مع حلول هذا الشهر المبارك يأبى المسلم الا ان يحضر الصلاة مع الجماعة، وبينما نحن في مسجد "لعري الشيخ" بمدينة الناظور، لأداء صلاة التراويح ليلة أمس، بدأت اسمع الخطيب يلقي درسا قبل الشروع في الصلاة، لو تعلمون يا اخوتي ما موضوع الدرس لاعتقدتم انه خطاب سياسي من شخص ينتمي الى الدولة (برلماني، والي، باشا...) لقد ظللتم الطريق ايها الوعاظ المتشدقون، بكل امانة سأحاول ان أسرد لكم ما مضمون الدرس: قال بأن الدين هو السياسة والسياسة هي الدين وأنه من حق الواعظ أن يخوض في السياسة من على المنابر، وان على الشعب ان لا يخرج على الحاكم وان تجبر وطغى، وان القانون الوضعي هو وحده من يكفل حقوق المواطنين فيجب ان نخضع له، وان الجماعات والمجالس وأن أخطأت أو نهبت فلا يجوز لنا أن نحاسبها أو نحتج عليها، وأن المطالبة بالحقوق حق مشروع ولكن وفق ما تريده الدولة وليس بالاحتجاج والتظاهر. لقد احسست بمغص في معدتي وكأنني اريد التقيؤ ... ما هذا القرف ايها الفقيه هلا عدت بنفسك الى الامس القريب حينما كنتم تتقاضون 1200 درهم كاجرة، ولما اجتمعتم في الرباط لتطالبوا بحقكم بالعباءات البيضاء ولاقيتم ما لاقيتموه من عصي وهراوات وانتم ترددون "حسبنا الله ونعم الوكيل" لقد شاهدتكم وانتم تهرولون بين ازقة الرباط كالبجع، وبعد خروج الشعب في حركة 20 فبراير تم الاستجابة لمطالبكم واعيد اليكم كرامتكم وانتقلتم من حالة الطبيعة(البجع)الى حالة الثقافة(الانسان) ، فمن كان له الفضل في ذلك ؟ هل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلاموية ام الحراك الشعبي؟ لم أجد بدا وانا بين الجموع من المصلين الا ان اردد في نفسي حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ايها الائمة المضللون، ما شأنهم و الحراك الشعبي فلكل مقام مقال كما تقولون في معظم خطبكم ، الى مزبلة التاريخ انتم ودروسكم التي لم تعد تحرك فينا ولو شعرة لانه كل مايخرج من القلب يصل الى القلب وما يخرج من اللسان لا يجاوز الاذان وهذا هو حال بعظكم ، اصبح بوقا لهذا النظام الفاسد ، اين انتم ممن يقول كلمة حق ولا يخاف فيها لومة لائم ، بعتم دينكم واصبحتم للزور تطبلون، كدت ان اقع في المحظور واحتج على الامام وسط المسجد الا ان الله هداني للصواب استنكرت في نفسي وغادرت المسجد ولم اصلي التراويح ، وقررت ان اصلي في منزلي، نحن لا نعمم طبعا فهناك من الائمة اناس عاهدوا الله على كلمة حق هم قائلوها وان كلفهم ذلك حياتهم . ما اصبح واضحا هو ان هذه الدولة الفاسدة مستعدة لفعل اي شيئ لكبح هذه الحناجر التي تصدح للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحق في الحياة والسكن والتعليم والصحة...لكن الباطل مهما علا الا انه سيسقط سقوطا ذريعا ، وسيعلو الحق حتما ، فلن تستطيعوا وقف الربيع وان استطعتم قطف الزهور، اقل ما يمكن ان نفعله لنغير المنكر هو لساننا امام تجبر هذا النظام وطغيانه على شعبه الضعيف والاعزل.