لا أعتقد أن مدينة النّاظور تتوفر على فضاء مميّز يمكن أن نسمّيه بحديقة عمومية أو فضاء أخضر بالمقاييس الجماليّة والفنيّة المتعارف عليها. وما نسميه هنا بالمساحات الخضراء هو تجاوزاً يُقصد به بعض الفضاءات التي نُقنع أنفسنا، وبآسفٍ، أنها حدائق تؤثث فضاءات المدينة. وعلى قلّتها، فقد صارت بعض المربعات المُعشوشبة - المساحات الخضراء بالناظور أشبه ما تكون بفضاءات قاحلة وجرداء تنعدم فيها إيحاءات وعناصر الحياة. فضاءات تسخر لأغراض أخرى غير وظيفتها المدينيّة – الحضرية والنفسيّة والجمالية والصحية. فهناك من حوّلها لقضاء حاجاته البيولوجيّة، وهناك من يجعل منها فضاءً متاحاً لعرض سلعه وخرداته. ومنهم من يجعل منها حتى مرعى تأتيه أغنامه. في الناظور، وربما وحدها، توجد ظاهرة فريدة من نوعها، حيث يتمّ تسخير واستعمال وظائف الأشياء في غير ما ينبغي أن توظّف فيه. ورغم الأهمية التي تميز وجود مساحات خضراء وحدائق عمومية داخل المدن أساسا، فإن مدينة الناظور تمثل واحدة من المدن التي تغتصب فيه الفضاءات حتى وهي مجرد مشاريع فقط في أوراق التصاميم والتهيئة، قبل أن تكون منجزات على أرض الواقع. وكم من فضاء كان من الممكن أن يشكل رئة المدينة ووجهها كمساحات خضراء، أصبحت على واقع بئيس لا تلقى أي اهتمام من الجهات التي من المفروض أن ترعى وتهتمَّ بها. اهتمام من بلدية يفترض أن شغلها الشاغل هو جمالية ونظافة المدينة، وعمالة لا تتقن سوى إنبات الأشجار والورود عشية كل زيارة ملكية.