أجرت قناة الثامنة "الامازيغية" لقاء مع الروائي و المسرحي والمؤلف والمخرج محمد بوزكو ، اجري اللقاء خلال برنامج أضواء على الأمازيغية وهو برنامج حواري أسبوعي يقدمه أحمد عصيد. هي مواضيع وأخرى كثيرة تناولها محمد بوزكو في معرض رده على تساؤلات المحاور .. مواضيع ، يجمعها الهم الكبير الذي يحمله ، تجاه الامازيغية وقضاياها ، ماضيها وراهنها . بدأ محمد بوزكو حديثه عن انتاجاته الادبية جوابا على سؤال افتتح به المحاور حلقته... جواب لم يخلو من تناول القضية الامازيغية كقضية جوهرية ومحورية في جميع اهتماماته واعماله السينمائية والادبية سواء منها الروائية أو القصصية أو المسرحية ، فكان لزاماً عليه أن يتحمل هذا العبء الضخم ويتناول هذه القضايا المهمة جداً في ابداعاته. نوّه بوزكو إلى أهمية الانتاجات الامازيغية وكونها بحاجة إلى إمكانيات مادية كبيرة لتوفير شروط العمل وما إلى ذلك من احتياجات لا يمكن الاستهانة بها ، خاصة في خضم الظروف التي تعيشها كونها كانت مهمشة ومنذ زمن بعيد . طبعا كانت هناك مواضيع عديدة وأخرى تناولها المؤلف والمخرج .. منها الكثير من النقاط استوقفتني ولكن ما استوقفني اكثر ومطولا ، جملة جاءت في معرض رده على سؤال للمحاور .. جملة معبرة جدا توقفت عندها طويلا لما تحملها من معاني كثيرة جدا:"سنوات الضياع". السؤال كان ممحورا حول معايير دعم الفيلم الامازيغي والذي جاء على الشكل التالي : -هل ترى انه لا بد وان يكون هناك تمييز إيجابي للفيلم الامازيغي باعتبار التهميش السابق الذي عرفه ، وباعتبار ان التراكمات و تطور هذه التجربة لا يمكن ان تُقاس بنفس معايير تطور التجارب الاخرى العربية والفرنسية. ام انكم ترون ان المعايير يجب ان تكون صارمة وتساوي بين كل الإنتاجات بغض النظر عن هل هو منتوج امازيغي او ناطق بالعربية او بالفرنسية ؟ جواب المؤلف و المخرج السينمائي بوزكو على السؤال جاء سريعا جدا وحتى قبل أن ينتهي المحاور السؤال ..هي لحظة ربما انتظرها بوزكو منذ انطلاق الحلقة ، جاءت وكأنها ذرت الملح على الجرح وجاء جوابه بتوجيه سبابته الى المسؤولين في القطاع السمعي البصري والى المركز السينمائي المغربي مصحوب بجملة لاذعة قلبت ميزان وقار الرجل المحاور فكأنه جرده من ثيابه."السنوات الضياع" !! "انا دائما اقول ان تلك السنوات الضياع لا بد من استدراكها لانه لا يمكن لي انا الذي لم تكن لديه اي فرصة .. ومحروم من كل الفرص ولسنوات عديدة ، ان تساويني اليوم مع الآخر الذي راكم تجارب عديدة في المجال وعلى جميع المستويات..بل وساهمت في وصوله الى ما وصل اليه اليوم .. بل يجب ان يُوفر لذاك الجانب دعم إضافي خاص ، وتُعطى له فرص كثيرة .. وتكوين إضافي ... ويعطى للافلام الامازيغية الدعم الكافي حتى ولو كانت انتاجات ذا جودة غيرعالية أوضعيفة او تفتقر إلى بعضا من المقومات السينمائية من تقنيات .. وهذه الحقائق يجب طرحها رغم مرارتها .. فالانتاج الدرامي الامازيغي قوي في طرحه.. وقوته مستمدة من قوة قضايا بيئته . ويجب ان يُؤخذ هذا بعين الاعتبار.. " "هو تمييز ولكنه ايجابي - يضيف بوزكو في معرض جوابه على ذات السؤال - والذي من شأنه ان يطور الانتاج الامازيغي خاصة ان كانت هناك مواكبة على صعيد التكوين الميداني والآني ..