اعداد و تقدبم: مراد ميموني/ الهادي بيباح منذ دخول قوات المستعمر أرض الوطن أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين وبخاصة بمنطقة الريف، وسكان هذه المنطقة يضحون بالغالي والنفيس من أجل الدفاع عن أرضهم المغتصبة وعن حريتهم المنقوصة بقيادة ثلة من المجاهدين الذين تركوا بصماتهم الواضحة في تاريخ المقاومة الشعبية بالريف أمثال الشريف محمد أمزيان وعبد الكريم الخطابي وابنه محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي أعطى الدرس في المقاومة والحرب للمستعمر الإسباني وباقي الثوار في مختلف بقاع العالم . وكان المجاهدون يساهمون بكل ما أتوا من أجل دحر القوات الإستعمارية ، فإلى جانب الذين كانوا يحملون السلاح ويتعاركون في ساحة القتال مع القوات العسكرية الإستعمارية بصفة مباشرة أو عن طريق حرب العصابات، كان هناك من يتولى تزويد هؤلاء المجاهدين بالعتاد والأسلحة التي تدخل عبر البحر سرا وبضروريات العيش من مأكل ومشرب الذي تتولى إعداده نساء المجاهدين رغم قلة المواد الأولية أو انعدامها باعتبار الحالة الإجتماعية والإقتصادية الهشة لأغلبية سكان هذه المنطقة والناتجة عن الظروف الصعبة المناخية والإستعمارية. وكان من ضمن هؤلاء المجاهدين الذين حملوا السلاح والعتاد ووزعوه على المقاومين وحاربوا به المستعمر المقاوم المرحوم صلاح بولكدور المتحدر من جماعة راس الماء مؤازرا بزوجتة فاطنة صلاح بولكدور من طفل فلاح إلى محارب للمستعمر الإسباني إزداد الراحل "صلاح بولكدور" بدوار أولاد الطاهر قبيلة بني قيطوني جماعة رأس الماء إقليمالناظور بتاريخ 1918 في عائلة بسيطة تعيش من مورد الفلاحة ، كبر وترعرع في هذه البلدة وتزوج بها وأنجب 8 أبناء وبنتين، إشتغل منذ نعومة أظافره في مجال الفلاحة قبل أن يلتحق بإسبانيا للمشاركة مع ما يقارب خمسون ألفا من شباب الريف في حرب "فرانكو فرانسيسكو" على معارضيه الجمهوريين منذ سنة 1936 إلى غاية سنة 1939 حيث شارك هناك في الحرب الأهلية الإسبانية كسب خلالها تجربة عالية في القتال والحرب، غير أن تفكيره الدائم والمستمر في الحالة المزرية التي ترك عليها أهله وأصدقاءه في المغرب تحت قبضة سلطة الإسبان الإستعمارية والذي يحاربون إلى جنبه في إسبانيا جعله يراجع أوراقه ويقرر العودة إلى منطقته و أرضه من أجل المساهمة مع أقرانه للدفاع عن حوزة وطنه قصد طرد المستعمر والتمتع بالحرية والإستقلال ومنذ حلوله بمنطقته بجماعة راس الماء كرس كل جهوده من أجل مقاومة المستعمر، وبفعل تجربته المكتسبة من خلال مشاركته في الحرب الأهلية الإسبانية أصبح صلاح بولكدور ممثلا عن رجال المقاومة في هذه المنطقة مكلفا بنقل و بتوزيع الأسلحة والعتاد -التي تأتي سرا عبر البواخر من مصر- على هؤلاء المقاومون عن طريق نقلها على الأكتاف والدواب خفية –وبخاصة ليلا- من منطقة بوفاديس الوعرة المسالك المحاذية للبحر حيث ترس البواخرإلى كافة المناطق المجاورة التي يختبئ بها المجاهدون، ولم يكن يعلم بسر مايقوم به المقاوم بولكدور غير زوجته فاطنة التي كانت تعد له ماصنعت يداها من خبز وطعام وشراب بالمنزل الذي يشتركونه مع باقي أفراد العائلة معتمدة في ذلك بصفة أساسية على مطحنتها اليدوية التي لازالت تحتفظ بها رغم مرور أزيد من ستة عقود على اكتسابها ، وذلك من أجل تزويد رفاقه في الكفاح المختفين عن الأنظار، وكانت زوجته تصطنع الأعذار والأكاذيب من أجل إخفاء مايقوم به زوجها في سبيل المقاومة نظرا للانتشار الواسع لبعض جواسيس وخدام الإسبان بالمنطقة والذين لايتوانون في إيصال كل كبيرة وصغيرة حول المقاومة للمستعمر. وبفعل تحركاته