إن التحولات التي عرفتها الجالية المغربية، كان لها أثرا فعالا في بروز أجيال جديدة تضم كفاءات عالية و متنوعة ذات مطالب واهتمامات مختلفة، فضلا عن تحقيق الاندماج الايجابي والتعايش السلمي لهذه الأجيال في مجتمعات الإقامة، وحرصها على الارتباط بوطن الأم، والمحافظة على الهوية الوطنية في أبعادها الثقافية والدينية واللغوية، فرضت على الحكومة نهج سياسة تواصلية تشاركية جديدة لفتح آفاق واعدة تجعل الجالية المغربية المقيمة بالخارج على اطلاع دائم بالمستجدات التي يعرفها المغرب على جميع الأصعدة. بالرجوع إلى الإشكاليات و الصعوبات التي تعاني منها الجالية المغربية، نجد ما له ارتباط بوطن الأم من جهة وبلد الإقامة من جهة أخرى. فبخصوص الإشكاليات ذات الصلة بوطن الأم، هناك مطالب متعددة تهم الملفات العدلية و القضائية و الشكايات الموضوعة من طرف الجالية، و تحسين جودة الخدمات الإدارية و تخصيص مخاطبين للجالية بأهم المؤسسات و الإدارات العمومية المركزية و المحلية ، إضافة إلى الإسراع في البث في الملفات القضائية و تنفيذ الإحكام النهائية الصادرة لفائدة الجالية، و تقوية الأعمال الاجتماعية و الثقافية و الترفيهية المواكبة لإقامة الجالية خلال عطلة الصيف. كما تطالب الجالية بتكثيف المخيمات الصيفية لفائدة أطفالها بأرض الوطن ،و تخصيص عروض سياحية مشجعة لأسرها وللشباب المهاجر٬ إضافة إلى وضع كوطا خاصة بالسكن الاجتماعي للفئات المعوزة من الجالية ٬التي لا تتوفر على إمكانيات اقتناء سكن داخل ارض الوطن . وكذلك بتوفير الدعم اللازم لحاملي المشاريع الاستثمارية على مستوى التمويل و التوجيه و عبر توفير التسهيلات اللازمة. أما في ما يخص الإشكاليات المرتبطة بدول الإقامة٬ تطالب الجالية بإحداث مراكز ثقافية وتنويع الأنشطة بها وتشجيع التبادل الثقافي بين الشباب والطلبة المهاجرين وإخوانهم داخل الوطن٬ والإسراع بتأهيل وتنظيم الحقل الديني لتجاوز المخاطر التي تحذق بالهوية الدينية للأجيال الصاعدة وحمايتها من التطرف٬ علاوة على تأهيل برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة الأصلية والزيادة في عدد الأساتذة. كما انه لابد من الإرتقاء أكثر بأداء الإدارة القنصلية٬ والرفع من جودة الخدمات وظروف الاستقبال٬ و تمكينها من الوسائل المادية والبشرية وتعزيز وتقوية المصالح الاجتماعية للمراكز القنصلية وحل المشاكل القانونية والصعوبات المسطرية المرتبطة بالزواج و الطلاق و الحالة المدنية و قانون الجنسية٬ والزيادة في عدد القضاة المنتدبين بسفارات المملكة المغربية. وتشمل هذه المطالب أيضا٬ منح المتقاعدين تخفيضات أو إعفاءات من الرسوم الجمركية عند تعشير سياراتهم دون ربط ذلك بشرط العودة النهائية لأرض الوطن٬ وتمويل نقل جثامين المهاجرين٬ وإيجاد حلول لغلاء تذاكر البواخر والخطوط الملكية المغربية. أمام هذه الإشكالية سطرت الحكومة٬ طبقا للتوجيهات الملكية السامية المخطط الوطني الإستراتيجي الخماسي 2008-2012 للنهوض بأوضاع و شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج. كما قامت الوزارة المكلفة بالجالية المغربية٬بإحداث بوابة الكترونية ،لتدشين جسر التواصل الدائم مع أفراد الجالية٬ يضع تحت تصرفهم أهم الآليات و الوسائل التي تمكنهم من الاطلاع عن كثب على كافة المستجدات