عملت هذه المندوبية السامية على إنجاز دراسة معمقة لهذه الإشكالية ووضع خطة عمل قائمة على معطيات علمية وميدانية، تم بموجبها دمج جميع الفاعلين المعنيين (من قطاعات عمومية كوزارتي الداخلية والفلاحة والصيد البحري، والمجتمع المدني والهيئات المهنية). وهكذا، تم تهييئ خريطة تبين التوزيع الجغرافي للمناطق المعرضة لأضرار الخنزير والمسماة "النقط السوداء" واعتماد برنامج عملي للتدخل بها، وذلك بعد الاطلاع على منهجيات مجموعة من الدول التي لها نفس الإشكالية خاصة منها التجربة الفرنسية المعتمدة لضبط أعداد الخنزير البري. الخنزير البري يلحق أضرارا جسيمة بالمنتوجات ويهدد سلامة الفلاحين لا زالت مزروعات بعض حقول وضيعات مختلف مناطق الجهة الشرقية تتعرض لأضرار فادحة ناجمة عن هجومات جحافل الخنزير البري كما أصبحت تشكل خطرا كبيرا على أمن وسلامة ساكنة هذه المناطق خاصة الأطفال والشيوخ منهم واليد العاملة التي تشتغل بهذه المزارع، حسب ما جاء في الشكاية بالمنطقة السقوية رأس العين بالجماعة القروية بني مطهر دائرة عين بني مطهر إقليمجرادة. أضرار في المزارع ورعب وسط السكان طالب سكان دائرة دبدو الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم تاوريرت الجهات المعنية برفع الضرر عنهم، جراء الحصار المفروض عليهم بسبب اجتياح جحافل الخنازير البرية بأعداد هائلة للمنطقة، وتكاثرها بشكل غير مسبوق في الغابات المجاورة نتيجة الظروف الملائمة لذلك وحمايتها بمنع اصطيادها وقلة الإحاشات التي تشرف عليها المندوبية السامية للمياه والغابات لتحديد نسلها. هذا الحيوان الوحشي الضري والمضر عرف نموا مقلقا، حسب بعض الفلاحين المتضررين من ساكنة المنطقة، إلى درجة أنه أصبح يزرع الرعب في أوساطهم ويلحق أضرارا جسيمة بالمزروعات والمنتوجات الفلاحية من حبوب وخضر والمغروسات جراء مهاجمته للأشجار المثمرة وإسقاط ثمارها، إضافة إلى انه بات يقلق راحة السكان لإرغامهم قضاء الليالي بحقولهم لحراستها والعمل على إبعاده عنها وحماية محاصيلهم الزراعية التي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد. وسبق أن هاجم خنزير بري، السنة الماضية، شابا في الثامنة والعشرين من عمره، بجماعة بني سيدال لوطا الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليمالناظور، وتسبب له في جرح غائر على مستوى أسفل البطن بالمنطقة الحساسة لجهازه التناسلي، نقل نتيجة ذلك، بعد وقت متأخر، إلى مستعجلات المستشفى الحسني بالناظور أين لفظ أنفاسه الأخيرة متأثر بنزيف دموي. الضحية يتحدر من منطقة أوطاط الحاج بإقليم بولمان ويقيم رفقة عائلته بالجماعة المذكورة أين كان يرعى ماشيته بمنطقة رعوية بغابة بجماعة تزطوطين القريبة من العروي، شبه خالية من السكان مصحوبا ببعض كلابه التي استفزت أحد الخنازير المتواجدة بهذا المكان، والذي هاجم الضحية وأصابه في مقتل، وسقط مدرجا في دمائه وبقي لعدة ساعات ينزف دما وسط الغابة، قبل أن يثير انتباه المواطنين الذين عملوا على نقله إلى مستشفى العروي ومنه إلى مستشفى الناظورالإقليمي. سكان المنطقة، مستاؤون من تكاثر هذا الحيوان الخطير والمدمر للفلاحة والذي سجل انتشارا غير مسبوق بسبب منع قتله وهو ما جعل جحافل الخنازير البرية تسود بمنطقة بني سيدال لوطا وبني سيدال الجبل وبني بوغافر، وأصبحت تشكل خطرا على ساكنة هذه المناطق والفلاحين والرعاة بمجرد ابتعادهم عن تجمعاتهم السكنية، إضافة إلى إتلافه للمنتوجات الفلاحية والمزروعات بالضيعات والحقول. وتشتكي ساكنة الدواوير المتواجدة بالقرب من غابة جبل القرن بتمسمان تتجول الخنازير البرية في قطعان لا يقل عدده عن عشرة خنازير في كلذ قطيع تسببت في هلع كبير لدى الساكنة حيث بات يشن هجمات على الفلاحين بالمنطقة ويتلف المحاصيل الزراعية رغم تسييجهم لأراضيهم الفلاحية. الساكنة المتضررة تطالب من السلطات المحلية والقائمين على الشأن الغابوي بالمنطقة بالتدخل عاجلا من أجل حمايتهم من