تطور النظام النقدي العالمي ، وما اسماه بمرحلة العملات العائمة ، و أول انحراف خطير في المسار الاقتصادي . وفي سياق ذي صلة بموضوع المحاضرة أشار الأستاذ الفنطروسي إلى كلام نفيس للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله يقول فيه " إن الأثمان لا تقصد لأعيانها بل يقصد التوصل بها إلى السلع فإذا صارت في أنفسها سلعا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس و هذا معنى معقول يختص بالنقود و لا يتعدى إلى سائر الموزونات ". وخلال حديثه عن الأزمة المالية أكد المحاضر أن الأصل في الرأسمال أن يولد دخلا، وكلما ارتفع رأس المال، ارتفع معه حجم الدخل الذي يدره ، مضيفا ، ان الرساميل (أو الأصول) تستمد قيمتها من حجم الدخل الذي ستدره ، و الأثمنة قد تتغير بشكل مفاجئ ، بحيث تستطيع أثمنة الأصول أن تتطور بشكل مستقل لا علاقة له بالاقتصاد الحقيقي. ويؤكد الأستاذ الفنطروسي انه " بسبب المضاربات، تستطيع الأصول أن تبلغ أثمنة لا يعكس الواقع الاقتصادي الذي اصطلحنا على تسميته بالأساسيات " ، مشددا على أن المشتري لا يسعى إلى الحصول على المداخل الجارية لهذه الأصول : (أرباح، فوائد، قيمة الكراء......) بل هو ،يضيف ، في بحث دائم عن فائض القيمة . وفي حديثه عن طغيان عنصر المضاربة المالية على الاقتصاد العالمي ،و رواتب و مكافئات المضاربين في الأسواق المالية العالمية و علاقتها بفرضي الأسواق ، أشار إلى هيمنة النموذج الليبرالي المتطرف ، موضحا ، ان الأزمات المالية ليست لا طارئة و لا نادرة . وفي معرض كلامه عن جذور الأزمة الحالية ، و أصل البلاء أشار إلى تحويل القروض إلى سندات قابلة للبيع ، و التخلص من ”القروض النتنة“ ، مؤكدا انه ”بفضل“ تقنيات جد معقدة، ستتمكن الأبناك من تحويل قروض إلى منتجات مالية قابلة للتسويق ، و يتم دمج هذه المنتجات المالية السامة و الملوثة و التي تنطوي على مستوى عال من المخاطر مع منتجات مالية سليمة و آمنة.. مشددا على أن هذه العملية تتم بتواطؤ مع كبرى شركات التنقيط العالمية . كما أكد المحاضر على أن المؤسسات البنكية في هذا الجو الذي يسوده الترقب و الشك و الخوف من المستقبل، قلصت من حجم القروض التي تمنحها للشركات و للخواص الذين دخلوا بدورهم في مرحلة الترقب ، و النتيجة ، يقول ، " أن الأزمة التي بدأت مالية، ستمتد آثارها إلى الحياة الاقتصادية، لأن محدودية القروض ستؤثر سلبا على الاستهلاك و على حجم الاستثمارات التي ستؤثر بدورها على التنمية " . قبل أن يختتم مداخلته بقول لبسينت بوفيلس رئيس تحرير "شالنج " جاء في إحدى افتتاحياته يؤكد خلاله : " إن الرأسمالية لا يمكن أن تكون أخلاقية أو ضد الأخلاق ، إنها ببساطة لا تهتم بالأخلاق " . ثم تابع يقول : "و ليسمح لنا البابا بينديكت 16 في هذا الوقت الذي نمر فيه بأزمة تكنس كل إشارات النمو في طريقها...." مشددا على "إن القرآن هو الأحرى بإعادة قراءته و ليس النصوص البابوية. لأنه لو احترم مصرفيونا قدرا و لو قليلا من الشريعة لما كنا في هذا الوضع ". وبعد التدخلات المتميزة والمناقشة، ختم اللقاء رئيس مركز الريف للتراث والدراسات والأبحاث، بشكر الأستاذ المحاضر والحضور الكريم ، مذكرا بأنشطة علمية أخرى سيسهر على تنظيمها مركز الريف في المستقبل القريب .