داخل ارض الوطن الأم وفي إطار تطبيق «البرنامج الوطني لمواكبة مقام المغاربة العائدين إلى ارض الوطن خلال العطلة الصيفية للسنة الجارية»إذ يشمل خمسة مكونات٬ تضم تسريع وثيرة تقديم الخدمات الإدارية و الاستفادة من الأنشطة الثقافية و التعليمية٬ واعتماد مخططات في مجال الاستثمار و الإعلام كما شكلت مسألة معالجة الشكايات و التظلمات هاجس ملح في اهتمامات الوزارة المرتبطة بقضايا وشؤون أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، و قد تم في هذاالإطارتعزيز مصالح الوزارة بخدمات قاض مختص مندوب من طرف وزير العدل للسهر على تتبع و دراسة شكايات و تظلمات المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج . كما ستجري الاستعانة بخدمات قاض ثاني لتسريع البث في مختلف القضايا،على أن يتم البث النهائي في عدد من الملفات بتنسيق مع باقي الوزارات المعنية٬ ويتم إخبار المعنيين بنتائجها سواء من طرف وزارة العدل أو باقي الوزارات.و في هذا السياق تمت تصفية ازبد من 1340 شكاية و تظلما للمهاجرين . كما حرصت الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج في شخص وزيرها السيد محمد عامر٬ بالرد شخصيا على جميع الرسائل و الشكايات وتوقيعها من قبله. إضافة إلى اقرارنظام المداومة في الإدارات المركزية والجهوية والمحلية لخدمة مصالح الجالية وإحداث شباك إداري موحد ووحيد بمقر الوزارة المكلفة بالجالية يهدف الاستقبال و التوجيه. كما سيتم إحداث دار المغربي المقيم بالخارج في كل من الناظوروبني ملال كسابقة تاريخية٬. حيث تبقيان المحطة الأولى لإحداث دور أخرى في عدة مدن أخرى في إطار تقريب الإدارة المغربية من المواطن المقيم بالخارج و قضاء مصالحه الإدارية على وجه السرعة وفي ظروف جيدة. علاوة على إحداث المجلس العلمي المغربي لأوروبا بتعليمات من صاحب الجلالة محمد السادس،يعمل على تقديم ما يحتاجه الأئمة من تكوين وتأهيل حتى يتجاوبوا مع انتظارات المغاربة في ما يتعلق بمقوماتهم العقدية و المذهبية٬ و حتى يمارسوا مهامهم في توافق تام مع القيم الإنسانية٬ التي هي المرجع في البلدان التي يقيمون بها. وعلى صعيد الاستقبال فتحت الوزارة فضاء خاص باستقبال الجالية المتوافدين على الوزارة ،يتوفر على عدد من المرافق الضرورية ضمنها مقهى ومرافق اشتغال والعمل لوجود خلية للإعلاميات و باحة راحة ،تتناسب وتوافد الجالية رفقة عائلاتهم. أماعلىالمستوىالثقافي فقد انطلقت الأشغال في خمسة مراكز ثقافية في كل من باريس وموريال و بروكسيل وبرشلونة و طرابلس٬ بينما تتوفر الوزارة على خمسمائة مشروع لبناء مراكز ثقافية أخرى في عدد من الدول. كما وضعت الوزارة برنامج لتنظيم الدروس الصيفية بأرض الوطن لتعليم اللغة العربية و الثقافة المغربية لفائدة أطفال الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وقد تمت بشراكة مع المؤسسات الخصوصية في عدد من المدن المغربية، (بني ملال،وجدة،الناظور،توريرت،ورززات،قلعة مكونة...) حتى يتمكن أطفال المغاربة المقيمين بالخارج من تلقين اللغة العربية والتعرف على مجالات الثقافة المغربية،بغية تعزيز الروابط الثقافية والدينية واللغوية الأصيلة،وتوثيق الصلة بين الأجيال الجديدة ووطنها الأم. وسعيا منها لتشجيع البحث العلمي والمعرفي لأبناء الجالية المغربية بالخارج