عاشت تاركيست التابعة لإقليمالحسيمة تهميشا ونسيانا وتقصيرا من قبل المسؤولين المحليين والإقليميين وأبنائها الميسورين وسياسييها، وتصدعات وصراعات سياسية ضيقة جدا، طغت عليها المصلحة الشخصية وغابت عنها المصلحة العامة. وبجولة قصيرة بأحياء المدينة، وتأمل خريطتها الطبوغرافية، تقف على هول التهميش الذي تقبع وراءه هذه المدينة، التي تستقبلك عند مدخلها بشموخ وكبرياء، قبل أن تكشف لك صورة سوداء عن واقع يوحي بأنك داخل سجن. ورغم الأهمية الجغرافية للمدينة التي تعد قطب الرحى الاقتصادي بالمنطقة وسوقا استهلاكيا مهما، فإنها مازالت تعاني ضعفا على مستوى البنيات التحتية، وكذا انعدام فضاءات الترفيه، خاصة دور الشباب والمنتزهات، وضعف الشبكة الطرقية واهترائها. وتنعدم بالمدينة ذاتها المرافق السياحية التي تستهوي الزائرين. وأكد مصدر من المدينة أن مافيا العقار بالمنطقة عمدت إلى طمس المعالم التاريخية للمدينة، إذ حولها إلى تجزئات عقارية أساءت إلى ذاكرة المنطقة ككل، خاصة الكنيسة الإسبانية ونادي الشباب، ما شكل حسبه ضربة قوية للسياحة بالمدينة. عاشت بلدية تاركيست صراعات سياسية بين المعارضة والمكتب المسير، نتج عنها تقديم سبعة أعضاء استقالتهم من مهامهم السنة الماضية. وكان الأعضاء عللوا ذلك بعدم تفعيل المشاريع التي أشرف عليها الملك محمد السادس والتراجع الخطير في مؤشرات التنمية القطاعية وشرعنة الفوضى والزبونية والمحسوبية، وعدم تقديم المجلس لأي مشروع تنموي يعود بالنفع على المدينة. بالمقابل، يوجه مصدر لومه للمعارضة التي كانت رفضت في وقت سابق الموافقة على برمجة الهبة المالية المقدمة للبلدية من طرف بلدية «ليغانيس» الإسبانية، ورفضها تحويل بعض الاعتمادات المالية بميزانية الجماعة لأداء فواتر الكهرباء والماء، وكذا امتناعها عن التصويت لفائدة تفويت قطعة أرضية تابعة لوكالة المساكن والتجهيزات العسكرية لبناء دار الثقافة بالمدينة. وانتهى الصراع بين الطرفين، بتراجع عضوين عن موقفهما المعارض، والتحاقهما بالمكتب المسير للمجلس. تعرقل اختلالات شابت عملية إحصاء المستفيدين، وإكراهات مالية، عملية ترحيل ما تبقى من سكان دور الصفيح بمدينة تاركيست، مما ينذر باستمرار البراريك في التجمع الصفيحي بالمدينة إلى أجل غيرمسمى. وأكد مصدر مطلع أن بعض الأسر التي استفادت من إعادة الإسكان في مرحلتها الأولى، وجدت نفسها عاجزة عن تسديد المبالغ المالية والدفعات المطلوبة للاستفادة من الشقق الجاهزة لفائدة البنوك، ما جعل الأخيرة تمتنع عن عملية منح القروض لما تبقى من الأسر، رغم الاجتماع الذي كان عقد أخيرا ضم ممثلين عن مجلس بلدية تاركيست ومؤسسة العمران والمؤسسة البنكية وباشا المدينة، وذلك بغية تسهيل المساطر في وجه المستفيدين. ويرى المصدر أن هناك تطورات سلبية يعرفها الشطر الثاني من مشروع إعادة إيواء قاطني دور الصفيح، من أبرزها المشاكل المرتبطة بالاقتراض من البنوك وعدم إحصاء كل الأسر المعنية، واستفادة بعض الأشخاص من أكثر من شقة، وتغيير الحالات العائلية لبعض الشباب، مضيفا أن هناك تباينا واضحا بين الإحصاء الذي تم سنة 2005 الذي شمل 213 أسرة وإحصاء 2007 الذي قلص عدد الأسر إلى 189. تقع المحطة الطرقية وسط مدينة تاركيست بين المساكن والمحلات التجارية. وتعاني المحطة إهمالا باديا على محياها مرتسما على قسماتها في عناد، وتكتشف أن بين هذا المرفق وبين النظافة عداوة. وتطرح المحطة الطرقية بالمدينة بعض المشاكل المتعلقة بالسير والجولان، ما يتسبب في اختناق الشوارع، وأصبحت لا تتماشى والمكانة التي تحتلها المدينة داخل إقليمالحسيمة. وتستقبل المحطة أعدادا مماثلة من الحافلات القادمة من مدن طنجةووجدةوالحسيمة والناظور، إلا أن ضيق الفضاء وتأثيرات التلوث والفوضى التي لازمت أجيالا عانت ويلات سوء تدبير شؤونها منذ عقود من الزمن، تبقى عوامل موضوعية للتعجيل بإحداث محطة جديدة. وعلم من مصدر مطلع، أن بلدية تاركيست تنتظر الانتهاء من مسطرة تسوية وعاء عقاري لإحداث محطة مجهزة ومستوفية لشروط الحافلات والمسافرين، وذلك بدعم من وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال. أكد مصدر أنه في إطار تأهيل مدينة تاركيست، فإن مجلس بلدية المدينة وبشراكة مع وكالة تنمية أقاليم الشمال والمكتب الوطني للماء والكهرباء ووزارة الداخلية والمديرية العامة للجماعات المحلية ووكالة حوض اللوكوس، سيقوم بتقوية الشبكة الكهربائية وبناء مركب تجاري بمواصفات حديثة وإعادة هيكلة السوق الأسبوعي وبناء مركب سوسيو ثقافي للإدماج ومركز لتصفية الدم، وذلك بغلاف مالي يقدر ب15 مليارسنتيم. وأوضح المصدر أن مجلس بلدية تاركيست وضع ضمن أولويات برامجه التنموية بالمدينة، العمل على إخراج المنطقة من جب النسيان والتهميش لتأهيلها.