يكفي القيام بجولة ميدانية قصيرة بين أرجاء وسط مدينة الناظور، بِنِيّةِ إستشفاف ما وصلت إليه الحالة الجمالية للحاضرة، لكي تشد إنتباهك بصورة صارخة وضعية أرصفة الشوارع التي سوف تترك لديك لا محالة، إنطباعاً بكونها أرصفة مدينةٍ كما لو أنها تعيش تحت نيران قصف ٍحربي حقيقي، تتساقط فيها القنابل والصواريخ بغزارة كقطرات المطر من السماء، من كثرة الحفر، وبسبب درجة التآكل التي بلغتها. ولا عجب في أن تعني الأرصفة بالنسبة للسيّاح بمختلف جنسياتهم، على الأقل أولئك الذين يضعون قائمة المدن التي يجرون زيارات لها في مختلف الأقطار، محل مقارنة سريرية وفق حسهّم الجمالي، معياراً للتمييز بين جمالية الحواضر، ومقياساً لمستوى العمران في البلدان، لذلك ليس غريباً أن نجد بلديات معظم المدن المصنّفة في خانة "الأجمل"، أول ما يلقي له البال مسؤولوها، هو الأرصفة التي يستعملها المارة ليل نهار، بحيث تُرصد ميزانيات مهمّة خصّيصاً لها، بهدف تجويد تجهيزها، موازاة مع مواكبة ديمومة أشغال إصلاحها، حتّى تظل بإستمرار في أبهى الصوّر وأتمّ الجاهزية للإستعمال أمام المشاة. أما أرصفتنا المتهالكة على طول جنبات شوارع وأزقة مدينة الناظور التي يزعم البعض، أنها موقعٌ سياحي طفق بالآونة الأخيرة يرتقي إلى مصاف المواقع العالمية بفضل البُقعة المائية مارتشيكا، فعلى قلّة توافرها أصلاً، فإنّ وضعيتها ساءت على الأخر، وما عادت تصلح لشيء ألبتة، إذ يمكنك أن تجد مثلا رصيفاً غير مكتملٍ، وأرصفة مبلّطة بشتّى ألوان الطيف المُشكلة لقوس قزح، تتقاطع معها أخرى باهتة بفعل الأتربة والتحجر، ناهيك عن الحفر التي لا يخلو طِوارٌ بأعداد مهولة منها، دونا عن التطرق إلى الأوساخ والقمامة التي تنتشر وسطها، فذاك حديثٌ آخر ذو شجون. وإزاء الوضعية الهشّة التي آلت إليها أرصفة شوارع مدينة الناظور، لا نجد بدا من طرح السؤال ولو على سبيل التشفي من أوجاعنا ونكايةً بمآسينا، متى سوف يعي القائمون على الشأن المحلي العام، بمدى أهمية الأرصفة ودورها في تأثيث جمالية منظر المدن، ليبادوا بدروهم إلى إعارة الإهتمام لهذا الأمر الهام، إسوة بأمثالهم ممّن بصموا بنجاح على مهام تسيير وتدبير شؤون المدن على إمتداد الخرائط.