أيام وتحل الذكرى الأولى لمقتل المغربي محسن فكري بائع السمك، والذى لقي مصرعه في 28 أكتوبر من العام الماضي، بعد أن حاول استرداد أسماك صادرتها السلطات بحجة عدم قانونية صيدها، ما أسفر عن سحقه مع أسماكه في شاحنة للنفايات. مقتل بائع السمك كان الشرارة الأولى لاندلاع حراك الريف المغربي، بلغ ذروته بعد القبض على القائد الميداني للحراك ناصر الزفزافي، و40 فرداً من نشطاء الحراك. ويعاني المعتقلون من تدهور في الحالة الصحية بسبب إضرابهم عن الطعام منذ 23 يوما، في سجن "عكاشة" في مدينة الدارالبيضاء وسط المغرب. وقال المحامي محمد أغناج من هيئة الدفاع عن المعتقلين إن نحو "35 شخصا من المعتقلين على خلفية الحراك حالتهم متدهورة جدا". وأضاف "نحن كهيئة دفاع لسنا مع أو ضد الإضراب. هذا خيار المعتقلين، ولكن نحن بالتأكيد مع السلامة الجسدية لهؤلاء". وقالت عائلات المعتقلين في شهادات خلال ندوة صحافية في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة غير حكومية، إن ذويهم في حالة صحية سيئة جسديا ونفسيا. وقالت حياة بولحجل، أخت المعتقل بدر الدين بولحجل، "تحسنت حالة أخي نسبيا بعد إيقاف الإضراب عن شرب الماء والسكر... كانت حالته خطيرة جدا... أغمي عليه عند زيارتنا له ونقص وزنه 10 كيلوغرامات في ظرف 22 يوما... وإدارة السجن لا تحرك ساكنا". كما قال يوسف الإيسناري إن شقيقه في "حالة صحية سيئة للغاية ولا يقوى على الكلام". وذكرت أيضا أم نبيل أمحجيق نفس الشيء عن ابنها. وكانت مندوبية السجون في المغرب قد أصدرت بيانين الشهر الماضي يفيدان بأن الإضراب عن الطعام مجرد افتراءات وأن المعتقلين "يتناولون طعامهم بطريقة منتظمة". في نفس السياق، عبر المرصد المغربي للسجون عن "قلقه الشديد" إزاء الوضع الصحي للمحتجزين من "الحراك" في شمال المغرب، الذين دخلوا في إضراب عن الطعام مطالبين بإطلاق سراحهم. وقال المرصد في بيان إنه يتابع ب"قلق" وضع المحتجزين من "الحراك" وخصوصا من نقل منهم من الحسيمة إلى سجون في الدارالبيضاء وفاس وتاوريرت. ولم يقدم المرصد أي رقم للمحتجزين المعنيين، ودعا إدارة السجون إلى "عدم الضغط على المضربين أو تهديدهم" وضمان "متابعة يومية" لهم و"احترام كرامة أقربائهم". على جانب آخر، أعد المركز المغربي للدارسات والأبحاث والمعاصرة تقريرا حول أزمة حراك الريف، أعتبر فيه أن حراك الريف شمال البلاد ما هو إلاّ أول رد شعبي على عطب الديمقراطية. وبرّر التقرير إطلاقه مفهوم "الحراك" على ما تشهده منطقة الريف منذ أكتوبر الماضي، بكون "استمرار الاحتجاجات أزيد من 9 أشهر، أهّلها لكي تأخذ طابع الحراك". وأشار إلى مسؤولية السياسات المتبعة بالمنطقة في تفجّر الأوضاع، مستدلا على ذلك بما قال إنه "تبخيس العمل السياسي، والتحكم في الأحزاب، والريع الاقتصادي". وسجّل التقرير أن حراك الريف سلّط الضوء على التعامل الأمني مع الاحتجاجات الشعبية. دعم المعتقلين وانطلقت اليوم الأحد المسيرة الوطنية من ساحة النصر بالدارالبيضاء يوم دعما ل "حراك الريف". وقالت فدرالية اليسار الديمقراطي المكونة من 3 أحزاب يسارية (الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة، المؤتمر الوطني الاتحادي) إن معتقلي حراك الريف يؤكدون "إيمانهم بعدالة قضيتهم وببراءتهم ومن ثم استعدادهم لكل التضحيات أمام عودة أساليب الزجر والعقاب والانتقام من طرف أجهزة الدولة وحكومتها، الأساليب التي تذكر المغاربة بالتجاوزات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال سنوات الجمر والرصاص". تأجيل بعد تأجيل أرجئت في الدارالبيضاء، الثلاثاء الماضي، محاكمة نحو 20 من مؤيدي "الحراك" في شمال المغرب بتهم تتضمن "المساس بالأمن الداخلي للدولة" و"القيام بمحاولات تخريب وقتل ونهب" و"التآمر ضد الأمن الداخلي". وتأجلت الجلسات إلى 17 أكتوبر، كما طلب محامو الدفاع من القاضي الإفراج المؤقت عن موكليهم ونقل المتهمين المضربين عن الطعام إلى المستشفى لتلقي العلاج الملك وتقارير التقصي التقى الملك محمد السادس قبل أيام وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد اللذين استعرضا خلاصات التقارير المتعلقة بتنفيذ برنامج التنمية في مدينة الحسيمة. وأضافت الوكالة نقلاً عن بيان للديوان الملكي، أن الملك اطلع على تقارير عمليات التقصي التي خلصت إلى وجود تأخر، بل وعدم تنفيذ مكونات عدة من هذا البرنامج التنموي. وأشارت الوكالة المغربية إلى أن الملك أعطى تعليماته للمجلس الأعلى للحسابات كي يبحث في مهلة أقصاها 10 أيام، هذا الموضوع طبقاً لصلاحياته. وكانت مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة منذ عام تقريباً مسرحاً لاحتجاجات شعبية تطالب بالتنمية. وأعدت الحكومة المغربية استجابةً لمطالب المتظاهرين، إطلاق أو تسريع مشاريع مدرجة في برنامج «الحسيمة، منارة المتوسط» (2015-2019)، وتبلغ قيمتها 600 مليون يورو. إلا أن تطوير المنطقة لم يعد المطلب الرئيسي لحركة الاحتجاج التي تطالب الآن بإطلاق سراح ناشطيها من السجن ويقدر عددهم بأكثر من 200 شخص. وبدأ حراك الريف بعد مقتل بائع الأسماك محسن فكري في أكتوبر من العام الماضي في مدينة الحسيمة في منطقة الريف بشمال المغرب. واندلعت احتجاجات في عدد من مناطق المملكة وخاصة في الريف، احتجاجا على مقتل فكري والمطالبة بتنمية الإقليم ومحاربة الفقر والبطالة في المنطقة. وأسفرت الاحتجاجات عن اعتقال المئات من المتظاهرين وحكم على بعضهم بالسجن فيما لا تزال المحاكمات مستمرة. وتقول الحكومة إن الاحتجاجات في الريف كبدت المغرب خسائر مادية خاصة في المجال السياحي، حيث انخفض عدد السياح الوافدين إلى الحسيمة الصيف الماضي.