و هو من زملائي النجباء، متين في مهنته التربوية، محبوب من تلامذته و زملائه، حسن العشرة حلو الطبع، فيه كل الصفات التي تحب، إلا أنه و لا أدري لماذا كان خالي الوفاض في باب العبادة، فلم تكن الصلاة على جدوله اليومي و لا الصيام على جدوله السنوي، و لم يكن منكرا و لا كافرا، و لكن لعلها النشأة أو المحيط أو صعوبة تكوين عادات جديدة في حياة وجدها مستقرة و مستمرة و لا تنهدم و لا تنهار لغياب الصلاة و الصيام، هكذا كان حين انضم إلى مؤسستنا في العمل. و الواقع العجيب أن ذلك زادنا التفاتا حوله و لصوقا به و ليس العكس، فقد رجونا لهذا الزميل الحبيب أن يكرمه الله بالتزام سبيل، كما رجونا للإسلام أن يكسب عنصرا غنيا بالخير، و الناس كما قال النبي صلےالله عليه و سلم معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، وقديما دعا النبي فقال : اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين و كانا كافرين. ولعل هذه المحبة الغامرة التي استشعرها هنا مع حسن الصحبة و الوداعة في النقاش هي التي هيأت له أن يدير فكره في الأمر في لحظات صفاء النفس، و إذا بنا نفاجأ في مطلع رمضان جديد أن رمضان صائم، كانت الفرحة لا توصف و وجدتها فرصة خصبة لأسأله في مودة، فهل شرعت في الصلاة كذلك ؟ قال ليس بعد، خطوة خطوة، الصوم كل عام و الصلاة كل يوم، قلت: فلا بأس و لكن هل صومك يا ترى صوم اجتماعي استجابة للمحيط الذي حولك ؟ أم لعله صوم صحة على غرار ما نسمعه من حشد الأطباء الذين يجمعهم لنا الإعلام مع كل رمضان ؟ قال : لا و الله، بل استجابة لأمر الله. فإن قال صم قلت نعم و إن قال صل قلت لا ؟ أهكذا يعامل الإنسان ربه يا رمضان ؟ و كان رمضان يحترم نفسه و يحكم عقله. و من ساعتها انتظمت صلاته و مر زمان فراقنا و بعد لقائنا أخبرني كيف امتلأت حياته بعد أن أسلمها لله و كيف شعر أن الإنسان إن لم يعبد الله عبد غيره من الأرباب سواء كان ذلك حجرا أو بشرا أو هوى أو غاية، رمضان الآن من العاملين الأكفاء للإسلام و قضاياه في نطاق واضح و أوسع.