شبان في مقتبل العمر يتوسدون هنا وهناك، على أرصفة الشوارع و في الساحات وتحت شرفات المنازل أجزاء الكارتون البالية، و يلتحفون بطانيات ممزقة و أجزاء من البلاستيك. تقاسيم وجوههم تحكي بمجرد النظر إليها حجم المعاناة في عز ليالي فصل الشتاء الباردة، وفي داخلهم أمل يأبى الانكسار، وحلم سيظل يقاسي إلى أن يتحقق. المكان مدينة الناظور، الزمان ليلة من ليالي شهر دجنبر 2017، حيث الشوارع فارغة من الناس، لا صوت يعلو فيها على نباح الكلاب الضالة و مواء القطط و صفير الرياح الباردة، وعلى الأرصفة عشرات الشباب و القصر قدموا من مدن بعيدة كزاكورة و الدارالبيضاء و فاس ليستقروا بأماكن تصلح لكل شيء باستثناء الدفء الذي نبتغيه جميعا في هذه الفترة. الحريك او الهجرة نحو الخارج بطرق غير شرعية، يظل مبتغى يصعب اقتلاعه من أذهان من يعيشون حياة التشرد بمدينة الناظور، و اغلب من التقت بهم "ناظورسيتي" خلال جولاتها طيلة الفترة الماضية، أكدوا أنهم اختاروا مقاومة صعوبة الطقس و سوء المعاملة والاهانات المتكررة...، لغاية واحدة ووحيدة تتمثل في تحقيق حلم مغادرة أرض الوطن نحو الفردوس الأوروبي، وذلك بعدما فقدوا كل آمالهم و فشلوا في جميع محاولات البحث عن حياة أفضل داخل المدن المغربية. المتشردون الذين تمكنت "ناظورسيتي" من اقناعهم بالتكلم إلى الكاميرا ليقاسموا جزءً من حياتهم مع الرأي العام، أكدوا أنهم يلقون معاملة حسنة من طرف أغلب الأهالي، باستثناء بعض المعاملات القاسية التي يتعرضون لها بين الفينة والاخرى من لدن أناس يعتبرونهم مجرد "شمكارة" لا يستحقون البقاء في المدينة، ورغم ذلك يظل الجانب المضيء في المعاملة هو يحفزهم على البقاء بالمنطقة إلى أن يتمكنوا من العبور إلى الضفة الأخرى من القارة الأروبية. و تؤكد هذه الفئة، أن الأسباب كثيرة لكن الغاية تظل واحدة وهي الهجرة، فبكلمات كلها حزن وأسى على مآلهم، يأمل المتحدثون أن يغيروا حياتهم نحو الأفضل و يعوضوا ما فقدوه داخل وطنهم الام، وهذا الحلم حسب كلامهم ''لن يتحقق إلى بتحمل ما يقاسونه خلال هذه الأيام على أن يتمكنوا قريباً من تحقيق مبتغاهم‘‘.