قبلة الفايس بوك وشريط فيديو جنسي مواضيع خلقت ضجة بالمدينة ناظورسيتي: مهدي العزاوي يعتبر الجنس، إلى جانب الدّين والسيّاسة أو ما يعرف ب"الثالوث المقدّس"، من بين المواضيع التي تشكل خطاً أحمرَ في المجتمع المغربي، على اِعتبار أن الاقتراب من هذا الموضوع بمثابة عمل "محرم"، خصوصا في بعض المناطق، ومنها منطقة الريف. فبمجرد الخوض في نقاش أو التعبير عن أفكار تخالف الأفكار السائدة، وتناول مواضيع تخص الجنس في الإعلام إلاّ ويتحول الأمر إلى حدث فجائي بالمنطقة يتردد على لسان الكبير والصغير، وهذا دليل قاطع على أن الجنس يعّد من المواضيع الحساسة التي لم يستطع المجتمع الريفي أن يتعامل معها على نحوِ من المرونة التي تستلزمها الأبعاد الثقافية والعلمية في الطرح كباقي المواضيع الأخرى. الجنس.. الهوس والخوف لا يمكن إنكار أن الجنس أصبح "الطابو" الأول داخل المجتمع، حتى أنه أصبح يتجاوز "طابو" الدين في بعض المجتمعات، حيث تحول إلى هوس، مما يؤدي بما لا يدع مجالاً للشك الى بروز ظواهر شاذة وسط مجتمعاتنا. اِذ اليوم لا ينكر أحد أن ظاهرة التحرش أصبحت أكثر انتشارا مما مضى وأكثر حدة من ذي قبل، كما أن حالات الاِغتصاب كثرت بشكل غريب، ودائما ما تكون المرأة هي الضحية، وسط مجتمع ذكوري أصيل. إن هذا الهوس بالجنس يمكن اِعتباره مرض العصر بإمتياز، رغم أن "الجنس" أمرٌ ضروري في حياة البشرية ككل بما أنه طاقة وغريزة وله مزايا وأبعاد، لكن عندما يتحول إلى "هدف" و"غاية" في حدّ ذاته، فهنا يكمن الخلل، وهذا ما تكرسه طبيعة وتفكير جل الطبقات الإجتماعية، والتي تأثرت في الغالب بثقافة دخيلة، تسيء للمرأة وتجعل منها سلعة تستهلك فوق الفراش وفقط. إن هذا الهوس بالجنس، هو نتيجة حتمية "للحصار" إن صح التعبير، حيث أن التربية على الخوف من الجنس، تكون لها نتائج معاكسة لما هو منتظر، حيث التخويف والتهويل يجعلان الإنسان يتحول لديه هذا الموضوع إلى هاجس نفسي بالدرجة الأولى، ويجعله يحاول إكتشاف هذا الذي صوّر له بشكل مشوه عن "الجنس" بكل الطرق الممكنة، لأن حسب القاعدة ف"كلّ ممنوع مرغوب"، فتغييب الثقافة الجنسية من الحياة اليومية، وتجاهل كل ما له علاقة به وفي نطاقه، ما يخلق لنا مجتمعا مريضاً يُصبح مهوسا بالجنس في الوقت الذي يتخوف منه. القبلة الناظورية التي وصلت إلى الصين القبلة الفايسبوكية، أو قبلة مراهقي الناظور، يمكن القول على أنها من بين أشهر القُبل في العالم، ولا غرو في الزعم أنها تجاوزت حتى شهرة قبل الفنانين ذائعي الصيت عالميا، وذلك بسبب الضجة الإعلامية التي رافقتها، حيث تناولتها جل الوسائل الإعلامية الوطنية والدولية، بل وصلت إلى قنوات في بلدان بعيدة مثل الصين، وعند العودة لتفاصيل القبلة، نجد أن من بين الأسباب التي جعلها تتحول إلى قضية رأي عام، هو عدم التسامح مع أي فعل يوحي بما هو جنسي، ولو كان صادرا عن مراهقين، حيث وبعد اِنتشار صورة القبلة في الشبكات الإجتماعية، دخلت جمعية "حقوقية" على الخط، اِذ رفعت دعوة قضائية ضد المراهقين الناظوريين، فكان بالإمكان التعامل مع ذلك بذكاء أكثر، فعوض الإلتجاء إلى سلطة القانون والعقاب، كان من المفروض أن تلعب هذه الجمعية دورا آخر، يتمثل في شكل إعطاء نصائح وتوجيهات للمراهقين قصد توعيتهم بخطر وضع صورهم في ذلك الوضع على الأنترنيت. لكن طالما أن الجنس "طابو" مجتمعي فلا جدال حول الأمر، لذلك رأينا الحل الأمثل لدى هؤلاء هو ردع وسجن كل من يخالف الفكرة السائدة، الفكرة ذاتها ما جعلت الجمعية تلجأ إلى