"الكَارْ نْ السّدرَاوِي"، من المؤكد أنّ بين ظهرانينا اليوم من يتذكر جيّداً هذه التسمية المعروفة العائدة لأشهر حافلة لنقل المسافرين التي جابت مختلف بلدات ومدن الريف من أدناه إلى أقصاه خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، على اعتبار أنها أول وأقدم وسيلة نقل صمدت طوال عقود من الزمن، أمام وعورة المسالك الطرقية الرابطة بين حواضر الريف وبواديه. حافلة السدراوي التي انطلقت أول مرة سنة 1968، في رحلة سفرٍ من مدينة الناظور نحو مدينة الحسيمة وإلى أبعد نقطة في شمال المغرب، متنقلةً عبر العديد من المحطات، جاءت تسميتها نسبةً إلى الاسم العائلي لمالكها ابن الناظور الذي يفخر أيّما فخر لكونه صاحب أشهر حافلة بالريف بدون منازع. شهرة الحافلة التي تجاوزت كونها نوستالجيا قديمة لأول وسيلة نقل تخترق أحشاء الريف، بل تُعدّ جزءً من ذاكرة الريفيين، ورغم أنها أصبحت لدى الجيل الحالي مادة للتندر، إلاّ أن الشعراء والفنانين تغنوا بها ذات أشعار غزل وأغاني رومانسية. نستحضر اليوم ضمن فقرة "وشم الذاكرة" حافلة السدراوي كومضة من قبسات الزمن الجميل، والتي قال بشأنها يوما الوزير الحالي عبد السلام الصديقي إبان تصريح لموقعنا ذات لقاء ما ملخصه "عندما كُنّا نرى السدراوي يمرّ بكلّ هيبته آنذاك من بلدتنا النائية مخترقاً وسط الدوار، كنّا نعتبر ذلك حدثاً يسرّ الناظرين".