احتفل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يوم السبت 17 أكتوبر 2009 بالذكرى الثامنة لتأسيسه، وكان ذلك بمثابة وقفة تحتاج للكثير من التأمل حول هذه المؤسسة التي لحد الآن يعرف جل أمازيغ المغرب شيئا عن المستويات والمهمات المنوطة بها، فالدولة المغربية وكما في علم الجميع لم تؤسس "الإيركام" حبا في الأمازيغية أو صونا لإرث جميع المغاربة وتاريخهم. ولكن كما لا يخفى على الكل، لأن مؤسسة "الإيركام" ليست إلا حاجزا ابناه المخزن لاعتراض مسيرة الحركة الأمازيغية والتي هي استمرار لإيديولوجية جيش التحرير. المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إذن هو تحريف مكشوف لمسار القضية "الأمازيغية" غايته "فلكلرة" هموم الأمازيغيين خاصة والشعب المغربي عامة. حصيلة ثماني سنوات: إذا أردنا تقييم حصيلة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لا يمكننا القول سوى إنها حصيلة هزيلة تتوافق وحجم الأموال الممنوحة لهذه المؤسسة، والتي ذهب جلها مهب الريح بعد أن استغلت في تنظيم حفلات –أغوال- بمناطق سوس، وهي المناطق الأكثر فقرا بالمغرب على كافة المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. فالمعهد، كما هو معروف، يمول بسخاء الجمعيات المنضوية تحت لوائه وهي التي ليست سوى نسخة طبق الأصل عنه شكلا مضمونا. هذه الجمعيات التي تستغل أموال دافعي الضرائب في تنظيم ندوات ولقاءات ثقافية لا تغني ولا تسمن من جوع كونها جوفاء، لا تناقش الوضع الأمازيغي الراهن، ولا يعدو أن يكون نقاشها سوى مضيعة للوقت مختوم ببيان نهائي يدينون فيه الاستلاب الذي يلحق الأمازيغية. إضافة إلى فشل الجمعيات المنضوية تحت لواء المؤسسة الأم، نسجل كذلك إنجاب "الإيركام" المولود معاق هو حرف "تيفيناغ" كيف تم اعتماد هذا الحرف يا ترى وما أساسه من الصحة التاريخية؟ لو نتجه نحو الجارة الجزائر سنجد مؤسسة تعني بالشؤون الأمازيغية، والتي يطلق عليها "المندوبية السامية للأمازيغية، وهي لا تختلف عن "الإيركام" سوى من حيث الاسم، أسسها النظام الجزائري لوقف المد الصاخب للصوت الأمازيغي في منطقة "القبائل". فالمشكلة لا تكمن هنا بقدر ما تكمن في كون المؤسسين السابقتين تتصرفان في الإرث الثقافي الأمازيغي دون وجه حق، وتصورا معي ثقافة بلاد تمازغا الشاسعة كلها بين مؤسستان صغيرتان لم تنجحا لا من قريب ولا من بعيد، في كسب التأييد الشعبي الأمازيغي وحجتهما فقط الرسمية المكتسبة من طرف النظامين المغربي والجزائري. وبالتالي فتفويض الشأن الأمازيغي لكلتا المؤسستين هو ضرب من الجنون في حد ذاته، فنحن نعرف أن المعهد الملكي في الغرب يفتقر إلى مقومات النجاح بسبب ما يعانيه فقر في الأطر والأساتذة الباحثين وكذلك الجهل بكون الأمازيغية تتجاوز حدود المغرب ناهيك عن الشطط والتبذير في استغلال الميزانية العامة نفس الشيء ينطبق على "المندوبية" في الجزائر، جون أن ننسى القطيعة الموجودة بين البلدين والتي تجعل من مهمة ربط علاقات بين المؤسسين أمرا مستحيلا مادامت علاقة "الإيركام" والمندوبية تتأثر بالسياسة الخاصة بالبلدين بسبب قضية الصحراء، وهذا ما يجعل كلا منهما يغني لليلاه، فحرف تيفيناغ يختلف بين البلدين، ويتخذ أشكالا مختلفة على مستوى بعض الحروف كما لا ننكر أن هناك حروفا موحدة بين البلدين، وهذه نقطة سوداء ليست سوى مؤامرة لتشتيت البنية اللغوية الأمازيغية، طبقا للمقولة فرق تسد، رغم أن السوسي يفهم ما يقوله الريفي والريفي يفهم كلام القبائلي وهكذا دواليك... وليست هناك سوى أختلافات قليلة توجد في كافة اللغات كالألمانية الألمانية والألمانية النمساوية، وكذلك البرتغال والبرازيل ..