القضاء. شريط جنسي خلق ضجة عارمة خلق مؤخرا شريط فيديو قديم - جديد، ضجة عارمة بالمدينة، فبعدما تناقله الناظوريون فيما بينهم عبر تطبيقات الهواتف الذكية، بتقنية "الواتساب"، أمرت الشرطة بفتح تحقيق لتحديد هوية الشاب والفتاة في الفيديو، غير أن الغريب في الشريط أنه صوّر برغبةٍ من الفتاة والشاب، الأمر الذي جعل القضية تتحول من مجرد عاشقين يعيشان لحظات أكثر حميمية مع بعضهما، إلى حدث بالمدينة، وأعطي للفيديو عدة تأويلات. فرغم معرفة الجميع بأنه في مجتمعنا تمارس علاقات جنسية خارج إطار الزواج، إلا أن الأغلبية تحاول التستر على ذلك، في محاولة يائسة لحجب الشمس بالغربال، فاليوم لا يمكن الإنكار أبدا أن هناك من الشباب والشابات من يمارسون الجنس خارج إطار مؤسسة الزواج وفقا للشرع والقانون، ولعل أشرطة الفيديو والصور، التي تتسرب من حين إلى أخر، لَدليل على تواجد هذه الممارسات، التي من المفروض معرفة مسبباتها. ويجب القيام بدراسة ميدانية، توضح مدى تقبل المجتمع أو رفضه لهذا الأمر "ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج"، وما مدى احترامه للتعليمات الدينية التي تحرم قطعا هذا الأمر ! بين الحرية الشخصية والحرام.. سكيزوفرينية مجتمع تعّد قضية الجنس من بين المواضيع التي يثار حولها الجدل لا من الناحية الشرعية / الدينية، أو من الناحية القانونية، بل وحتى الجانب الأخلاقي له حضور على مستوى تناول كل ما يرتبط بالجنس. إلا أن تعامل المجتمع، مع هذا الموضوع فيه نوع من "السكيزوفرينية" أو النفاق الإجتماعي. حيث أن نفس من يمارسون الجنس خارج المؤسسة الزوجية، يرفضون التحدّث عن كون هذا الإختيار هو حرية شخصية، ورغم معرفتهم أن هذا من الناحية الدينية هو حرام، غير أنهم يقومون به، ويكرسون بهذا الفعل سكيزوفرينية المجتمع. في تناول الإعلام لمواضيع الجنس تعامل الإعلام مع مواضيع الجنس، ينقسم إلى قسمين أساسيين، فالأول يتعلق بالإثارة وجلب القراء، لكون الإعلامي يعرف مسبقا، أن تناول هذا الطابو كموضوع صحفي، سيجلب قراءً كُثُر ومتتبعين، فمثلا على الصعيد الوطني، وعند معالجة جريدة الأحداث المغربية لمواضيع جنسية، في ركن خاص لها " من القلب إلى القلب" حققت في تلك الفترة مبيعات قياسية، كما أن جرائد محلية ومن خلال تناولها لمواضيع ذات علاقة بالجنس، حققت شهرة كاسحة، مثل ملفات تناولت "الدعارة وسط المؤسسات التعليمة بالناظور"، و "البلوكات الجنسية بالناظور"، ومجموعة من المواضيع الأخرى. القسم الثاني الذي يجعل المنابر الإعلامية، تتناول مواضيع متعلقة بالجنس، هو تحول هذه الأخيرة إلى حدث يشغل الشأن العام ككل، فمثلا من غير المعقول أن تتغاضى المنابر الإعلامية عن الحديث بشأن قبلة الفايس بوك، وقد خلقت ضجة كبرى ليس في المدينة فحسب، بل في العالم بأسره، أو أن يتم التغاضي عن فيديو إباحي فتحت الشرطة تحقيقاً في ملابساته، وهذه الحالات يكون الإعلام مجبرا على مواكبتها. ليس مقبولا و لا منطقيا -مرة أخرى- أن يُقبل المجتمع الريفي على قراءة مواضيع ذات صلة بالجنس، في مواقع وجرائد وطنية، متعاملاً معها على نحوٍ عادي، في حين اِذا تلقفتها منابر إعلامية محلية تقوم القيامة، بل وتصل إلى المساجد حيث تكون مادة دسمة لخطبات فقهاء الجمعة، ويتم التهجم على الوسائط الإعلامية، متناسين أن الفقهاء بدورهم يتناولون هذه المواضيع، لأن حضورها وسط المجتمع يفرض معالجتها من جميع الزوايا. وهذا التعامل مع المنابر المحلية تجسيد أخر لنوع من الإنفصام الذي يعيشه المجتمع.