هجمات هذا الحيوان عبر تنظيم عمليات إحاشة بشكل منتظم و دوري خاصة وان اعداد هذا الحيوان في تزايد مستمر. وعبر بعض الفلاحين بالعيون الشرقية عن تخوفاتهم من تكاثر الخنزير البري الذي ما زال يتجول بمختلف المناطق قادما من غابات الجزائر الواقعة على الشريط الحدودي تهاجم، من حين لآخر مجموعات منها المزارع حيث أصبحت مصدرا للقلق والرعب كبير مخافة أن تداهمها إحدى المجموعات في غفلة منها، بعد أن ألفت الخروج من أوكارها بالغابات واجتياح المزارع أين وجدت مرتعا خصبا ومأكلا سهلا. وسبق لضيعات فلاحية بإقليمبركان خاصة تلك المحاذية لوادي ملوية، أن تعرضت خلال 2013، لهجمات مكثفة ومتواصلة لجحافل من الخنازير البرية التي تكاثرت بشكل بات من الصعب معه التحكم فيها، مما خلق استياء عارما في أوساط الفلاحين الذين يتفرجون، طيلة السنة، على الضياع الذي يطال منتوجاتهم دون أن يلتفت إليهم أحد وذلك بالرغم من الشكايات والمراسلات التي بعث بها المتضررون إلى الجهات المعنية، والتي غالبا ما تجيب بأن مشكلة الخنزير البري يجب أن تتم معالجته بشكل تدريجي وفي إطار القوانين الجاري بها العمل. وعبر عدد من سكان دوار حمداوة القريب من مغارة زكزل الواقعة بإقليمبركان، خلال شهر فبراير 2014، عن استيائهم الشديد من الوضعية المتردية التي توجد عليها مقبرتهم التي باتت تتعرض لهجمات متواصلة من قبل قطعان من الخنازير البرية التي تعيش بالجبال القريبة. واشتكى سكان حي اكسريوا بازغنغان بإقليمالناظور تكاثر قطعان الخنزير البري الأمر الذي أثار خوفهم وقض مضجعهم بعد أن أصبح يتنقل ليلا بأعداد كبيره وأصبح يقترب من مساكنهم وعائلاتهم، فلم تسلم منه حتى المقابر التي دمر العديد من القبور في إحدى مقابر حي اكسريوا، حسب السكان، كما يهدد أمن وسلامة الساكنة وخصوصا النساء علما أن هذه الحيوانات تنشط طيلة اليوم ليلا ونهارا وتأتي على الأخضر واليابس، وطالبوا بوضح حدّ لهذا الحيوان المضر الخطير والنهم بالقضاء عليه نهائيا بإعدامه. تكاثر الخنزير نتيجة الجفاف وتقلص عدد حيوان ابن أوى تكاثر أعداد الخنزير يعود إلى عاملين اثنين أساسين، حسب المهندسين الزراعيين، الأول طبيعي وهو قدرة هذا الحيوان على التوالد حيث إن مجموعة من 4 خنازير تتحول إلى قطيع من 20 خنزيرا في ظرف سنة يتضاعف العدد في السنة الثانية قبل أن يصل إلى أكثر من 80 خنزيرا في السنة الثالثة. العامل الثاني يتعلق بالاختلال في السلسلة البيولوجية إذ يعتبر الخنزير فريسة لحيوان ابن آوى الذي تقلص عدده وكان ان يختفي من الغابات والذي كان يساهم في تنظيم أعداده في إطار التوازن الطبيعي للحياة البيئية حيث كان يقلص من أعداد الخنازير إلى 30 في 3 سنوات نتيجة هجوماته في فصل الشتاء التي هي فترة التوالد. الوضع خلال السنوات الأخيرة سجل خسائر على مستوى الفلاحة والمزروعات بعد هجومات الخنزير البري على المزارع والضيعات والحقول fسبب الجفاف الذي ضرب المغرب منذ سنة 1980 وأرغمت هذا الحيوان الشرس والنهم على الخروج من أوكاره بالغابات ليلا أو نهارا واجتياح الأراضي الفلاحية أين وجد قوته السهل. وعلى مستوى الإيطولوجيا (علم دراسة سلوك الحيوانات) المرتبطة بالمأوى، يقطع الخنزير ما بين 50 و60 كلم في الليل ومجال تحركاته الحيوي يفوق 3 آلاف هكتار (خاصة بالنسبة للخنزير الوحيد)، ويتحرك عبر الحدود بين البلدان الأمر الذي يجعل محاربته صعبة ومتواصلة على مدار السنة. عمليات إحاشة الخنزير البري بجهة الشرق من أجل ضبط أعداده نظرا للتكاثر الملاحظ في أعداد الخنازير البرية خاصة ببعض المناطق الآهلة بالسكان أو المجاورة للغابة عبر التراب الوطني الذي مرده إلى عامل الجفاف الذي أدى إلى تقليص مناطق الرعي ومواطن الكلإ، قامت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بناء على التقارير الواردة إليها من مصالحها الخارجية وعلى الشكايات المرفوعة إليها من المواطنين وعلى طلبات السلطات الإقليمية والمحلية، بالتدخل في