شهدت قاعة الندوات بالمركب الثقافي بمدينة سلوان مساء اليوم السبت 29 ماي الجاري تنظيم ندوة ثقافية حول موضوع " الكاريكاتير بين الفن والسياسة" بإشراف "جمعية ثاويزا للثقافة والتنمية" بهذه المدينة و من تأطير الأستاذين والفنانين التشكيليين محمد نضراني وعبد العالي بوستاتي وقد إفتتح أشغال هذه الندوة المسير عبد الإلاه طلحاوي بالترحيب بالمحاضرين و بكافة الحضور وبتقديم نبذة مختصرة عن حياة هذين المحاضرين المناضلين وبخاصة ما تعلق بمسارهم في الفن التشكيلي الذي أغنوه بمجموعة من مخطوطاتهن الهادفة وقد إستهل السيد عبد العالي بوستاتي تدخله بخصوص هذا الموضوع بإعطاء لمحة تاريخية حول فن الكاريكاتير وعلاقته بالسياسة والذي اعتبر ظهوره منذ أواسط القرن السادس عشر بأوربا قبل بروز مجموعة من المدارس لهذا الفن خلال القرن السابع عشر بكل من إنجلترا وفرنسا ،حيث تطور من الكاريكاتير الهزلي المضحك إلى الكاريكاتير السياسي، ليعرج بوستاتي على تعداد مجموعة من أنواع الكاريكاتيرات وخصائصها. وقد إعتبر أن فن الكاريكاتير من الفنون القريبة من المجتمع لأنه يعبر عن همومه بتعرضه وفضحه لمجموعة من المظاهر التي تستشري في هذا المجتمع بشكل هزلي بعيدا عن الرقابة، وهوفي رأيه يعبر عن الواقع كما يراه الكاريكوريست حسب مايخالج بدواخله وليس كما هو في أرض الواقع، مؤكدا أن الكاريكاتير فن السهل الممتنع الذي يجب أن يكون دائما فن المواقف ليساهم في كسر مجموعة من الطابوهات التي يعاني أفراد المجتمع من السكوت عليها، موضحا أن هذا الفن رغم تجذره في التاريخ إلا أنه لازال لم ينتشر بشكل يوازي أهميته مما يجعل الفنان الكاريكوريست دائما معرض للصعوبات والمخاطر ومن جهته إعتبر الأستاذ محمد نضراني أن هناك مقولة مفادها أنه لقياس درجة تقدم مجتمع ما يجب النظر إلى مدى تطور فن الكاريكاتير في هذا المجتمع، إذ أنه في المجتمعات الأوربية مثلا أصبح هذا الفن شكلا من أشكال المساهمة في بناء الديموقراطية، حيث يمكن أن تعبر رموزه عما لايستطيع الكاتب أو الصحفي التعبير عنه بكتاباته، لذلك فبعض السياسيين في الدول المتقدمة عندما يرى بأن الرسومات الكاريكاتيرية التي تنشر في بلده لاتتعرض لشخصه أو لأفعاله يحس بأن نجمه قد إضمحل أو إقترب من ذلك. وقد إعتبر الأستاذ نضراني أن فن الكاريكاتير أصبح مادة أساسية في الجرائد الأوربية بتواجده في الغالب بالصفحة الأولى على شكل تلخيص لأهم الأحداث التي تناولتها الصحيفة، في حين تجده في الوسط أو في الأخير بالجرائد الوطنية . وأكد الأستاذ أن هذا الفن مرتبط بمنطق السوسيوثقافي لكل مجتمع، وفي هذا الإطار أورد أنه من خلال بحثه في هذا الميدان تبين له أن المستعمر الإسباني إبان حربه بالريف إستعمل فن الكاريكاتير للتأثير على مقاومة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي من خلال نشره لبعض الرسومات الكاريكاتيرية الخيالية لهذا الأخير لتضعيف معنويات أتباعه، ولذلك يرى الأستاذ أنه يمكن قراءة التاريخ من خلال تمعن الكاريكاتير وقد أعقبت هاتين المداخلتين مناقشة مستفيضة من قبل الحضور، أكدوا من خلالها أن مجتمعنا لازال لم يستوعب بعد أهمية فن الكاريكاتير خاصة لتعدد قراءاته واختلافها من شخص لآخر، وأن هذا الفن لايمكن أن يتطور إذا لم تكن هناك حرية التعبير مستحضرين مجموعة من الحالات التي أدت فيها بعض الرسومات الكاريكاتيرية إلى الزج بأصحابها وراء القضبان وإغلاق بعض المنابر الإعلامية إظافة إلى عدم إعتراف الدولة بهذا الفن من خلال تشجيعه كباقي الفنون وبتضمينه في المقررات الدراسية رغم مايمكن أن ينتج عنه من فهم لدى التلميذ ربما أكثر من فهمه للكتابة. مؤكدين أن بيئة الكاريكاتوريست هي المحدد الرئيسي للموضوعات التي يتناولها في رسوماته وقد إختتمت هذه الندوة بتوقيع الأستاذ محمد نضراني لكتابه " الأمير عبد الكريم الخطابي" الذي وضعه في شكل رسومات كاريكاتورية مصحوبة بتعاليق باللغة الفرنسية