بعد تعميم الحكومة المغربية مسودة مشروع قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، القانون المنتظر منذ إدراج الأمازيغية في دستور 2011 وجعلها لغة رسمية، تعالت انتقادات الجمعيات المهتمة بهذه االثقافة ضد المسودة، وقالت ثلاث هيئات إن المسودة لا تحقق تطلعات الأمازيغ في إنصاف لغتهم وثقافتهم كما أكد على ذلك الدستور. وتضع مسودة مشروع القانون رقم 26.16 في جدولة تبدأ من خمس سنوات على الأكثر نشر القانون في الجريدة الرسمية، مرورًا بعشر سنوات، وانتهاء ب15 سنة. ومن الإجراءات التي بدأت بها المسودة هناك تدريس اللغة الأمازيغية بكيفية تدريجية وترجمة الخطب الملكية وتصريحات المسؤولين إلى الأمازيغية واستخدامها في التشوير الطرقي، وتنتهي المسودة بتوفير الوثائق الرسمية لطالبيها بهذه اللغة. وقالت تنسيقية المبادرة المدنية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وهي مبادرة تضم عددًا من الجمعيات، إن مسودة القانون "لا ترقى إلى الحد الأدنى للمطالب المعلن عنها، وتفتقد تكريس المساواة في لغة قانونية لا تقبل التأويل"، كما أنها "تحيل على مؤسسات أخرى في قضايا من المفروض أن يكون القانون هو من ينظمها"، متهمة الحكومة بالاستفراد في وضع المشروع دون إشراك الجمعيات. وأشارت المبادرة في بلاغ صحفي أن المسودة "لم توضع انطلاقًا من مبدأ المساواة بين اللغتين الرسميتين، كما أنها لم تحدد بدقة مراحل إدراج الأمازيغية في مجال التعليم ولا حصة البرامج الأمازيغية في وسائل الإعلام السمعية والمرئية"، معبرة عن رفضها للمقاربة التدرجية التي تبنتها المسودة في تعميم الأمازيغية، وكذا ل"حصر هذه اللغة في مجال القضاء عند حدود التواصل"، منادية بإحداث مؤسسة مستقلة لمتابعة ورش الأمازيغية وليس لجنة وزارية. كما أعلنت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان رفضها لمسودة المشروع، واصفة إياه ب"المشروع التراجعي الذي يكرّس دونية الأمازيغية ويختصر مشاكل الامازيغ في اللغة والموروث الحضاري"، متحدثة عن أن التدرج في تنزيل الأمازيغية "يتحايل" على الدستور الذي تكلم عن الترسيم الفعلي، وأن المسودة لا تلزم المغاربة بتعلّم هذه اللغة إسوة بالعربية، كما لا تتضمن لأي إشارة بإعادة كتابة تاريخ المملكة بما يعيد الاعتبار للمكون الأمازيغي. وأشارت العصبة في بلاغ لها إلى أن المسودة لا تتضمن أي "مقتضيات قانونية تغيّر قانون المالية حتى يستجيب لدعم جهود إدماع الأمازيغية، ولا أي آلية رقابية تقييمية لجهود ادماج الامازيغية في التعليم ومناحي الحياة العامة ماعدا لجنة وزارية"، مطالبة ب"إحداث لجنة ملكية لاعداد مشروع القانون، باعتبار ان الامازيغية قضية تهم مستقبل المغرب والمغاربة". وبدورها رفضت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة (أزطا أمازيغ) مسودة مشروع القانون، متحدثة عن "عجز الدولة وتماطلها في ترجمة مضامين الدستور الخاصة بتجسيد الاعتراف العملي والفعلي والنهائي باللغة والثقافة والحضارة الأمازيغية"، وأن المشروع "يروم أكثر إلى تكريس الوضع القائم ورهن مستقبل الأمازيغية بإجراءات رمزية غير ملزمة، وبأجندة زمنية مرتبكة". ودعت الشبكة كل الهيئات الأمازيغية "المستقلة" إلى الوقوف في وجه هذا المشروع، مطالبة "مناضليها" بعقد لقاءات تنظيمية استثنائية لتدقيق وتدارس مضامين المشروع الحكومي، وطرح البدائل والمقترحات الكفيلة بتجاوز مثبطاته، بغاية "الإنصاف الفعلي والكامل للأمازيغية لغة وثقافة وحضارة".