المناطق التي لوحظت فيها أضرار على مستوى الغطاء النباتي والتوازن البيئي. وفي هذا الإطار، تم الرفع من وتيرة عدد الإحاشات التي تستهدف بشكل خاص ضبط أعداد هذا الحيوان وإعادة التوازن الطبيعي بالمناطق المتضررة أخذا بعين الاعتبار عنصر المحافظة على التوازن البيئي من جهة والحرص على المحافظة على ممتلكات الساكنة المحلية من جهة ثانية، وذلك تماشيا مع الاختصاصات والصلاحيات القانونية المخولة لهذه المندوبية السامية وتبعا لما تنص عليه القوانين ذات الصلة وخاصة القانون رقم 54.03 المؤرخ في 15 يونيو 2006 المتعلق بشرطة القنص. تنظيم 332 إحاشة والقضاء على 2500 خنزير بالجهة الشرقية بلغت عمليات الإحاشة التي نظمت على مستوى الاقاليم التابعة لنفوذ هذه المديرية خلال الموسم الفارط 2014-2015 ما مجموعه 270 إحاشة، حيث تم القضاء على 2252 خنزير. كما تعمل المصالح الاقليمية التابعة لهذه المديرية على مواصلة تكثيف عملها للتحكم في أعداد الخنزير البري، من خلال إنجاز برنامج موسم القنص 2015-2016 وتنظيم المزيد من الإحاشات كلما تطلب الأمر ذلك، وتوسعة مجال التدخل ليشمل جميع الجماعات المتضررة. و يبين الجدول التالي عدد الاحاشات و الخنازير المصطادة على مستوى المديريات الاقليمية بالجهة خلال هذا الموسم، الى حدود هذا التاريخ تم تنظيم 332 إحاشة، حيث تم القضاء على 2500 خنزير ( 30 إحاشة بالمديرية الإقليمية أثمرت قتل 176 خنزيرا ، و64 غحاشة ببركان وضعد حدا لحياة 691 خنزيرا، و101 إحاشة بالناظور قتلت 725 خنزيرا، وبتوريرت تم تنظيم 36 غحاشة أبادت 458 خنزيرا، أما بجراة فتم قتل 39 خنزيرا في 4 إحاشات). خطة عمل المندوبية السامية قائمة على معطيات علمية وميدانية عملت هذه المندوبية السامية على إنجاز دراسة معمقة لهذه الإشكالية ووضع خطة عمل قائمة على معطيات علمية وميدانية، تم بموجبها دمج جميع الفاعلين المعنيين (من قطاعات عمومية كوزارتي الداخلية والفلاحة والصيد البحري، والمجتمع المدني والهيئات المهنية). وهكذا، تم تهييئ خريطة تبين التوزيع الجغرافي للمناطق المعرضة لأضرار الخنزير والمسماة "النقط السوداء" واعتماد برنامج عملي للتدخل بها، وذلك بعد الاطلاع على منهجيات مجموعة من الدول التي لها نفس الإشكالية خاصة منها التجربة الفرنسية المعتمدة لضبط أعداد الخنزير البري. وتجدر الإشارة إلى أنه تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتسهيل عملية تنظيم الإحاشات، ويتعلق الأمر بتبسيط مسطرة الترخيص، بحيث أن التراخيص تسلم مجانا على مستوى المديرية الإقليمية المعنية بدلا من المديرية الجهوية كما كان معمولا به في السابق ودون التقيد بعدد أقصى للخنازير المصطادة، إضافة إلى السماح خلال موسم القنص بمطاردة هذا الحيوان طيلة أيام الأسبوع ماعدا يوم الجمعة بالنسبة للمواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، والرفع من الحصة المسموح سابقا بقنصها إلى خنزير لكل قناص خلال كل يوم قنص داخل موسم القنص. كما يمكن تنظيم إحاشات خارج موسم القنص بهدف التخفيض من أعداده الزائدة، كلما ثبتت الأضرار في المحاصيل الفلاحية أو غيرها بعد معاينتها من طرف المصالح المختصة. ويتم الفصل في الطلبات على وجه الاستعجال حتى وإن كان الأمر يتعلق بمنطقة غير تلك التي تم تصنيفها "نقطة سوداء". كل هذه الإجراءات تم إدراجها ابتداء من 2011-2012 في القرار السنوي للقنص طبقا لمقتضيات الظهير المتعلق بشرطة القنص، كما تم تتميمه وتعديله بالقانون رقم 54.03 المؤرخ في 15 يونيو 2006. هذا، ولابد من الإشارة إلى أن هذه المديرية لا تدخر أي جهد في الاستجابة للنداءات والطلبات الموجهة إليها سواء من قبل المواطنين أو السلطات المحلية، كما أنها لا تتوانى في دراسة الحالات التي ترد عليها و التي يتم الفصل فيها على وجه الاستعجال بغض النظر عن طبيعة العقار موضوع النازلة (عقارات مُؤجرة من أجل القنص لفائدة بعض الخواص أو شركات القنص السياحي أو خارجها).