وتنسيقه بين مجموعات المقاومين كان يلتقي بجل زعماء المقاومين المتنقلين بين الريف والجزائر ومن ضمنهم الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين وكذا محمد بوضياف الذي تكلف بإخفاءه بمنزله عن الأنظار بعد وصول الطائرات الحربية الفرنسية إلى منطقة سيدي احمد مزيان قرب نهر ملوية وقصف هناك المجاهدين الفارين من الجزائر. وقد إستمر المقاوم صلاح على هذا المنوال إلى غاية عودة الراحل محمد الخامس من المنفى وحصول المغرب على الإستقلال سنة 1956 م تحقق حلم المقاوم صلاح باستقلال المغرب وخاب ظنه فيما تلى ذلك لقد إستطاع المغاربة بفعل عزيمتهم وشدة بأسهم وتلاحمهم تحقيق حلمهم في الإستقلال عن المستعمرين الفرنسي والإسباني ومن ضمنهم المقاوم صلاح بولكدور وعائلتيه الصغيرة والكبيرة ،فعانق المغرب حريته سنة 1956 وقبل ذلك عودة الملك محمد الخامس من منفاه سنة 1955 ، واحتفل الشعب باستقلال بلاده وتحول اهتمام رجال المقاومة من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر بالتصدي لمختلف مشاكل الحياة ، وتوجه المقاوم صلاح بولكدور إلى استغلال أرضه بالسقي والزراعة والحصد في ظل الظروف الجديدة وعندما اقتضت إرادة الملك الراحل محمد الخامس مباشرة بعد بزوغ فجر الإستقلال رد الجميل للمقاومين وأعضاء جيش التحرير إعترافا بجليل الأعمال وجسيم التضحيات التي أسدوها في سبيل الوطن، بإبلاءه عناية خاصة لهذه الفئة عن طريق تخويلهم صفة مقاوم ومنحهم المعاش وبعض المنافع والإمتيازات العينية والخدمات الإجتماعية ، بادر المقاوم صلاح بولكدور إلى القيام بالإجراءات اللازمة في ظل النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة بهذا الخصوص من أجل الإستفادة من حقه كمقاوم سابق من الإمتيازات المعلن عنها، غير أنه واجه مجموعة من العراقيل منذ البداية رغم أنه يتوفر على كل الدلائل التي تثبت أنه يستحق صفة المقاوم وعضو جيش التحرير بدون منازع إبتداءا بالشهادات الموثقة لبعض رفاقه في الحرب والجهاد وبخاصة الذين أعطيت لهم صفة المقاوم واستفادوا من الإمتيازات التي تمنحها لهم هذه الصفة، وإفادة المسمى حمدون شوراق باعتباره مكلفا بالتوقيع على ملفات المقاومين أثناء تواجده بالجزائر تضم إسم بولكدور صلاح، إظافة إلى تعرض بعض المؤلفات التي تتناول تاريخ المقاومة في الشمال لهذا المقاوم ومساهمته في الجهاد ضذ المستعمر ككتاب "محمد حمو الإدريسي" تحت عنوان "الحركة الوطنية في الشمال ودورها في استقلال المغرب والجزائر" الذي تعرض فيه لدور هذا المقاوم بالإسم والصورة إلى جانب مجموعة من الأبطال في الحرب التحريرية وقد إرتفعت هذه العراقيل بعد إصرار الراحل صلاح بولكدور على البحث والتقصي عن سبب إقصاءه من الإستفادة من حقه كمقاوم سابق بل وتحولت العراقيل إلى محاصرة و تهديدات ومطاردة حقيقية وخاصة بعد رفضه أداء الرشوة لبعض السماسرة الذين منح لهم دور التوقيع على ملفات المقاومين وأعضاء جيش التحريرمن أجل تقبلها من قبل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حيث أصبح هذا المقاوم وعائلته محرومين حتى من الإستفادة من مياه الري التي يعتمدون عليها في سقي الأراضي الفلاحية التي اكتروها بمنطقة بوعرك لاستغلالها كي يضمنوا عيشهم بكل حرية كما كانوا يتمنون أيام كانوا محاصرين من قبل المستعمر كشكل من أشكال الضغط للتنازل عن حقه في صفة مقاوم وقد إنتقلت هذه التهديدات إلى أرض الواقع حيث تعرض المعني بالأمر لمجموعة من الحوادث كان أولها حادثة سير محبوكة بقرية أركمان سنة 1988 لازم خلالها الفراش لأزيد من ستة أشهر بعد كسر عموده الفقري مع منعه والضغط