في أعقاب الانتفاضة المجيدة لسنتي 1958/1959، والتي اندلعت في خضم مجمل ما طبع الحياة السياسية والاقتصادية والتحولات الاجتماعية بالمغرب غداة مرحلة ما بعد الاحتلال الأجنبي، وكذا التطورات والأحداث المأساوية التي بدأت تبرز على السّاحة آنذاك، في أعقاب كل هذا، شكلت منطقة الرّيف مسرحا لكثير من هذه التطورات والأحداث التي كانت تغذيها العديد من الشروط والمعطيات. ومن تداعيات السيّاقات السيّاسية ومجريات الأمور كما بدأت تطفو على السطح خلال هذه المرحلة التاريخيّة، طبيعة رد فعل الدولة تجاه هذه الأحداث، لاسيما على مستوى منطقة الرّيف، وهو ما ترجمه القمع والتدخل الذي ووجهت به "انتفاضة الكرامة"، وهو ما شكّل واحدة من أهم الأحداث الجماعيّة التي جسدت الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان طيلة العقود الماضية، ولم تستطع تجربة "الإنصاف والمصالحة" تضميد جروح هذه الفترة. أمّا التجلّي الآخر لطبيعة العلاقة التي ستحكم علاقة الريف والقصر في أعقاب اندلاع هذه الأحداث، هو إعلان إقليمالحسيمة منطقة عسكرية بموجب ظهير شريف رقم 1.58.381 وصدر بالجريدة الرسميّة، عدد 2405، المؤرخ ب 17 جمادى الأول 1378/ الموافق ل 29 نونبر 1958، أي بعد حوالي شهرين من تزعم محمد سلام أمزيان انتفاضة 58-59، موقع من طرف أحمد بلافريج أحد القيادات المؤسسة والتاريخية لحزب الإتقلال، وهو ذاته والذي سيخلفه في خضم هذه الأحداث عبد الله إبراهيم كرئيس للحكومة قبل إقالتها هي الأخرى بعد حوالي سنتين من تعيينها.