تصوير: إلياس حجلة على غرار المدن الساحلية الأخرى، تلبس مدينة الناظور كل صيف أبهى حلة ، بشواطئها ورمالها الذهبية، وفضائاتها الطبيعية، وأسواقها التي تملئ جنابتها بالمتسوقين، وأعراسها التي يحرص سكان المدينة على عقدها كل صيف، وجاليتها المقيمة بالخارج التي تعود إلى بلدها الأصل لصلة الرحم وملاقاة الأهل والأحباب لكن في ظل الغياب التام لأبناء هذه المدينة اليتيمة الذين يفتقدون الغيرة عليها، من المنضوين تحت لواءات الأحزاب السياسية، والجمعيات المدنية، ومن أطر و مسؤولين، فقد نخرت الفوضى والعشوائية جل مؤسسات الناظور، وملئت شوارعها بالأزبال والقاذورات، واهترئت طرقاتها، وشوهت صورتها أبشع تشويه وقد حرم العديد من المواطنين من التجول في المدينة بسبب الحالة الكارثية التي وصلت إليها ، لأنهم ضاقوا ذرعا بسبب غياب التنظيم في الطرقات، وانتشار مجموعة من الظواهر الشاذة التي لم تكن مدينة الناظور تعرفها من قبل، من بينها ظهور ثلة من المجهولين في شوارع المدينة يلبسون أقمصة حمراء وصفراء، ينقضون على زوارها كلما توقفوا إلى جانب الطريق بسيارتهم، تراهم يطلبون دراهم معدودة تعويضا عن حراسة غير موجودة، وآخرون يتجولون في المقاهي تراهم ليوزعوا أوراقا على شكل قصص قصيرة جدا تحكي حالة اجتماعية معينة أو خيالية للعب على وتر العاطفة، وأطفال قاصرون ونساء بمختلف الأعمار يطاردون المارة طالبين الصدقة في سبيل الله أليس من حق المواطنين التمتع ولو مرة واحدة من الراحة والحرية أثناء تجولهم في المدينة، أليست هناك جهة في الناظور تسمى الأمن تسهر على توفير هذه الراحة، أليس هناك مسؤولين بعمالة الناظور يسهرون على إعادة هيكلة مدينة الناظور قصد جعلها قبلة للسياح، فأين هم مما نشاهده ونعيشه في هذه المدينة المبتلية ارتأينا في موقع ناظورسيتي التطرق إلى هذه الظاهرة الخطيرة التي ابتليت بها مدينة الناظور إلى جانب المدن الأخرى وهي ظاهرة التسول، وأخذ بعض الصور التي تعبر مع الأسف الشديد عن الصورة الحقيقية لواقع المدينة المزري معدل التسول مرشح للارتفاع بشهادة وزارة التنمية الإجتماعية 196 ألف شخص هو عدد المتسولين المغاربة حسب إحصائيات 2007، 48.9 في المائة منهم رجال و51.1 في المائة منهم نساء، ويبرر 51.8 في المائة من هؤلاء ممارستهم التسول بالفقر، و12.7 في المائة منهم بالإعاقة، و10.8 في المائة منهم بالمرض، و24.7 في المائة يرجعون احترافهم التسول إلى أسباب أخرى. هذه هي الأرقام التقديرية التي كشف عنها بحث وطني حول التسول أنجزته وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن في 26 شتنبر المنصرم، والتي قدرت نسبة التسول الاحترافي بين هؤلاء بنحو 62.4 في المائة، أي أن معظم المتسولين يحترفون التسول كمهنة، فبدل البحث عن عمل شريف يلتجأ هؤلاء إلى التسول، مستغلين الوازع الديني لدى المغاربة عجوز تنتظر قلب رحيم لمدها بصدقة في أحد شوارع الناظور عادة ما نجد في شوارع المدينة، في أبواب المساجد والأسواق والمؤسسات العمومية، عجزة، تتراوح أعمارهم بين الستين والسبعين سنة، يمدون يدهم للمارة قصد الحصول على دراهم معدودة، كصدقة، فمنهم من يبكي، ومنهم من يقرأ القرآن ومنهم من يبرر حالته الاجتماعية بسبب معين، ومنهم من يرفع الدعاء، وغيرها من المبررات التي قد تأثر في المارة، لكن يبقى السؤال المطروح، هل هؤلاء العجزة يستحقون هذا الوضع المهين، هل بسبب تقدمهم في العمر وعجزهم سينتهي بهم إلى