اهتزت مدينة الحسيمة خلال هذا الأسبوع الذي نودعه، على وقع وفاة المناضل السياسي، والفاعل الحزبي ضمن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بذات المدينة الريفية، كريم لشقر.. حادث الوفاة التي لم تظهر تفاصيلها للحين، لكن أصدقاء الضحية وعائلته ومعهم مناضلون بالحزب يتهمون الأمن بالحسيمة بالوقوف وراء وفاته.. وكان لشقر، قد تم اعتقاله واقتياده الى مخفر للشرطة بمدينة الحسيمة، على خلفية صدور مذكرة بحث في حقه من قبل مصالح الشرطة الإقليمية بالحسيمة، وذلك قبل أن يتعرض لنوبة قلبية حادة، نقل على إثرها الى مستشفى محمد الخامس بالمدينة، ويلفظ أنفاسه الأخيرة هناك، بناء على قصاصات إخبارية متواترة. وبعد تداول أخبار عن تورط الأمن بالحسيمة في وفاة كريم لشقر ومقتله، تحركت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف في شخص الوكيل العام للملك، من أجل البحث والتقصي في النازلة، وهو ما دفع الى إجراء تشريح طبي لجثة الضحية والتأكد من أسباب الوفاة التي تبقى غامضة للحين. ما هي الدوافع التي جرت رجال الأمن الى اعتقال كريم لشقر؟ لحدود كتابة هذه السطور لم تظهر الأسباب الحقيقية وراء اعتقال لشقر، واقتياده الى مخفر الشرطة بالحسيمة، وهل حقا صدرت في حقه لاحقا مذكرة بحث بموجبها تم توقيفه.. والأكثر من ذلك يروي أحد أصدقاء الضحية والشاهد على وفاته، أن كريم كان مترجلا وسط المدينة قبل أن يتفاجأ بتطويقه من قبل عناصر أمنية جرته غصبا الى دائرة أمنية قريبة. وللوقوف على أسباب اعتقاله، تؤكد مجموعة من التقارير، أن لشقر المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي معروف ب "اعتداله السياسي"، وبمواقفه الجادة تجاه مجموعة من القضايا السياسية بالبلاد وبمنطقة الريف، ولا يمكن حصر تلك المواقف والنضالات الحزبية في أمور معادية للسياسة العامة للبلاد. لكن بيانا للإدارة العامة للأمن الوطني، رأت أن الموضوع لا يعدو أن يكون حادثا عرضيا، حيث كانت دورية أمنية ليلية تقوم بمهامها قبل أن تقدم على إيقاف سيارة بها ثلاثة أشخاص، بينهم لشقر، وهم في حالة سكر، وبعد محاولة اقتيادهم الى مخفر للشرطة، حاول كريم الهروب والفرار قبل أن يتهاوى أمام سد أمني ويصاب بجروح على مستوى وجهه. اتهامات للأمن بتعريض لشقر للتعنيف بمخفرها.. بعد توقيف لشقر واقتياده الى مخفر الشرطة الرئيسي بالمدينة، هناك انطلقت فصول حادثة جديدة، بعد أن أغمي على الضحية وتم نقله الى مستشفى محمد الخامس، وهناك لقي حتفه.. الأمر المثير في القضية، أن رفقاءه الذين كانوا معه أكدوا أن كريم تعرض للتعنيف، خلال مراحل التأكد من هويته من قبل رجال الأمن، وأنه حاول تثبيت تهمة العنف الذي تعرض إليه، عليهم، حيث يروي أحد أصدقائه "لقد خاطبني كريم أثناء اعتقاله بمخفر الشرطة، وقال لي: اشهد إنهم يعتدون علي بالضرب !".. وبعد تشييع جثمان كريم الخميس الماضي، تعالت أصوات المشيعين مطالبين برؤوس رجال الأمن الواقفين في الحادثة، ومتابعتهم بتهمة الاعتداء الجسدي على الضحية المفضي الى الوفاة، واتهموا مختلف أجهزة الأمن الإقليمية بالتواطؤ والتآمر على كريم للنيل منه وقتله، والهروب من مسؤولية الوفاة. حزب "الوردة" يتحرك في الموضوع ومطالب للرميد بالتقصي في مقتل لشقر.. دخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على خط مقتل مناضلها السابق بمدينة الحسيمة، وذلك على خلفية اعتقاله من قبل الشرطة في 26 ماي المنقضي.. وكان المكتب السياسي قد أعرب خلال بيان رسمي له عن "قلقه الشديد إزاء ما عرفه الملف"، وطالب ب "فتح تحقيق نزيه يكشف عن ملابسات وفاة المواطن المناضل الاتحادي كريم لشقر، ومتابعة كل المسؤولين عن هذا الحادث المؤلم". تحرك ذات الحزب الاتحادي وازاه تحرك آخر لعائلة الضحية، التي وجهت رسالة وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، قصد فتح تحقيق نزيه في الموضوع ومتابعة المتورطين في مقتل لشقر بأقصى العقوبات.. وفي هذا الصدد، ناشد الدكتور امحمد لشقر، عم الضحية كريم لشقر، من وزير العدل، تفعيل مساطر التحريات القضائية ونزع أي لبس عن حيثيات الوفاة الغامضة التي تعرض لها ابن العائلة (38 سنة)، مضيفا أن جميع المعطيات تثبت تعرض الشاب الضحية الى وفاة غير عادية وتثير مجموعة من الشكوك. كريم لشقر مات.. فهل سيتم الكشف عن الحقيقة الكاملة للوفاة؟ بعد تشييع جثمان لشقر الخميس الماضي، تساءل عدد من أصدقائه ورفقائه في النضال، عن جدوى تحميل الأمن مسؤولية مقتله.. حيث أبرزوا أن فتح تحقيق نزيه وشفاف من قبل مؤسسات الدولة القضائية كفيل بالكشف عن ملابسات واقعة الوفاة الغامضة. واعتبر ذات المتحدثين أن تضارب الأقوال ما بين رجال الأمن ومصالح الوقاية المدنية، فيما يخص توقيت وفاة كريم ونقله الى المستشفى أمر يدعو الى الارتياب ويدعو الى البحث في القضية التي استأثرت باهتمام الرأي العام الحسيمي خلال الأسبوع المنقضي. وشكك هؤلاء دائما في نزاهة التحقيقات بعد ما أوردته الإدارة العامة للأمن الوطني خلال بيان رسمي لها، مضيفين أن القضية سيتم إقبارها، بعد أن أبعدت إدارة الرميل الشكوك عن مصالحها وعناصرها بالحسيمة.