هذه البلدان الأخيرة تداول حرفا موحدا على عكس المغرب والجزائر، ولحسن الحظ أن بلدان تونس، ليبيا، مالي والنيجر لم تفكر في تأسيس مؤسسات أمازيغية وإلا لشهدنا حروفا أخرى من وحي الخيال مما سيعيق النتصار الأمازيغية في نضالها السياسي والثقافي. إذن ف "لإيركام" يفتقد للشروط التي تخول له حق التصرف في اللغة الأمازيغية مادام لم يربط علاقات مع بلدان " تمازغا" لأن صحة وصلاحية الأمازيغية في شموليتها وليس في تجزئها . القناة... مثل الأسماء الأمازيغية فشل آخر يسجله التاريخ لمؤسسه بوركوس، وهو عجز مسؤولي المعهد عن تأسيس إقليميا أول قناة أمازيغية على مستوى المغرب والثانية إقليميا، وهي القناة التي ستؤجل بسقوط ما تبقى من حكام القناتين الأولى والثانية، كون أغلب المغاربة ينتظرون على أحر من الجمر أول ساعة بث للقناة. كل هذا يبقى حلما فقط ما دامت الحكومة والمعروفة بعدائها للأمازيغية وفقة مؤسسة "الهاكا" تعملان ما بوسعهما لإفشال مشروع إطلاق قناة أمازيغية. أما "المندوبية" في الجزائر فعلى الأقل استطاعت أن تخرج للحياة أول قناة أمازيغية في شمال إفريقيا والتي عرفت نجاحا كبيرا رغم أنه لحد الآن مازالت تبث في إطار التجريب. هكذا إذن أعلن الأمازيغ في الجزائر طلاقتهم للتلفزيون المشفر والذي استحال على سكان شمال إفريقيا الاشتراك فيه، كونه يعتمد اللغة الفرنسية أكثر من الأمازيغية، وبالتالي ف "الإيركام" فشل ثقافيا وإعلاميا وكذلك سياسيا لكونه لا يمتلك أية استقلالية وهكذا ما عراه واقع الأسماء الأمازيغية، فالمعهد لحد الآن لم يدافع عن أية قضية في ما يخص تسمية المواليد بأسماء أمازيغية، بسبب عنصرية الدولة المغربية تجاه كل ما هو أمازيغي الحركة الثقافية الأمازيغية تسرق النجومية من "الإيكرام" وإذا كان المعهد ق فشل على جميع الأصعدة، فإننا نسجل وبارتياح انجازات الحركة الثقافية الأمازيغية في الجامعات المغربية وكذلك وسط الفئات الشعبية. فرغم التعسف الذي يمارسه المخزن ضد مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية، استطاع هؤلاء المناضلين زرع الروح من جديد في الإنسان الأمازيغي، وما عليك إلا الخروج إلى الشارع لتسمع الأمازيغ يتكلمون بلغة الأجداد، هم الذين كانوا يخجلون من التحدث بها خوفا من الأستاذ، الشرطي والقاضي (...) ولا ننسى كيف خرجت المرأة الأمنية في تيليمي قبل سنتين غابضة ثائرة تتحدث عن السياسة والدكتور وكيف قطعت عشرات الكيلوميترات احتجاجا على التهميش، ولا ننسى سكان قبائل ايت بعمران الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل إخراج المستعمر فكان جزائهم اغتصاب وتعذيب نسائهم ورجالهم من طرف الدولة، ولا ننسى أيضا جماعات "الطوارق" التي تحارب ضد الأنظمة العسكرية القائمة بكل من مالي والنيجر، ولا ننسى أيضا صمود أمازيغ ليبيا أمام جبروت وديكتاتوبية مجنون العرب، دون ان ننسى ظهور اللبنات الأولى للحركة الأمازيغية بتونس. كان هؤلاء لم يكتب عنهم المعهد سطرا واحدا، وقد حان له أن يعيد النظر في سياسيته ولو على الأقل فيما يخص الثقافة الأمازيغية، إذا كانت الاختصاصات الأخرى خارجه عن إرادته، وإلا سيتغير اسم "الإيركام" إلى كلمة أمازيغية قدحية وهي "إيركان" إلى كلمة أمازيغية قدحية وهي "إيكران" (غير النظيف)، وهو اللقب الذي يستحقه إذا ما قيمنا حصيلة ال8 سنوات، تقييم سيرمي المِؤسسة إلى مزبلة التاريخ. عن المشعل