التسول، إذا كانت الدولة في كل مرة تجدد عبر حكومتها وعدها بإيجاد حل للمحرومين والمتخلى عنهم، متى ستتحق تلك الوعود، وما موقف الخيرية الإسلامية المتواجدة في الناظور قرب ضريح سيدي علي من هذه الظاهرة نساء يلتجئن إلى الأطفال للتسول الكل يتذكر الشبكة التي كانت متخصصة في كراء الأطفال واستغلالهم في التسول بالمغرب السنة الماضية، حيث أصبح المتسولون المهنيون الذين أحصتهم الوزارة وقدرتهم ب 62.4 بالمائة من مجموع المتسولين بالمغرب، الذين يمتهنون حرفة التسول يكترون الأطفال من عائلات فقيرة، أو عبر اقتياد قاصرين من خيريات تغيب فيها المراقبة، ليستعملونهم كوسيلة للتسول في شوارع المدن المغربية صور التقطت من مختلف شوارع الناظور لمتسولات يستعملن أطفالا في مقتبل العمر للتسول ( انظر الصور ) ، للتأثير على المارة قصد الحصول على الصدقة، ويبقى السؤال المطروح هو : إذا كانت الظروف الاجتماعية فرضت على هذه المرأة الخروج إلى الشارع للتسول فما ذنب هؤلاء الأطفال الأبرياء ؟ !، وهل من وجود جهات متخصصة بنصب عملها حول البحث على الأقل في هوية هؤلاء الأطفال متسولون يستعطفون الناس بإبراز عاهاتهم هناك فئات أخرى من مجتمع المتسولين بالناظور تلجأ إلى إظهار أماكن إصابتها بمرض أو ورقة شراء الأدوية التي عجزت عن توفير ثمنها، يجلسون في أماكن تكتظ بالمارة، هؤلاء ليس لديهم قاموس خاص للتأثير على القلوب، بل يكتفون بإظهار عاهاتهم قصد الحصول على إعانات معينة في المقابل، هؤلاء المتسولين الذين يلتجئون إلى هذه الطرق للتسول، نضعهم في صورتين واضحتين لا غير، إما أن المسؤولين على القطاع الصحي بالناظور عجزوا على تقديم العلاج لتلك الفئات، بمستشفيات المدينة، لعدم وجود معدات أو أطر قادرة على ذلك، وإما هؤلاء المتسولون يتهربون من العلاج قصد الاستمرار في امتهان التسول،وهنا وجب على الجهات الأمنية التدخل لأنهم يشوهون منظر المدينة وصورتها، بتلك المناظر المقززة التي لا يتحمل الإنسان النظر فيها متسولات في النهار عاهرات في الليل ظهرت مؤخرا في مدينة الناظور فتيات يتراوح عمرهن بين 15 و25 سنة يلجأن إلى توزيع أوراق على ركاب الحافلات، ومرتادي المقاهي وأرباب المتاجر متضمنة لمعلومات حول حالة أسرتهن، معللة إياها بمرض مزمن أصاب والدها أو أنها يتيمة تتحمل مسؤولية تربية إخوانها، وأخريات يلتجئن إلى ملاحقة الشباب في الشوارع لطلب الإعانة، والغريب في الأمر أن المظهر الخارجي لتلك الفتيات لا يعبر بتاتا عن فقرهن أو عجزهن، وهذه أحدث طريقة للتسول، أو البحث عن زبائن يصبحون في الليل أسخى منهم في النهار، لذا إذا كان التسول مهنة جديدة تستعملها تلك الفتيات للحصول على قوت عيشهم دون البحث عن عمل أو شغل، أو إعادة التكوين من جديد قصد امتهان مهنة أخرى شريفة، فما هو دور المجتمع المدني الذي يسهر على حماية المرأة، ومؤسسات الدولة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية لتوفير بدائل لتلك الفئة من المجتمع على سبيل الختم أمام استفحال هذه الظاهرة الدخيلة على ثقافتنا لا يسعنا إلا أن نتأسف ، ونطالب الجهات المعنية ،من قريب أو من بعيد،من اجل التدخل للتخفيف على الأقل من حدتها ،في أفق القضاء عليها إذا توفرت النيات الحسنة والإرادات الصادقة لدى الحكومة المغربية و المجتمع المدني الذي يبدوا انه يشتغل على أمور ثانوية غافلا بذلك ، أو بالأحرى، متغافلا هذه الظاهرة الخطيرة التي لم تعدها مدينتنا المحافظة من قبل