الجزيرة.نت (بتصرف) محمد الطلحاوي بينما تتحرك الأحزاب اليمينية في أوروبا لتبني مشروعات سياسية تهدف إلى إلغاء تعليم الدين الإسلامي وإلغاء المدارس الإسلامية هناك، خلصت مقاربة حديثة عن التعليم الإسلامي في هولندا إلى أن هذا التعليم يترسخ بقدر تعايش المسلمين في أوروبا. جاء ذلك في كتاب صدر عن المركز الثقافي الاجتماعي في هولندا، وهو أول كتاب يتناول مقاربة بالأسس الاجتماعية لمناهج التعليم الإسلامي في أوروبا معتمدا التعليم الإسلامي في هولندا نموذجا. ويتناول أخصائي التعليم الإسلامي بهولندا محسن الزمزمي في كتابه السياق الثقافي الاجتماعي الذي احتضن نشأة وتطور التعليم الإسلامي، وقوفا عند مرحلة التأسيس وما صاحبها من حرص على المحافظة على الهوية للأجيال الأولى من المهاجرين، ثم ما تلاها من تحدي البحث عن الجودة للأجيال الجديدة. ويرى الكاتب أن مطالب هذا الجيل الجديد تغيرت ولم يعد يكفيه مجرد البحث عن الهوية، بل يطمح إلى تحقيق التمازج بين الحفاظ على الهوية والجودة التعليمية. بعد أن وصل عدد المسلمين في أوروبا الى حوالي 30 مليون مسلم، أصبحت هناك مطالبات ملحّة من جانب الجالية الإسلامية في الغرب بتدريس التعليم الإسلامي في المدارس؛ حتى يتمكن أجيال المسلمين من الحفاظ على الهوية الإسلامية وحمايتهم من الذوبان في الهوية الغربية، غير أن مطالبة المسلمين بتدريس التعليم الإسلامي لم تمر بسلام وهدوء، وصاحبتها صعوبات جمة. وكان من أبرز هذه الصعوبات: عدم الاعتراف بالدين الإسلامي في كثير من الدول الأوروبية، ولكن بمزيد من الإصرار والضغوط المستمرة من جانب مسلمي أوروبا، اضطرت العديد من الحكومات الغربية إلى وضع اللتعليم الإسلامي ضمن أولوياتها شرط الاندماج داخل المجتمع الهولندي والمساهمة في تطويره. من بين المبادرات الطيبة لترسيخ التعليم الإسلامي نجد مدرسة أبو داوود بحي زاولن بمدينة اوتريخت الهولندية نموذجا يتحدى به، تعد هذه المدرسة الأولى من نوعها بالمدينة حيث أنشأت عام 1993 عن اسس اسلامية بواسطة الآباء المسلمين الذين كان شغلهم الشاغل إمكانية ترسيخ التعليم والتربية الاسلامية لأبنائهم. ولابد من ذكر الدور الريادي الذي لعبه الفاعل الجمعوي عبد الرحمان بولقصيل احد الآباء المغاربة الناجحين من الجيل الاول الذي أخذ المبادرة بتأسيسه لجمعية التعليم الإسلامي باوتريخت الذي اهتم كثيرا بمستقبل أبناء الجالية المغربية بهولندا وتطوعه الغير المنقطع والفعال في تسيير مدرسة أبي داوود وخلق هيكلة إدارية تحوي أطر مغربية وهولندية خاصة تعيينه بمعية أعضاء المؤسسة لإطار مغربي مديرا لها وهو عزيز ادهشور المعروف بتجربته وكفائته في المجال التربوي والتسيير الاداري.