عليه من كل الجوانب كي لايثير القضية أمام القضاء. وقد حصل خلال هذه السنة على بطاقة العضوية من الجمعية المغربية للمحاربين القدماء والمعطوبين وضحايا الحرب تنص على أن مهنة المعني بالأمر متقاعد، رتبته جندي شارك في نقل السلاح وادخاره ونقله على الدواب. غير أن ذلك لم يشفع له عند ذوي القرار واستمر حرمانه من حقه كمقاوم وتواصلت التضييقات والتهديدات رغم انتقاله إلى السكن بالناظورإلى أن تم صدمه في حادثة سير أخرى مخدومة التفاصيل سنة 1997 بشارع طوماطيش بالناظور حيث كانت سببا في مفارقته الحياة تساءل أسرة المقاوم حول جزاء خدام الوطن هل تصفيتهم وتهميش أسرهم بعد أن أفنى زهر شبابه في خدمة وطنه والدفاع عنها بالغالي والنفيس رغم قساوة الظروف وصعوبتها لما يقارب العقدين من الزمن وبعد جريه من وراء حقه دون جدوى لمايقارب أربعة عقود ، يتم جزاء المقاوم صلاح بولكدور بتصفيته بحادثة مميتة سنة 1997 وسط الناظور. لذلك فأسرته المتكونة من زوجته فاطنة ذات أزيد من 80 سنة وسبعة أبناء وبنتين تتساءل بحرقة : هل هذا مايستحقه رب أسرتهم الذي يشهد كل مرافقيه الذين عاشرهم أيام الإستعمار بمساهمته القيمة في أعمال مقاومة الإسبان ؟ في الوقت الذي يتم فيه توزيع صفة المقاوم والإمتيازات على البعض الذين لاصلة لهم بالمقاومة من قريب أو من بعيد؟ وقد تابعت هذه الأسرة ملف إغتيال ربها المرحوم صلاح بولكدور عن طريق دهسه بسيارة مجهولة ، إظافة إلى متابعة ملفه الخاص بالمقاومة، إلا أنها تصتدم مرة أخرى بآيادي خفية تعرقل مسار الملفين معا. فبخصوص ملف الوفاة الناتج عن حادثة سير والذي كلفت بشأنه أحد المحامين بالناظور تفاجأ هذه الأسرة بحفظه مرة وبتهميشه مرة أخرى بل وتكتشف أخيرا أن المحكة فصلت فيه دون علمها ودون استدعاءها بالحكم على صاحب السيارة بغرامة تزيد عن الخمسين مليون لفائدة إدارة الجمارك في حين تخرج أسرة الضحية خاوية الوفاض وهذا ما رفضته هذه الأسرة واضطرت لاستئناف الحكم الذي واجهت بخصوصه من جديد مجموعة من الصعوبات أما بخصوص ملف المقاومة فرغم أن زوجة المعني بالأمر وأبناءها طرقوا أبواب جميع الإدارات والمصالح ذات الإرتباط المباشر أو غير المباشر بهذا الملف سواء بالعاصمة الرباط أو بمدينة الناظور وبخاصة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالرباط أو مندوبيتها بالناظور إلا أنها تفاجأ بصد الأبواب في وجهها ، بل في الغالب ماتواجه زوجة المقاوم بالإستهزاء وبالطرد سواء مركزيا أو محليا رغم كبر سنها وتستغرب زوجة المقاوم من توصلها في بعض المناسبات باستدعاءات من قبل مندوبية المقاومة للحضور للإحتفال بهذه المناسبات باسم زوجة مقاوم سابق في حين تمتنع هذه المندوبية عن الإعتراف بهذا المقاوم وبالتالي تخويل أسرته ماتستحقه بهذا الشأن وبخاصة أنها تعاني مجموعة من الأمراض التي تستوجب المداواة بصفة دورية؟ وبالموازاة مع ذلك تقدمت هذه الأسرة بمجموعة من الشكايات بهذا الخصوص من ضمنها شكاية إلى وزير العدل وأخرى إلى عامل الإقليم السابق، وكذا سلمت رسالة استعطافية إلى الملك محمد السادس أثناء أحد زياراته إلى الناظور والذي أعطى أوامره لباشوية أزغنغان للبحث في هذا الملف، إلا أن هذه الباشوية وكباقي المصالح السابق ذكرها أهملت الملف بعد تأكدها من وجود أيادي غير نظيفة تعرقل مساره وقد راسلت أسرة المقاوم صلاح بولكدور أخيرا عامل إقليمالناظور الجديد من أجل إستقبالها عساه يقف إلى جنبها، وهي تنتظر تحديد لها موعد معه من قبل مدير ديوانه. وتعتزم كذلك أن تسلم ملك البلاد رسالة أخرى خلال زيارته المقبلة للناظور (للمزيد من المعلومات أنظر الفيديو)