لا إشكال لدينا بتاتا إن كان مخرج غير امازيغي او منتج غير امازيغي يتولى الانتاجات السينمائية الامازيغية ، المهم هو ان يكون العمل امازيغي ذو حمولة امازيغية . " "نحن نعلم ان ولوج الأمازيغية في المغرب عالم الفيلم والسينما كلغة للتخاطب و التحاور وموضوعا للنقاش عرف تأخرا كبيرا في حقل السينما المغربية بفعل التهميش والاقصاء وآشياء اخرى كثيرة ، إلا أن ظهورها في عقد التسعينات اعتُبر إنجازا تاريخيا بفعل ما حققته من نجاحات وفي مدة زمنية وجيزة فلم يكن أحدا مثلا يتخيل بأن السينما الامازيغية ستظهر بهذا الشكل القوي و ذات حمولة ثقافية تحمل رسائل حضارية كبيرة.." أضاف السيد بوزكو . واستدل في حديثه هذا وعلى سبيل المثال بفيلم "وداعا كارمن" الذي لم يخرج من اي مهرجان شارك فيه الا وحمل معه جائزة او اثنين.. ودعما لجوابه استدل بوزكو كذلك بمواقف لجنة الدعم في المركز السينمائي المغربي ، بحيث أشار الى أنه لا يوجد فيها احد يمثل الامازيغية ، ناطق بها حتى يفهم سيناريو مكتوب بالامازيغية ويفهم الثقافة الامازيغية .."هذا في الوقت الذي نتحدث فيه عن دستور جديد اعاد الاعتبار إلى اللغة والثقافة الأمازيغيين" يقول المنتج محمد بوزكو . قبل ان يضيف ان واقع الحال يؤكد غير ذلك باعتبار ان هناك بعض المؤسسات التي لا زالت للاسف بعيدة شيئا ما عن أي إرادة حقيقية لتنزيل بنود هذا الدستور، وإلا فلماذا -مثلا- لا زلنا نلاحظ من خلال معايير انتقاء ودراسة مشاريع السيناريوهات المقدمة للجنة الدعم، التابعة للمركز السينمائي المغربي عدم الاهتمام بالتنوع اللسني لأعضاء اللجنة..؟ يتساءل المؤلف . "وهو تسجيل لغياب لجنة قادرة على قراءة أعمالنا الأمازيغية في صيغتها الأصلية". يضيف محمد بوزكو . قبل أن يختم جوابه على السؤال إياه بالقول و"كأننا أمام أقصاء ممنهج، قائم على تمييز لغوي ينطلق من إعطاء اللغات الأخرى منها العربية طبعا والفرنسية النصيب الأوفر من الاهتمام على حساب لغتنا الامازيغية ." هي أمور وأخرى تطرق اليها الكاتب والمؤلف والمخرج محمد بوزكو ، تُشرعن لنا تساؤلات كثيرة اولها حول هذا التناقض الذي نلمسه ما بين هذا الحراك العام الذي تعيشه البلاد في إطار ما يسمى بالانتقال الديمقراطي في اطارالدستورالجديد وبين طرق تقليدية وجاهزة ما يزال المركز السينمائي المغربي يشتغل تحت وصايتها.. وبالتالي ما سرهذا التعامل التمييزي للمركز مع الانتاجات الأمازيغية غيرتلك النظرة الدونية لمسؤليه إلى هذه اللغة والثقافة الأمازيغيتين التي لا يجادل في أصالتهما أحد. ؟ الحلقة المذكورة تناولت وقاربت مختلف القضايا والإشكالات المرتبطة بالإنتاج الأدبي والفني الأمازيغي.