قامت الوزارة بتنظيم جامعات صيفية حيث سيتم تنظيمها في كل من الرباطاكاديرووجدة تتضمن برامج متنوعة كتعليم اللغة العربية،عقد محاضرات' ،تنظيم مسارات ثقافية إقامة عروض فنية ومعارض للصناعة التقليدية، ويبلغ عدد المستفيدين من الدورة 150 شاب و شابة مغربية مقيمين بفرنسا و بلجيكا يتوزعون على النحو التالي: -60 شاب فرنسا و40 من بلجيكا سيستفيدون من الجامعة الصيفية المنظمة لمدة أسبوعين بمدينة الرباط بتعاون مع كلية العلوم و التربية خلال الفترة الممتدة بين 13 و 26 يوليوز 2009. -30 شاب من فرنسا و 20من بلجيكا سيستفيدون من الجامعة الصيفية المنظمة لمدة ثلاث أسابيع بمدينة اكادير بتعاون مع« المرصد الجهوي للهجرات و فضاء و مجتمعات » وكذلك جامعة ابن زهر خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و 25 يوليوز 2009.كما أن الوزارة تتحمل مصاريف هؤلاء الشباب طيلة مدة إقامتهم بالمغرب ما عدا مصاريف التنقل انطلاقا من بلدان الإقامة. تنظيم المخيمات الصيفية إضافة إلى تنظيم قافلة مغاربة العالم التي ستجوب مدن السعيدية و اكادير و خريبكة و والدار البيضاء للتدارس و النقاش حول قضايا الجالية٬ كما سيخصص استقبال خاص لمائتي من أبناء الجالية و ضمنهم المقيمون في المغرب العربي لحضور احتفالات عيد العرش.و دعوتهم للمشاركة في الدورة السادسة لطواف مغاربة العالم التي سيكون موضوعها زيارة الاوراش الكبرى في المغرب. كما استقبلت الوزارة الوصية وفد الشباب العرب المقيمين بالخارج٬ المشاركين في الدورة السابعة للرحلة الثقافية والاستطلاعية التي تنظمها الوزارة المكلفة بالجالية بتعاون مع جامعة الدول العربية،25 شاب و شابة يقيمون في كل من روسيا و البرازيل و ايطاليا و بلجيكا و الولاياتالمتحدةالأمريكية و المنتسبين لجنسيات عربية مختلفة. كما صدر مؤخرا العدد الأول من «دليل المغاربة المقيمين بالخارج»الذي يقدم معلومات مفيدة و أجوبة عن تساؤلات الجالية في مختلف المجالات و يسعى هذا الدليل ،الذي أعدته الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج والمتوفر في خمس لغات إلى تقديم المعلومة الإدارية و الإجابة على تساؤلات الجالية حول التنمية والإمكانيات المتاحة لهم من اجل المساهمة في عدد من المجالات كالاستثمار و السياحة و السكن و العمل الجمعوي. إضافة إلى٬ الاتفاق المبرم مع وزارة الإسكان و التعمير على تخصيص كوطا للجالية المعوزة٬ للاستفادة من السكن الاجتماعي و إلى التنسيق مع شركة العمران٬ التي خصصت تجربة نموذجية في الناضور و الفقيه بتصالح إلى جانب دعوتها للوكالات الحضرية للتعاون لدراسة الملفات العالقة. اماعلى المستوى الإعلامي٬ تم الاتفاق مع وزارة الاتصال لبرمجة حوارية لمناقشة قضايا الجالية لمنحهم فرصة للتعبير عن انتظار اتهم و مشاكلهم و تجاربهم٬ و مدى تأثرهم بالأزمة الاقتصادية٬ و في هذا الخصوص يجب ألا نغفل التدابير التحفيزية التي اتخذتها الحكومة لفائدة الجالية في مجالات التحويلات المالية و الاستثمار و القروض العقارية.لقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير٬ انطلاقا من الخلاصات التي توصلت إليها لجنة اليقظة الإستراتيجية المحدثة من اجل تتبع انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على الجالية٬ و بمقتضى هذه التدابير الجديدة تم اتخاذ باتفاق مع مجموعة المهنية للابناك٬ استفادت الجالية من دعم مقدم من طرف الدولة في حدود 10في المائة٬ لانجاز مشاريعهم الخاصة على ألا تقل مساهمة حامل المشروع عن 25 في المائة ٬علاوة على إمكانية الاستفادة من قرض تقدمه الابناك٬ تتحدد نسبته في 65 في المائة وان لا يقل حجم الاستثمار عن مليون درهم. وفي ما يخص تخفيض كلفة التحويلات٬ ستعمل الابناك بمجانية التحويلات المالية إلى غاية 31 دجنبر 2009 تهم عمولات التحويل٬ المستقطعة من طرف الابناك في المغرب أو من خلال شبكاتها في الخارج. و سيتم التخفيض من عمولة الصرف ب 50 في المائة على جميع المعاملات مع العالم الخارجي و الإلغاء التام لعائدات الدولة في أفق سنتين. في المجال العقاري٬ سيكون بإمكان أفراد الجالية الاستفادة من ضمان السكن٬ حيث سيستفدون من الشروط نفسها التي تطبق على نظرائهم القاطنين بالمغرب. وفي ما يخص المواكبة الاجتماعية للجالية٬ تشمل المتضررين من الأزمة من طرف الابناك المغربية ،وذلك بإعادة جدولة الديون المستحقة و تعزيز وتعميم المصالح الاجتماعية في السفارات و القنصليات للتخفيف من المعانات الاجتماعية للمتضررين من الأزمة. كما سيتم تخفيض الرسوم القنصلية بنسبة 95 في المائة، ووضع شبابيك خاصة بمغاربة المهجر من طرف مختلف الإدارات و المؤسسات الحكومية، والعمل على أيجاد الحلول للمشاكل الناجمة عن فقدان العمل أو عدم تجديد وثائق الإقامة بالتعاون مع سلطات دول الإقامة.. كما تم العمل على خلق و تأهيل عشرين مصلحة اجتماعية بالقنصليات و نقل جثامين أفراد الجالية من ذوي الدخل المحدود و المعوزين،و التوقيع على عقود لضمان المساعدة القضائية للمهاجرين في وضعية حرجة ،إلى جانب إحداث نظام معلوماتي لتدبير و معالجة الشكايات و المنازعات الإدارية،وإعداد برنامج لتفعيل المنتدى الوطني للكفاءات المغربية بالخارج «فيتكوم». أما بخصوص المتقاعدين٬ فتم الحصول على نسبة خمسة و ثمانين في المائة لتعشير السيارات لفائدتهم ،مع إلغاء شرط العودة النهائية ،كما تحملت الحكومة تكلفة التسجيل في المدارس الحكومية الليبية لأطفال العائلات المغربية المعوزة و المتعددة الأطفال المقيمة في ليبيا. أما في ما يتعلق بعملية عبور 2009،فقد تم اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لإنجاحها،من خلال وضع أسطول بحري رهن إشارة الجالية ،و إحداث خطوط نقل جديدة،و الزيادة في عدد الرحلات،وإلزام شركات النقل بضرورة احترام المواقيت.ومن اجل ضمان الأمن و السلامة لأفراد الجالية،تم رفع عدد شبابيك المراقبة و التفتيش و القيام بإجراءات الخاصة بمراقبة الحدود على متن البواخر،مع تعبئة قوات الآمن و الدرك الملكي و القوات المساعدة و الوقاية المدنية و تقوية الأمن البحري و تدعيم المجال الأمني في الطرق و الباحات المخصصة لاستراحة أفراد الجالية. كما تم تمكين السفارات و القنصليات بكمية كافية من جوازات السفر و الدفاتر العائلية، مع إقرار نظام المداومة و تعزيز القنصليات بأطر و أعوان إضافيين. علاوة على إحداث مكتب مركزي للتنسيق تحت إشراف مؤسسة محمد الخامس للتضامن،مكون من وزارة الداخلية و مصالح الأعمال الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية،و يشتغل على مدار الساعة لتتبع الحالات الطارئة عبر رقم اخضر مجاني